أهلا وسهلا بالأخ عمــاد شـــيخو
قال الأخ عماد بأنَّ إنسانا عاش حياته يسمع ويُطّبقُ وصايا الله والكنيسة على قَدَرِ ما يقوى عليه. وإنسانٌ عاش حياته يُمَّتعُ نفسَه بكل ملذات الدنيا، وأكلَ حقوق الناس. ولمَّا شبعَ من كل الملذات ({ وهل يشبع؟ متى ؟}) تذّكرَ اللهَ وقرَّر التوبة. فالسؤال :
# هل يُسامحُ الله هذا الأخير ويتساوى مع الأول الذي عاش بآستقامة ؟
## قال الرب : صلوا بلا آنقطاع. فـهل تقتصر صلاتنا فقط على ” أبانا الذي” ؟
# المســاواة
أيُّ علاقةٍ للنـور بالظلمة !
إعترض اليهود على يسوع لأنه كان يأخذ ويعطي مع العشَّارين الخطأة والوثنيين مساويًا بذلك بينهم (متى9: 11). بل حتى المسيحيون الأوائل إنتقدوا بطرس لأنه دخل بيت روماني وثني وعمذ أهله، ولم يهدأوا إلا لما عرفوا أنَّ الله قد ” ساوى” بين كل البشر(أع11: 11-17)، لأنه ” يريدُ أن يخلصَ جميعُ الناس”(1طيم2: 4). ولكن هناك مساواة ومساواة. أمَّا أن يدعو الله كل البشر الى الخلاص فلا غرابة في ذلك لأنه خلق الأنسان في جنةٍ للسعادة. وأما أن يُسامحَ الله الخاطيءَ التائب فهذا لا شكَّ فيه. دعا المسيح الناس الى التوبة لأنه لا يريدُ هلاك أحدٍ بل خلاصه :” إنَّ الله لم يرسل إبنه الى العالم ليحكمَ على العالم بل ليُخَلِّصَ به العالم”(يو3: 17). وقال في موقف آخر:” ما جئتُ لأدعو الأبرار بل الخاطئين “(متى9: 13).
هذا لا يعني أنَّ الله لا يُمَّيز بين الأبرار والأشرار ولا أنه يُهملُ حقوقَ الأبرار. بل يعني فقط أنْ لا يريدُ الله الهلاك لأحد وأنه يُعطي الفرصة لمن يخطأ بأن يتوب ليخلص لأنَّ جميعَ الناس أولادُه. و نقدر أن نكتشفَ أن كل الناس أبناؤه في خبر شفاء إبنة الكنعانية وابن قائد المائة مثل شفاء مرضى اليهود. كما نقدر أن نتبيَّن مساواة البار والخاطيء في محبة الله في قصة الأبن الضال الذي قبله أبوه عندما تاب ورجع اليه وأعاده الى مرتبة الأبن دون أن يكون قد ظلمَ أو أهملَ إبنه الكبير الذي لم يخطأ. ولا عنى أنَّ قبوله للأبن الضال يجعله مساويا لأخيه البار، أى يضعهما الأب على نفس المستوى. وقد إفتهم الأبن الكبير كذلك فعلاً فآعترضَ ، مثل الأخ عماد ، على تصَّرف والده فأجابه الوالد :” أنت معي دائمًا. وكلُّ ما هو لي فهو لك” (لو15: 31). وكأنه يقول: كلاكما أولادي، وأحبكما بالتساوي، لكن مقامكَ عندي أسمى من مقام أخيك.
وهذا يدُّلُ على أنَّ الوالد لم يساوِ بين إبنيهِ. وإن كان قد إحتفل بعودة ابنه الضال وأعطاه فرصة جديدة للحياة الكريمة ،” كان ضالا فوُجِد ومَّيِتًا فعاش” ، وهي فرصة للفرح وتشجيع التائب لئلا ييأسَ. ولو كان قد عبَّسَ وجهه نحوه وعاتبه وقاصصه فطرده لما فكر غيرُه أن يتوب. سامحه الوالد وشجَّعه على عودته وأعطاه ضمانا للحياة ، لكنه لم يوعده بوراثةِ ماله. في حين أكَّدَ للأبن الصالح أنه هو يرثُ أملاكه. والأبُ رمز لله بينما الأبنان رمزان أحدهما للبر والآخر للشر. هكذا لا يساوي الله بين الأبرار والخطأة التائبين. وقد سأل بطرس يسوع مرَّةً قائلاً : ” قد تركنا نحن كل شيء وتبعناك ، فماذا يكون جزاؤُنا “؟. أجابه يسوع :” متى جلس ابنُ الأنسان على عرشِ مجده … تجلسون أنتم ايضا على إثني عشر كرسيًا ، لتدينوا أسباط اسرائيل الأثني عشر … ومن تركَ أحدًا أو شيئا من أجل اسمي ، ينال مائة ضُعفٍ ويرثُ الحياة الأبدية”(متى19: 27-29). جزاؤُهم يختلفُ ،كما نرى، عن بقية سكان السماء القديسين، لأنَّ جهادهم يختلف.
