أهلا وسهلا بالأخ ريــبوار داود.
تأمل الأخ ريبوار ما جاءَ في الكتاب عن الذبائح وتُقَّربُ، بحسب رأيه، من أجل طِلبةٍ معَّينة. ثم فرأ ما جاءَ في الأنجيل أنَّ الله أرسلَ إبنه ليُخَّلص العالم من الشر، وأضافَ ريبوار ” لا ليُرضيَ نفسَه “. ثم تابعَ قوله : “هل أرسلَ إبنَه لكي يُرضيَ نفسَه بالذبيحة؟. لا أجدُ توافقًا بين الذبيحة وصلب المسيح!. في حين كانت الذبيحة لأرضاءِ الله. فهل من المعقول أنْ يُسَّلمَ إبنَه للموت من أجل إرضاءِ نفسِه “؟. وفي الأخير تساءَلَ :
1- هل كان اللهُ مُحتـاجًا إلى ذبائحَ لأرضــائِه ؟
الـذبيحــة !
كي نفهمَ المعنى الحقيقي للذبيحة نقرأ عنها في سفر اللاويين الذي يطلبُ الذبيحة :” إذا قرَّبَ أحدُكم قربانا للرب … يضعُ يدَهُ على رأس المُحرَقة ، فيقبَلُها الرَّبُ منه تكفيرا عنه” (أح1: 2-4). بما يعني أنَّ الذبيحة ليست إرضاءًا للرب بقدر ما هي ” تكفيرا عن ” ، عِوَضًا عن ، حياة الشخص الذي يُقَّربُها. وكأنَّ ذلك الأنسان مدينٌ بحياتِه للرب فيشتريها منه بذبيحة. هنا يبدرُ السؤال الى الذهن ” هل الأنسانُ مدينٌ لله بحياتِه” ؟. ويتبعُه سؤال آخر” وهل يستطيعُ أن يشتريَ الحياة “؟.
حتى نجد الجوابَ عن هذه الأسئلة نرجعُ الى بطون الكتاب والى بدايات حياة الأنسان. حياة الأنسان آتية من حياة الله وقد تقاسمها مع الأنسان عندما نفخَ من روحه الحياة في الأنسان (تك2: 7). و لمّا ركبَ الأنسانُ فكره للقضاء على الحياة حَّذره الله ، ولما إنتهكَ حقَّ الله في الحياة حاسبَه وطالبَه بها وعاقبه ليكون درسًا لمن يعتدي على الحياة. ولمَّا تشَّكى ابراهيم بمرارة أمام الرب ” ما رزقتني نسلا” (تك15: 3) وعده الرب بنسل من صلبِه. ولما ولد اسحق وكبرطلب منه الرب أن يرُّدَ له تلك الحياة ، لأنه هو مصدرها وصاحبُها، فيذبح له اسحق كما كانت تفعل بعض الشعوب إعترافا منهم بسيادة الله على الحياة وحمايته لها. فيُقربون أحد أفراد الأسرة أو العشيرة تكفيرًا أو تعويضا عن حياةِ الباقين. كانوا ” يُرضون الله ” حتى لا يُسيءَ اليهم بل يحميهم. أما الله فلم يرضَ بذبيحة بشرية بل أعطى كبشا لأبراهيم ليقربه ذبيحة عوضا عن ابنه (تك22: 12-13)، وعَّلمَ الأنسانية بذلك أن يُفدوا حياتَهم بتقريب حياة الحيوانات عوضًا عنهم. وقد فدى اسرائيل أبكاره بذبيحة حمل الفصح (خر12: 12-13).
إعترافا منهم بسيادة الله على الحياة وحمايته لها. فيُقربون أحد أفراد الأسرة أو العشيرة تكفيرًا أو تعويضا عن حياةِ الباقين. كانوا ” يُرضون الله ” حتى لا يُسيءَ اليهم بل يحميهم. أما الله فلم يرضَ بذبيحة بشرية بل أعطى كبشا لأبراهيم ليقربه ذبيحة عوضا عن ابنه (تك22: 12-13)، وعَّلمَ الأنسانية بذلك أن يُفدوا حياتَهم بتقريب حياة الحيوانات عوضًا عنهم. وقد فدى اسرائيل أبكاره بذبيحة حمل الفصح (خر12: 12-13).
