أهلا وسهلا بالأخ سمـير صـباح
كتب آلأخ سمير يسأل :” عندنا في آلمسيحية ، هل يحُّقُ لنا أن نشربَ آلخمـر” ؟
لو بشَّركم ملاك بغير …!
دستور آلمسيحي هو آلعهدُ آلجديد، مصدرُ إيماننا وضمانُ صِحَّةِ سلوكنا. وآلمسيحيةُ حياةٌ تُعاش قبل أن تُكتب وتُقرأ. هكذا قال يسوعُ آلمسيح:” الروحُ هو الذي يُحيي …وآلكلامُ الذي كلمتكم به هو روحٌ وحياة ” (يو6: 63). ورسلُ آلمسيح وتلاميذُه علموا آلناس كيف يحيون ويسلكون على مثال آلمسيح قدوتنا، قبل أن يكتبوا عن حياة يسوع ويُسَجِّلوا تعليمه. فأصبح آلرسلُ وتعليماتهم نورًا لنا يهدينا إلى سبيل آلمسيح. حتى قال رسولُ آلأُمم، مار بولس :” لو بشَّرناكم نحنُ أو بشَرَّكم ملاكٌ من آلسماء ببشارةٍ غيرِآلتي بشَّرناكم بها، ليكن مَلعونًا “(غل 1: 8). فآلمسيحي لا يشُّكُ في صحَّةِ سلوكه إن كان مطابقًا لتعليم آلعهد آلجديد رغم عاصفةِ إنتقادِ آلجهلة بتعليم آلمسيح، كلمة آلله.
ما في آلكتاب !
قبل كلِّ شيء ما خلقه آللهُ هو” كلُّه حَسَنٌ جِدًّا ” (تك1″ 31). وآلخمر ثمرُ آلعنب. وقال آلله : “أُعطيكم كلَّ عُشبٍ … وكلَّ شجرٍ يحملُ ثمرًا فيه بزر، هذا يكون لكم طعامًا “(تك1: 29). وقال سفر آلمزامير:” وآلخُضرةُ لخدمة آلبشر. فيُخرجون قوتًا من آلأرض. خمرًا تُفَرِّحُ قلبَ آلأنسان. وزيتًا يجعلُ وجهه مُشرِقًا. وخُبزًا يَسندُ به قلبَه ” (مز104: 14-15). ولمَّا أخذَ ملكيصادقُ، كاهنُ آلعلي، آلعُشرَ من إبراهيم (عب7: 2) قدَمَّ لله قربانًا ” خُبزًا وخمرًا ” (تك 14: 18). وكان شعبُ آلله يشربُ آلخمرَ في تناول آلفصح. وقد شربَها يسوعُ لآخر مرَّة مع تلاميذه قبل آلكأس آلثاني الذي حوله الى دمه (لو22: 17-20). وآلمسيحُ يسوع شرب آلخمرَ مع تلاميذه في عرس قانا آلجليل. بل أكْثَرَ من ذلك كانت أولى معجزاته أنه حوَّلَ في ذلك آليوم ألماءَ إلى آلخمر ليشرب ضيوفُ آلعريس ويَهنأوا (يو2: 2-11). وكتب مار بولس لتلميذه طيمثاوس يوصيه :” لا تقتصرْ بعد آليوم على شرب آلماء، بل إشرَبْ قليلا من آلخمر من أجل مَعِدَتِك وما ينتابُك من أمراض” (1طيم5: 23).
إصنعوا هذا لذكري !
ولو كان آلخمرُ سَيِّئًا لما تناوله آلرب يسوع ، وكيفَ كان يُحَّولُ آلماءَ إليه، ويُحَّولُه هو إلى دمه ذكرى لذبيحته، ويُعطيه لنا في دمه حياةً إلهية تُقَدِّسُنا وتسنُد جهادَنا ضِدَّ آلشر؟. فالخمر بذاته عاملُ فرح يُنعشُ آلحياة كما قال آلمزمور. خلقَ اللهُ آلإنسان في فردوس ليحيا في مجد وهناء وسعادة، لا في آلتعاسة. وزَوَّده بالعقل ليستعملَ كلَّ ما خلقه آلله ليحيا بالراحة. وإن كان ألخمرُ صورةً مختلفة للعنب، لكنَّ آلعنبَ خلقه آلله، فهو جَيِّدٌ بذاتِه. ولكن قد يتحَوَّل إلى نتائج سلبية لأسبابٍ أُخرى : سوءِ نوعيته، أو سوءِ إستعماله، لآسيَّما بكثرة فوقَ آلقابلية آلخاصّة، فيُؤَّدي إلى آلسُكر. وهذا ما ترفُضُه آلمسيحيةُ وتستنكرُه. وهذا لا يُقاوَمُ بشريعةٍ ردعية، ولا يُعالجُ بسُنَّةٍ دينية، بل بتربيةٍ ثقافيةٍ صحيحة وافية ليتعَلمَ آلمرءُ أن يتقيدَ بحدود آلمعقول الذي يخدم، وألّا يستعملَ خيراتِ آلله بطريقةٍ سَيِّئةٍ تُقَلِبُ آلنتائج.
لا تسكروا بالخمرةِ !
لم يقل” لا تشربوا ” بل فقط ” لا تسكروا “، وأضاف ” لأنَّ فيه آلخلاعةُ. بل إمتَلِئوا بالروح ” (اف5: 18). وهكذا سهرتْ آلمسيحية على أن تُنَّبهَ إلى ذلك وتدعوَ آلناسَ إلى آلتعامل مع شرب آلخمر بشكلٍ يحمي كرامةَ آلإنسان نفسه، ويضمنُ الحياةَ آلسعيدة للعوائل وآلمجتمع عامَّةً، ويُقَللُ من آلام آلبشرية بسبب آلسُكر، آلناتج عن آلجهل وآلأنانية وخاصّةً آلشراهةَ غيرَ آلمُنضَبَطة. فنبَّه مار بولس إلى سوء آلسكر وإلى تأثيره، فمنع رسم أُسقفٍ أو كاهنٍ أو شماس وهو إنسانٌ :” سكّيرٌ وغير عفيف .. أو مُدمنٌ للخمرَ” (1طيم3: 3 و 8؛ طي1: 7؛ 2: 3). كما نهى مار بطرس آلمؤمنين عن آلسكر قائلاً :” كفاكم ما قضيتم من آلوقت في مُجاراةِ آلأمم، سالكين سبيلَ آلدعارة وآلشهوة وآلسُكر وآلخلاعة..” (1بط4: 3). ومع آلنهي عن آلسُكْر وسوءِ آلأخلاق يدعو الرسول الى : ” لنسلك كما يليق آلسلوكُ في آلنهار: لا عربدةٌ ولا سكر، ولا فجورٌ ولا فحشٌ، ولا خصامٌ ولا حسد. بل تسَلَّحوا بالرب يسوع ..” (رم13: 13-14؛ غل5: 19-21).
فبناءًا على كل ما تقَدَّم لا تُحَّرمُ آلمسيحيةُ آلخمر بذاته. يحُّق للمسيحي أن يشرب آلخمر و يتمتَّعَ بنشوتِه وإنعاشِه. ولكن تُحَّرمُ آلسُكرَ، أي سوء إستعمال آلخمر، وآلإساءة بالنتيجة إلى آلذات أو إلى آلآخرين. كُلُّ شيء في آلحياة له حدود وقياسات ، يجب أن يتقَيَّد بها آلإنسان لكي يستفيدَ مما يستعملُه ويُفيدَ آلآخرين.