لا يساوي الله حتى بين القديسين ولا يجعلهم في نفس المرتبة كما قال سفر الرؤيا:” فالذين لم ينكروا المسيح وآستشهدوا من أجل أسمه ، الأبكار، هؤلاء هم الذين يصحبون الحمل كيفما سار… هم الذين لا عيب فيهم ” (رؤ14: 3-5). لن يساويَ الله إذن بين القديسين والاشرار التائبين إلا إذا بلغ التائبون في محبة الله مرتبة القديسين!. لا يقوم تكريم الله للناس وتقييمُهم على الفرق بين من أخطأ ولم يخطأ. بل يقوم على مستوى المحبة التي يصل اليها الأنسان كان بارًا أو تائبا. فمار بولس إضطهد المسيحَ نفسَه (أع9: 4)، والمجدلية كانت قد باعت نفسها لشياطين الفساد (لو8: 2) ، لكنهما لما عرفا يسوع أحباه فوقَ ما نتصور فأصبحا من أعظم القديسين. كذلك بطرس نكر يسوع لكنه تاب ” و بكى بكاءًا مُرًّا ” (متى 26: 75) فلم يخذله يسوع بل ثبَّته في رئاسةِ الكنيسة (يو21: 15-17).
## الصـــلاة
هل نُصَّلي “أبانا الذي ” فقط ؟
إنَّ الصلاة الربية نموذجٌ للصلاة الحَّقة التي تبدأ بتسبيح الله وتمجيده قبل عرض الطلبات الخاصة. أفضل الصلاة هي تقوية العلاقة الحميمة مع الله. ولهذا قال يسوع لتلاميذه ،” لا تهتموا وتقولوا: ماذا نأكل ؟ وماذا نشرب؟ وماذا نلبس؟”؛ أى لا تكن صلاتنا قائمة مسواق لحاجاتنا المادية فقط مثل الوثنيين؛ بل” أطلبوا الملكوت وبِرَّهُ قبل كل شيء، تُزادوا هذا كله” (متى6: 31-33). تبقى الصلاة الربية أقدس وأفضل صلاة. لكن الرب يسوع لم يقل” صلوا هذا فقط”!. بل قال ” صلوا هكذا”، أى بهذا الشكل رافعين أولا فكركم وقلبكم نحو الله وبعده إسألوا حاجتكم وآعرضوا مشكلتكم وآطلبوا أخيرا حمايته لأنَّ عدوَكم عاتٍ وقاسٍ ورهيب ، وأنتم ضعفاء إزاءَه وقد يغلبكم بدون عون الله.
وقد سجَّل أعمال الرسل أول صلاة جماعية وعلنية ورسمية للرسل لم يتلوا فيها أبانا الذي بل قالوا :” ربَّنا يا من يعلمُ قلوبَ الناس أجمعين، إكشِفْ لنا من إخترتَ من هذين الرجلين ـ يوستس ومتياـ ليقومَ بالخدمة والرسالة مقام يهوذا “(أع1: 24-25). وثاني صلاة سجلها هي :” ربنا أنت صنعتَ السماء والأرض والبحر.. وأنت قلتَ كما أوحى الروح القدس الى أبينا داود …فقد تحالف في هذه المدينة هيرودس وبيلاطس والوثنيون وأسباط اسرائيل على فتاكَ يسوع .. فآنظر الآن الى وعيدهم، وأتحْ لعبيدِكَ أن يعلنوا كلامك برباطةِ جأش، وآبسط يدَكَ لتأتي بالشفاء والآيات …”(أع4: 24-31). في كلتا الصلاتين إختلفت المطاليب عما ذكرته الصلاة الربية. وآختلفَ حتى تمجيد الله في بدء الصلاة. مع أنَّ الرسل أدرى منا بما علمه يسوع. الصلاة الربية صلاة نموذجية عامة لا تعارضُ الصلاة الفردية الخاصة بل تصقُلها وتفتح لها سبيل الأنطلاق.
ونعلمُ أنَّ صلاة الكنيسة ” الطقسية ” تحوي في أغلبها الصلاة الربية مع صلوات خاصة بالمناسبة والحالة والحاجة القائمة. ويوصي مار بولس أسقفَ أفسس، تلميذه طيمثاوس، بأن ” يُقام الدعاءُ والصلاة والأبتهال والحمد من أجل جميع الناس ومن أجل الملوك وسائر ذوي السلطة لنحيا حياة سالمة مطمئنة بكل تقوى وكرامة. فهذا له وقعٌ حسنٌ عند الله مُخلصِنا، فهو يريدُ أن يَخلُصَ جميعُ الناس ويبلغوا الى معرفة الحق “(1طيم 2: 1-4). مع العلم كان ذوو السلطة أعداءَ المسيحية ويضطهدونها!.