أهلا وسهلا بالأخ نزار ملاخا
كتبَ الأخ نزار يسألُ : ” + لماذا نقرأ ثلاثَ قراءاتٍ أثناء االقداس ؟
+ قراءة من العهد القــديم !
+ قراءة من الرسائل !
+ قراءة من الأنجيل !
+ هل توجد علاقة ما بين القراءات الثلاث ؟
لماذا قراءاتٌ ثلاث ؟
لقول الحَّق ليس مهمًّا جدًا عدد القراءات. كان ممكنا أن تكون أكثر أو أقل. والى المؤتمر الكلداني العام لسنة 1995م، والمعَمَّمة أعماله في سينودس البطريركي لعام 1998م كان عدد القراءات أربعةً : قراءتان من العهد القديم وقراءتان من العهد الجديد. وكان هذا النظام يسود جميع الكنائس والطوائف. ومنذ سنة 1998م ، وتبعًا للعادة المستعملة في بعض الرعايا، أعطيت التعليمات بتقليصها الى ثلاث قراءات فقط والأكتفاء بواحدة من القديم ، أُسوةً باللاتين الذين تبنوا هذا النظام من بعد المجمع الفاتيكاني الثاني، تمَّشيًا مع ظروف العصر وروح تقصير المراسيم، والتركيز على الضروري الذي لابد منه. أدَّتْ ظروف الحياة المعاصرة والجهل بالطقوس الى إهمال قراءات العهد القديم لفترة طويلة والأكتفاء بالعهد الجديد. أما العهد القديم فكان يقرأ في الأعياد المارانية الأحتفالية فقط.
القراءات هي كلام الله لتوعية الأنسان بكشف الحقيقة الألهية في تدبيره لخلاص الأنسان. يقول الأب (المطران) جاك في كتابه : ” القداس الكلداني. دراسة طقسية تحليلية” بأنَّ ” القداس هو إحياءٌ فعَّال لذكرى تدبير خلاص البشر. ويتحَّققُ تدبير الخلاص هذا تأريخيا على مرحلتين مترابطتين: مرحلتي العهد القديم والجديد. العهد القديم رمزٌ للجديد ومهمَّته هي إعداد البشرية له. أما الخلاص النهائي فيتحقق في العهد الجديد، لأنَّ شخصية يسوع المسيح هي محور تدبير الخلاص” (ص 95). ونعرف أنَّ يسوع أكد للرسل بأنَّ العهد القديم تحَّدثَ وتنبَّأَ عنه (لو24: 27؛ يو5: 39 و46). كما نعلم أيضا بأنَّ العهد الجديد شهادة عنه أنه أكمل القديم (يو17: 4) وأعطى شريعة جديدة (يو13: 34). وهكذا إذا أردنا أن نعرف من هو المسيح وماذا هو لابد و أن نقرأَ العهدين.
هكذا فعل الرسل. كانوا يواظبون على نظام قراءات العهد القديم كل يوم في الهيكل (أع2: 46)، ويؤدون الشهادة بقيامة الرب( أع4: 32) ويتحدثون عما رأوه فيه وسمعوه منه (أع4 : 20) ويُثقفون المؤمنين عند كسرهم الخبز أيام الأحد (أع2: 46-47؛ 20: 7). فالعهد القديم هيَّأ للمسيح والجديد أدَّى الشهادة عنه، وللمسيحي أيمان ذو أساس وهدف يُغَّذيه بقراءة الكتاب المقدس مصدر الأيمان.
العلاقة بين القراءات !
تتنظم القراءات حاليًا كالآتي : قراءة من العهد القديم من النصوص الأجلى بيانًا في علاقتها المباشرة بالمسيح، بالإضافة الى نصوص من أعمال الرسل. أما الرسالة فتؤخذ من رسائل بولس مع شذرات من غيرها. والأنجيل يُقرأ من الأربعة بتكثيف أكثر على متى ويوحنا. إنَّ التسلسل المنطقي التأريخي يتطلب قراءة الأنجيل قبل الأعمال أو الرسائل. ولكن لا ننسى أنَّ الرسائل حُرّرَت أولا ثم الأناجيل. ولكن يقول المؤرخ إبن الزعبي كما أنَّ المسيح كان أقدم من المعمدان لكنه جاءَ بعد يوحنا الذي سبقه ليُهَّييءَ لمجيئه هكذا بالنسبة للرسائل التي كتبت بعد حياة المسيح تُسَّبقُ على قراءة الأنجيل لتُهَّييءَ الأذهان لآستقبال بشارة المسيح. إنها صورة حَيَّة مُجَّسَدة لتعليم المسيح تسبقُ سردَ أقواله وأفعاله ليكون لهذه صدًى أقوى و تأثيرٌ أفضل.
أما عن العلاقة المباشرة بين القراءات ولماذا أُختيرَتْ ونُظّمَتْ بهذا الشكل فذلك يعود الى البعد الليترجي وله إرتباط مع السنة الطقسية وتوزيعها الى سوابيع وأعيادٍ تتخللها ليقدر المؤمن أن يعيش حياته على صورة يسوع مُتّحدًا بالله وسائرًا نحو الأبدية سالكًا الطريق الذي خَطَّه له المسيح. فالقراءات تتكامل مع بعضها لتُعطيَ درسًا مُوَّحَدًا ، قدر المستطاع، ضمن الإطار الليترجي المتفق مع هدف السابوع ومع رمزه الأيماني.