أهلا وسهلا بالأخ أمجد تـوما
كتب الأخ أمجد يسأَلُ ، ثانية ً :
” لماذا لا نرى ، في الكنيسةِ الكاثوليكيةِ ، توضيحًا وشرحًا كافيًا عن حقيقة ” آلآختطاف” الذي تكَلَّم عنه آلرسل في رسائلهم، وأيضًا في رؤيا يوحَّنا “؟.
لا نـرى ؟
قد يكون الجواب المباشر والسريع :” هل نظرنا ” ولم نرَ ؟ هل بحثنا ولم نجد؟ هل سألنا ولم نلقَ الجواب ؟”. والقصد : هل الخلل والتقصير في آلكنيسة أم في المؤمنين الذين ” طلقوا المطالعة ، وأهملوا تثقيفهم الذاتي عن إيمانهم”، وأداروا ظهرهم عن تعليم الكنيسة وصاروا يُطالبونها أن ترضعهم حتى لو لم يتقدَّموا ليَرضعوا؟. بل صاروا كلَّ ما سمعوا بفُتاتٍ يُلقيها غريبٌ تعَجَّبوا بها وآنبروا يُغَّطّون تقاعسهم عن واجبهم برمي حجرالتُهمة على الكنيسة؟. لا أكتبُ إتّهامًا بل بسبب الألم لِما يجري. الكنيسة وعُلماؤُها ما يزالون مستمِّرين على إيصال كلام الله وأحداث الخلاص، ويبذلون الغالي والنفيس، المال والجهد وحتى الأرواح ، بلقاءاتهم ومواعظهم ومنشوراتهم وكتبهم ومحاضراتهم وندواتهم ليُنيروا أذهان المؤمنين بالحقائق الأيمانية. أمَّا آلواقع، فـنفرٌ قليلون يستمعون ويقرأون ويسألون ويُناقشون ويتابعون تعليم الكنيسة. فكيف يتنوَّرون من كنز إيمانهم إذا لم يبادروا فيجتهدوا في تثقيف ذواتهم؟. وكيف يدخل إليهم تعليم الكنيسة وأبوابهم مغلقة؟. أعتذر إِن كان كلامي قاسيًا قليلاً. لكن ألمي من تقاعس شعبي في آلآهتمام بتزيين حياته وإضرام نور إيمانه يجعلني أدعُ دموع قلبي تنهمر، لربما بكائي يوقظـُ أعزائي ؟.
الأختطاف !
هناك عشرات السلاسل تختَّصُ بدراسة الكتاب المقدس. وبنوع خاصّ بسفر الرؤيا الذي ينقل ما كتبه الرسول يوحنا عما رآه في” إنخطافه “. أخبر عما رآه وسمعه ” من المسيح أو من ملاكه “، عمَّا يدور حول أوضاع الكنيسة وعمل الله لعضدها، ومصيرها مستقبلاً إزاء إضطهاد العالم لها، حتى مجيء المسيح الثاني في نهاية العالم. بين يدَيَّ كتابان من سلسلة واحدة فقط ، نُشرَتْ بهمَّة الرابطة الكتابية،” دراسات بيبلية ، رقم 11 و15، للسنين 1995 و 1997 “. وتشرح الدراسات ماهيةَ الرؤيا ورموزَ الكتاب وما تحَّقق منه تأريخيًا ، و ما يستمرُّ و يتحَقَّقُ عبر الأجيال ، كل شيءٍ في أوانه ، إلى أن يتم الكل. أمَّا ما رآه بطرس أو بولس أو حننيا، أو غيرُهم من الرسل، من الرؤى التي ذكرها سفرُ أعمال الرسل أو رسائل مار بولس، فـلا تحتاجُ الى شرح وتفسير لأنها واضحة، ويذكر الكتابُ نفسُه كيف تحَقَّقت. يكفي مطالعتها. ولمطالعتها يكفي إقتناءُ نسخةٍ من الكتاب المقدس، وهو متوَّفر في السوق، يكفي شراؤُه وقراءَتُه.