حـاجةُ مَن الى الذبيحة ؟
إنَّ الله لا يحتاجُ الى الذبيحة. بل لا يرضى حتى عن ذبيحة / موت الخاطيء بل مشيئته أن يتوب ويحيا أمامه (حز18: 23). بل لمْ يرضَ حتى ولا عن ذبيحة الحيوانات للتكفير عن الخطايا “لأنَّ دمَ الثيرانِ والتيوس لا يستطيعُ أن يُزيل الخطايا “(عب10: 4-6). لأنه لم يكن الله هو الذي خسر الحياة أو سعادته وراحَته. بل الأنسان بعدم سماعِه قول الله وحفظِه. فكان بحاجة الى أن يحُّسَ بأنه قد أخطأ ضد محبة الله العظيمة وخسرَخيرا كبيرا لا يُعَّوض وعليه أن يُصلحَ حالَه ويستعيدَ صداقتَه مع الله. الأنسان تبعَ شهوَته ورفضَ طاعة الله. فكان يجبُ على الأنسان أن يكسرَشهوتَه ولا يتبعها بل أن يُصغيَ الى الله ويطيعَ كلامَه. ولهذا قال يسوع عند تجسُدِهِ :” لم تشأ ذبيحة ولا قربانا… فقلتُ حينئذٍ هاءَنذا آتٍ لأعملَ بمشيئتِكَ” (مز 39: 7-9؛ عب 10: 5-7). فعلا لمْ يرضَ الرب بذبيحة شاول الملك بقدرما إنتظرَ طاعته. فقال ” الطاعة خيرٌ من الذبيحة ” (1صم15: 22).
وكانت الأنسانية غارقة بسلوك طريق شهواتِها رافضة الإمتثال لمشيئة الله. وجاءَ المسيح ” الى الخراف الضالة ” ليُعيدَها الى حظيرة الآب. فآعترفَ بآسم الإنسانية بخطأها وكَّفرَ عنه بالطاعةِ لله. وكانت طاعتُه لا أن يموت على الصليب ذبيحة حية بل أن يسلك طريق الحق والمحبة ويُعَّلمها. طلبَ منه أن لا يبحثَ عن راحتِه وحقوقِه بل عن فرح الله بتوبة الخطأة وعن خلاص الأنسان بطاعتِه لكلام الله. فأطاع يسوع. أما العالم فرفضه وقضى عليه ليتخلصَ منه. لكن يسوع ثبتَ في الحق وصمَد في المحبة حتى لأعدائه وحتى على الصليب ،وبذلك أرضى الله أي صار مصدر آفتخار فغفر للبشرية خطاياها بآستحقاقِ طاعة المسيح. رضى الله هو أنْ يسلك الأنسان الطريق الصحيح. والطريق الصحيح للأنسان أن يثقَ بالله و يتبع إرشادَه. وهذا ما فعلته الأنسانية في شخص يسوع إبن الله الحي. فرضى الله لا يزيد ولا يُنقِصُ فيه شيئًا، إنما يُغَّيرُحياة الأنسان الى الأفضل والأكمل. وكما يفرح الله بتوبة الخاطيء هكذا يفرحُ ويرتضي عمن يُصغي اليه ويتبع مشورته ، لأنَّ الله وحدَه يعرفُ منفعة الأنسان الحقيقية ، و وحده يقدر أن يحققَها له. وحتى يفعل الأنسان ذلك كان يجب أن يذبحَ إرادتَه الخاصة لتتحقق إرادةُ الله ويتحَّققَ بالتالي خيرُه هو الأنسان.
يكتبُ الرسول الى العبرانيين ويقول:” يكادُ كلُ شيء في حكم الشريعة يُطهَّر بالدم ، وما من مغفرةٍ بغير إراقةِ دم…فالأمورُ السماوية نفسها يلزمُها أيضا أن تُطَّهر بذبائحَ أفضل من تلكَ. .. وظهر المسيحُ مَرَّة واحدة لما حان الوقت ليزيلَ الخطيئة بذبيحةِ نفسِه.. فقَّربَ نفسَه مرَّة واحدة ليُزيلَ خطايا جماعةٍ كثيرة..”(عب9: 22-28). ليسَ الموضوعُ إرضاءَ الله. بل هو إصلاحُ ذات الأنسان ،”غفرانُ خطيئتِه ” بآبتعادِه عن الله. والآن يعودُ فيتمتع بما كان يتمتع به في البدء. وهذا يرضي الله ويُفَّرحُه لأنَّ الأنسان إستعادَ كرامتَه وضَمن حياتَه للأبد. لقـد أحَّبَ اللهُ صورَته ، وأحَّبَ الأبنُ خاصّته إلى أقصى حَّد حتى” لم يعُّد مساواتَه لله غنيمةً بل تجَّرَد من ذاتِه متّخذا صورة العبد .. وضعَ نفسَه وأطاع حتى الموت ..”(في2: 6-8)، باذلا نفسَه برضاه، دون أن يُجبرَه على ذلك أحد ليَرتجعَ خرافَه (يو10: 15-18). قبلَ الله تحَّديَ الشر لكنه سحقه إذ غلبَ إبنُه العالم (يو16: 33)، وحكمَ على سَّيدِ هذا العالم (يو16: 11). وهذا أمرٌ يرضي الله أن تكون صورته قد تحَّررت من قبضةِ ابليس. فلم يُسَّلم اللهُ إبنَه للموت إرضاءًا لنفسِه. ليس الله وحشًا ليرتاح الى الدماء. إنه حُّبٌ بذل نفسَه من أجل الحبيب. لذا فهو يفرحُ بآنتصار الحق على الباطل وسيادة الحب والسلام في الكون على حساب الكراهية والحقد والأرهاب.