أهلا وسهلا بالأخ ميلاد أنـور حنا منصور.
كتبَ الأخ ميلاد يســتغربُ فـيســتفسر :
@:- لماذا لا يستطيعُ القديس أنْ يشفيَ أحدًا وهو حي؛ بعد موته تتم بآسمه شفاءاتٌ كثيرة ؟
@:- لماذا تتحَّولُ طلباتُ الأنسان : من الطلب من يسوع ــ> الى الطلب من القديس ؟
الى الذين دعاهم الله ليكونوا قدّيسين ! رم1: 7
هكذا دعا مار بولس مسيحيي روما. ومثلهم ينسب صفة القديسين الى جميع المؤمنين بالمسيح الذين خَّصَهم برسائله. فالمسيحي قديس بعماده الذي طهره من دنس الخطيئة بقوة الروح القدس ، وبالدعوة التي دعاهم اليها الله ، كما قرأنا أعلاه (وأيضا 1تس4: 3-7؛ أف 1: 4)، لأنَّ الله قدوسٌ ويريدُ أن يكون الأنسان صورته أيضا قديسا :” كونوا قديسين لأني أنا الربُ الهكم قدوس” (أح19: 2؛ 1بط1: 15-16). فالقديس ليس من يُجري الأشفية و المعجزات. القديس هو من يعيش في علاقة محبة حميمة مع الله ، فيعكسُ صورَته ويتحَّولُ إليها (2كور3: 18).
لعَّلَ ظلَّ بطرس يقع على أحدهم فيُشفى ! أع5: 15-16
قبل أن يموت بطرس أجرى معجزات كثيرة، حتى صاروا يعرضون المرضى في الشوارع ليقع ولو ظل بطرس فيشفون. وهكذا بولس كثرت معجزاته حتى” صار الناسُ يأخذون ما مَّسَ بدنه من مناديل أو مآزر فيضعونها على المرضى فيشفون “(أع19: 12). ربما لم يصنعوا معجزة بعد موتهم أو أقل مما في حياتهم. فالمعجزات دليلُ رضى الله عن الشخص وتأييدٌ لسلوكه وأعماله. وهذا وعد من الله وقد أخبر عنه الأنجيل: ” فذهبَ الرسل يُبَّشرون في كل مكان ، والرَّبُ يعضُدُهم، ويُؤَّيدُ كلامَهم بما يصنعون من آيات “(مر16: 20). و ليس الرسل وحدهم من أجروا الأشفية والآيات في حياتهم بل قديسون كثيرون. وأكثرهم شهرة هو القديس أنطونيوس البادوي حتى ضاج رؤساؤُه ففرضوا عليه أن يستأن منهم أولا ثم أن يجري معجزة ما.
أما ما يجُّرُاليوم إنتباهنا هو ما يجري للقديسين إذ يلتجئُ المؤمنون الى شفاعتهم. هذا من جهة. ومن أخرى تنتظرُ الكنيسة من السماء أن تُظهرَ رغبَتها في إعلان قداسة بعض المؤمنين و ذلك بإجراء معجزات بشفاعتهم. فتفترضُ معجزة أو معجزتين لتطويب المؤمن ثم معجزة أو إثنتين أخريين لأعلان قداستهم. فيلجأُ المؤمنون الى الله بشفاعتهم. أو يسألون القديس أن ينال لهم من الله مطلبَهم. وهكذا مثلا أُصيبت راهبة بداء الرجفة ” باركنسن” فطلبت من البابا يوحنا بولس الثاني، الذي كان مصابا في حياته بنفس الداء ، أن يشفيَها و نالت ذلك. و حسبت هذه المعجزة علامة من السماء لأعلان قداسة البابا. بينما أجرى في حياتِه بعضَ المعجزات تحاشوا إعلانها. قال ذلك أحد الكرادلة الذي نال منه شفاءًا سريعا من جلطة أصابت وجهه فآنعوَج ، فلمسه البابا وشفي.
وآرتفعَ دخان العطور وصلوات القديسين أمام الله ! رؤ8: 4
أمَّا أن تتحَّولَ طلبات الناس من يسوع الى القديسين مباشرة فهذا أمرٌ طبيعي ، لأننا نحن البشر نشعر بقرب هؤلاء منا وأنهم من جلدتنا وعقليتنا وظروفنا فيحسوا بنا أكثر. ومن جهةٍ أخرى يشعر الأنسان بالضعف وعدم الأهلية ليتصلَ مباشرة بالرب يسوع ، لاسيما و يكون قد أخطأ فقلَّل من حبه وطاعتِه لوصاياه فلا يرى في نفسه الشجاعة لمواجهة الرب مباشرة. هكذا طلب بنو اسرائيل من موسى أن يُكَّلِمَهم هو وليس الله خوفا من مواجهة الموت (خر 20: 19). وسمعان الساحر عندما عاين قداسة بطرس وسمع إنذارَه له بالعقاب على إثمِه تشفع لديه لينال له الغفران. قال له بطرس :” تُبْ من شَّرِكَ وتوَّسَل الى الرب لعله يغفرُلك.. أجاب سمعان : توَّسلا إلى الرب من أجلي لئلا يُصيبَني شيءٌ مما ذكرتما “(أع8: 22-24). وفي رؤيا شاهدها رؤاة فاتيما سنة 1917م عاينوا يسوع وقد رفع يده غضبا على العالم ، و قد أشهرَ الملاك سيفَه مهَّددا العالم بالفناء، مدَّت مريم العذراء ذراعها تحمي البشرية و تمنع وقوع الكارثة. وبما أن القديسين هم من أرضوا الرب مثل مريم فيلَّبي الربُ شفاعَتهم ليُؤَّكدَ للناس الأيمان به وسلوك درب وصاياه مثل القديسين. فلهذا قال الكتاب بأنَّ صلواتهم هي كعطر البخور أمام الله. شفاعة القديسين لا تقللُ من قيمة وساطةِ يسوع وسلطانه. بل بعكس ذلك تقويها. تقول الكنيسة بأنَّ ” شفاعة القديسين هي أسمى خدمة لقصد الله..”(التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ، رقم 2683). لأننا إذ نعرفُ مكانتهم عند الله وكيفَ ينالون من كنز الله لخير البشر نندفع الى الأقتداء بهم ، فنتعلم منهم ونتشَّجع في حفظ وصايا الله بمحَّبةٍ وثقة.