الرؤى السماوية لم تنقطع !
قال الكتاب عن رؤيا مار بطرس أنَّه ” وقع في غيبوبة، ورأى السماء مفتوحَةً ..” (أع10: 10-11). والغيبوبة ليست نومًا ، إنَّما إنقطاعُ الرائي عن الحواس ، فلا يتأثَرُّ بها، إذ يرفعُه الله الى المستوى الألهي الروحي. لأنَّ الله يتحدث الى الرائي ، مباشرة بقوة الروح القدس ، أو عن طريق رسول له ، ويُبَّلغه رسالةً سماوية. الرائي وحده يتفاعلُ مع الرؤيا دون غيره من الحضور، كما قال الكتاب عن رؤيا بولس على طريق دمشق (أع9: 7).
وكما حدث في ظهورات مريم العذراء في فاطمة أو لورد. أراد طبيبٌ نفساني أن يتأكَّدَ من صحة الرائية برناديت في لورد ، إِذ إعتقد أنها تُهَلوسُ ، فرافقها الى موقع الرؤيا. ولمَّا حضرت العذراء وآنخطفت برناديت أخذ الطبيبُ شمعةً معه أَشعَلها ثم وضعها تحت يدي برناديت المضمومتين ليرى هل تشتعل أم لا. ولدهشته لا إحترقت اليدان ولا أحَسَّتْ بها برناديت ، فلم تسحب يديها. وبدا وكأن لا تأثير للنار عليها. مع أنَّه ظل هكذا لفترة كافية لأن تحرقها. ثم سحبَ الشمعة المشتعلة قبل نهاية الأنخطاف.
ولما آستعادت برناديت حالتها الطبيعية أعاد الطييب إختباره. لكن برناديت سحبت يدها من فوق النار وآعترضت على الطبيب قائلة :” أَ تريد أن تُحرقني”؟. إفتهم الطبيب أنها كانت أثناء الإنخطاف في حالةٍ تفوقُ آلطبيعة. لقد أخرجها الله عن النظام آلطبيعي الفيزيائي ، و صارت كأنها روح في السماء تتحاور مع مريم العذراء. سمع الناسُ دمدمتها دون أن يفقهوا منها شيئًا، لكنهم لا رأوا محاورها السماوي ولا سمعوا صوته. قد عَبَّرَ ما بولس عن هذا الحالة قائلاًا :” أعرفُ رجلًا { يعني نفسَهُ } ، مؤمنًا بالمسيح، خُطفَ الى السماء.. أَ بِجَسَدِه أم بغير جسده؟. لا أعلمُ. الله يعلم ..وسمع كلامًا لا يقدرُ بشرٌ أن ينطقَ به ..” (2كور : 1-4). وسبق فعَبَّرَ، في العهد القديم حزقيال النبي، عن آلإنخطاف قائلاً :” ثمَّ رفعني الروح فسمعتُ .. ثم قال لي الرب : جعلتُكَ رقيبًا على بيت إسرائيل فآسمع كلامي و أنذرهم عني ..” (حز3: 12-17).
فالرؤيا رسالة سماية مباشرة غير مغَّلفة بأسرار، وآلإختطاف هو رفع الرائي الى المستوى الروحي في العالم الألهي. ورسالة الرؤيا تخُّصُ إمَّا الرائي مباشرة لتكليفه بخدمة مثل حزقيال أو مار بولس (أع9: 6 و15) ، أو البشرية كلَّها مثل حالة سفر الرؤيا أو ظهورات مريم العذراء. أمَّا الرائي فليس مشروطًا أن يكون عالمًا أو مسؤولا ذا منصبٍ رفيع. بل يختارُ الله ، كما يبدو، أفرادًا بُسطاء لكنَّهم مؤمنون ليُخزيَ دهاءَ الأقوياء (1كور2: 19؛ أي5: 13).