أضاف الأخ رمزي أسئلته عن الثالوث ، وكانت :
1- هل في الكتاب المقدس ما يدُّلُ عن الثالوث ؟
2- كيفَ تستدّلُ على الثالوث من خلالِ قـراءةِ الكتاب المقَّـدس ؟
الثألــوثُ سِّــرٌ !
يمكن للقاريء الكريم أن يَّطلعَ أولا على ما جاءَ في الجواب على سؤال بخصوص ” الموتى والصلاة لأجلهم ” والكتاب المقدس ، فقرة ” حرفٌ من الكتاب “. إنَّ كثيرين يطلبون حرفية التعليم ويسوع أنكر ذلك وقال ” الحرفُ يُميت ” بينما تعليمه هو” روحٌ وحياة “. والطوبى لمن يؤمن بكلام الرب (لو1: 45)، وأنَّ كلَّ ما إنكشف من سر الله ولم يُكتب حرفيا في الأناجيل سوف يقُودُ الروح القدس كنيسته الى كشفهِ وإعلانِه (يو14: 26 ؛ 16: 13).
والثالوث هو أولا سّرُ جوهر حياة الله. من هو الله وما هو ؟!. يومَ سألَ موسى أنْ يكشفَ له إسمَه أ جابَه : أنا هو ” الذي هو”. والأنسان مهما سما بتفكيره لن يستطيع أن يستوعبَ كنهَ الله. وإذا كانت الجبلة لا تقدرأن تقول لجابلها لماذا جبلتني أنا هكذا فهل بإمكانها أن تستوعبَ طبيعة وكينونة جابلها؟. إذا أدرَكَ الأنسان كيفَ يتكون اللهُ لكان صنعَ من زمان آلهةً لنفسِه وعلى ذوقه أفضل من التماثيل والصور.
إنما يقدرُ الأنسان أن يعرفَ عملَ الله من خلال الخليقة ، و من خلال أعمالِه يسموَالى معرفة وجودِه والى تقدير كيانه. والثالوث لا يعني ثلاثة كيانات مستقلة ومختلفة، أو ثلاثة وجود منعزلة عن بعضها. ولا هو” واحد من ثلاثة ” . بل يعني ” واحدٌ ” يتكوَّن من ثلاثة أبعادٍ أو صفاتٍ جوهرية. الصفات متـمَّيزة وقائمة بذاتها لكنها تكتمل في كيان واحد. مثل الشمس هي واحدة ولكنها ثلاثة : النار ، الضوء ، الحرارة.
الثالوث في الكتـاب !
أما هل في الكتاب دليل على الثالوث فلا شَّـكَ في ذلك. لأنَّ المسيحية لم تستنبط حقائق جديدة. بل تشرح وتفَّسرُ الحقائق التي كشفها الله من خلال أحداث حياة يسوع وتعاليمه. وتلكَ الحقائق سُّجِلتْ بعضها في الأنجيل ، والبعضُ الآخرنقَلَها لنا التقليد كما تعَّلمَه من شهود العيان ليسوع ، الرسل الأثني عشر(متى10: 1-8؛ لو9: 1-6) والتلاميذ الأثنين والسبعين (لو10: 1-11).
::- النصوص : <1> + متى 3: 16-17 –> لما إعتمد يسوع ، ” إذا السماوات قد آنفتحت فرأى روحَ اللهِ ينزلُ كأنه حمامة ٌ ويستقّرُ عليه. وإذا صوتٌ من السماءِ يقول : هذا هو إبني الحبيب الذي عنه رضيتُ “!. يلاحظُ القاريْ الكريم يدور الحديث عن ثـلاثـة :
– صوتِ الآب
– هذا الأبن
– روح يحل على الأبن.
<2> + متى 28: 19 –> في وصيتِه الأخيرة للتلاميذ قال يسوع ،” إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعَّمِـدوهم : بآسم الآب ، والأبن ، والروح القدس “!. والحديث هنا ايضا عن ثلاثة :
– الآب
– الأبـن
– الروح
<3> + يوحنا 10: 30 –> صَّرَحَ يسوع ،” أنا والآب واحد “. وأضافَ بعدَه ،” من رآني رأى الآب.. صَّدقوني إنّي في الآب وإنَّ الآبَ فيَّ “(يو14: 9-11). أي أنهما كيان واحد لا كيانين. ليسا إلهـين ، بل إلاهٌ واحد.
<4> + يو16: 13-15 –> وعن الروح القدس قال يسوع ،” لا يتكلم بشيءٍ من عنده. بل يتكلم بما يسمع ويُنبئُكم بما يحدُث. .. يأخُذُ مما لي ما يُطلعُكم عليه. جميعُ ما هو للآب فهو لي “!. الحديثُ هنا أيضا عن ثلاثة : آب وإبن وروح ، يملكون ويعملون كواحد.
::- التقـلـيد : قلنا أنَّ التقليد هو ما لمْ يذكرْه كتابُ الأنجيل بل بلَّغوه الى المؤمنين شفهيًا فذكرته كتبٌ لاحقة لم تقبلها الكنيسة ككتبٍ مُلهَمَة تحوي فحوى الوحي بخصوص العقيدة والأخلاق مثل الأناجيل وبقية أسفار العهدِ الجديد. لا ننسى :
1// لم يكتب يسوع شيئا ، ولا أمرَ تلاميذه أن يكتبوا. طلبَ منهم أن يشهدوا، أى أن يعيشوا أولا ما تعلموه من يسوع وشاهدوه فيه ، ثمَّ يُبَّلغوه بشهادة سيرتهم الى العالم. طلبَ منهم أن يكونوا نور العالم وملح الأرض وخميرَة الحق قائلا:” أنتم شهودٌ لي على ذلك ” (لو24: 48؛ أع1: 8) وليس أن يُؤَّلفوا الكتب ويُحَّرروا التأريخ. وركَّزوا بدورهم على ذلك : ” ونحن بأجمعنا شهودٌ على ذلك “(أع2: 22). الرسل يقتدون بالمسيح ونحن نقتدي بهم ، ” 1كور11: 1).
2// الرسل لم يكتبوا كلَّ ما فعله يسوع ، بل إكتفوا بنماذجَ من أعماله وأقواله ومعجزاتِه ، والتي إعتبروها أساسية وجوهرية للأيمان. كما لم يبتغوا من كتابةِ ذلك كتابة َ التاريخ بل مساعدة الناس على الأيمان بالمسيح والتمَّتُع بالحياة الأبدية (يو20: 30-31). فلو كتبوا بالتفصيل كلَّ شـيء ” أتى به يسوع ، لحسبتُ أنَّ الدنيا نفسها لا تسعُ الأسفارَ التي كتبت فيها (يو21: 25).
3// ذكر الرسلُ أنهم بلغّوا شفهيا أمورا لم يكتبوها ، “.. وحافظوا على السنن التي أخذتموها عنا ، إما مشافهة ً وإما مكاتبة ً” (2 تس2: 15). والسنن ليست القوانين الخلقية فقط بل تشملُ أيضا التعليم الأيماني حتى ذكر بولس آية علَّمها الرب ولم يذكرها الأنجيل ، هي :” السعادة الكبرى في العطاء لا في الأخذ “(أع20: 35).