أهلا وسهلا بالشماس ثامر يعقوب الكلداني
سمع الأخ ثامر إدّعاءات وأقاويل حول وجود ” أساطيرَ وخرافاتٍ ” في الكتاب المقدس ، فســأَلَ : ” هل يَصُّحُ قولُ ذلك ؟ “.
فيها أمورٌ غامضة يُحَّرفُها الجهلةُ والمُتـقَّلبون !
الكتابُ المُقَّدس سفرٌ يُقَّدِسُه المسيحيون لأنهم يقرأون فيه ” تأريخ الخلاص”، أي ما فعله الله منذ أن خلقَ الكون والكائنات. يروي خبرَ سقوط الأنسان وشقائه ، والوعد بإنقاذِه ، وتهيئة البيئة والأنسان لمجيء المخلص وآستقباله ، والإنباء عنه وإيحاء الحقيقة الألهية التي جهلها الأنسان. ثم يخبرعما فعله المسيح المخَّلص وما دعاه اليه ليَفعَلَ الناسُ حتى ينالوا الخلاص. ليس الكتاب المقدس كتابا علميًا، ولا هو تحقيقًا صحفيًا لضبط تفاصيل الأحداث، ولا هو برنامجَ تلهية الأطفال ، بل هو كتابُ إيمان من الله الخالق الى من يؤمن به ويُصغي إليه.
بالنسبة الى غير المسيحيين ، لكنهم مؤمنون بوجود الله، هو كتاب دينيٌ محترم. أما بالنسبة الى المُلحدين فلا يعنيهم شيئًا. وأما بالنسبة الى ” مُضطهدي الأيمان بوجود إلَـهٍ خالق وفادٍ” فيعتبرون الكتاب المقدس عَدّوًا وقد ينعتونه بما يشاؤون من صفاتٍ مهينة. لأنَّ الكتاب شوكةٌ في عيونهم فيحاولون أن ينفوا عنه أيَّةَ قيمة مهما كانت. فلا نستغرب إذا نعتوه بـ ” أسطورة أو خرافة “، لا لأنه كذلك بل لأنهم قاصروا الرؤية والأدراك. فالتهمة تنقلب عليهم ، والدليل زوالهم وبقاءُ الكتاب موَّقرًا. ولم ينسَ مار بطرس أن يُطَمئِننا بأنهم ” يفعلون ذلك لهلاكِهم ” (2بط3: 16). وقال عنهم يهوذا الرسول أنهم ” يَكفرون بما يجهلون ” (يه 1: 10) وأنهم قد ” إستسلموا الى الضلال”.. لأنهم ” غيومٌ لا ماءَ فيها تسوقُها الرياح” (يه1: 11-12). وتابع فأكملَ صورتهم :” سيكون في آخر الزمان مُستهزئون يتبعون نفاقَ شهواتهم .. إنهم حَيوانيون لا روحَ لهم ” (يه1: 18-19).
هل يصُّحُ قول ذلك ؟
ما يقولونه تحريفٌ للحقيقة ، وإهانة للعقل البشري الذي وهبه الله للأنسان نورا يُمَّيز به الخطأ من الصواب. وإهانة للشخص البشري الذي لا يعرف أن يُمَّيز نفسه عن بقية الخلائق االبهيمة فيهينُ نموذجه والأصلَ الذي هو صورته. خالقه يتكلم إليه وهو يدير له ظهره. و يضيف فيُكَّذبُ صانعه ليُبَّررَ قُصرَ باعِه في المعرفة والقدرة ويأبى أن يتعلم.
أن ينعت الواحدُ الكتاب ، عن جهلٍ ، بالأسطورة والخرافة لا قيمة له ولا يستحقُ الأهتمام به. أن ينعتَه عن قصدٍ وبنيةِ الإساءة الى الأيمان سوف يتحَّملُ مسؤولية سوئِه. وبالأضافة الى ذلك لا يقدر أن يسيءَ الى الكتابِ والأيمان لأنَّ الروحَ القدس الذي أوحي بشرًا يكتبونه وألهمهم كيف يكتبون ، هذا الروح هو حَّيٌ في الجماعة المسيحية و، كما قال الرب و وعد، ” يُرشدُ الكنيسة إلى الحق كله “(يو16: 13) حتى لوآختفى الكتاب المقدس كله من الوجود.
ليس مُهّمًا جدًّا ألا يُنتقد الكتاب ولا يُهان، ولا ننسى أنَّ ربَّ الكتاب نفسه يُهان كلّ يوم. هذا لا يُغَّيرُ الحقيقةَ والواقع. إنما أهَّمُ من ذلك هو أن يثق المؤمن بقدسية الكتاب. والأهم من هذا أيضا هو أن تدفع إنتقاداتُ الأشرارِالمؤمنينَ الأخيارالى الأطلاع بعمق على محتوى الكتاب وعلى فهم آياتِه على ضوء شرح الكنيسة له بحيث يُضيءُ سيرتهم ويجعلها منارة حَّقٍ للآخرين. أي حياة المسيحي وسلوكه يجعلُ غيرَ المسيحي منبهرًا حتى يحترمَ كتابَه الذي هو مصدر إيمانه ومُبَّررُ أخلاقِه المثالية. وأكثر من إحترام الكتاب يُقَّدرُ الأيمان بالمسيح.
إذًا هو خطأٌ في كل الأحوال إهانة الآخرين. والخطأ الأكبر يكمن في آنتقادِ شيءٍ أو شخص قبل أن نعرفه جَيّدًا. والكتاب المقدس لا فيه أساطير ولا خرافات. ما فيه هو روحِيٌّ إلهيٌ : إيمانٌ وأخلاق.