أهلا وسهلا بالأخ فادي ألبير
لاحظ الأخ فادي من جهة : أن بعضًا لايحضر القداس بل يكتفي بالأنصات الى موعظة في الأنترنت من خلال يوتوب !، فآستهجنه ؛ ومن أخرى لاحظ أن بعضًا سجَّل قداسًا وركَّزَ على كل حركةٍ للكاهن !، فآزدراهُ. أحَّسَ وكانه في ستوديو تصوير. وآعترضَ سائلاً :
# هل هذا صحيحٌ أم غلط ؟ ـــــــــــــ ثُم أضاف عن الموعظة :
## هل هذا مقبول ؟ وسألَ غيره :
### هل صحيحٌ سماع الموعظة يوم الأحد في الكنيسة الإنجيلية والقداس يوم الجمعة في الكنيسة الكاثوليكية ؟ؤ
تصوير القداس !
تصوير القداس ليس بذاته أمرًا مخالفًا. أما أن يتحوَّلَ الى شبه ” ستوديو تصوير” فذلك أمرٌ غير لائق بقدسية العبادة، ولا يحُّقُ التشويش على المؤمنين. وعلى المُصَّور أن يُمَّيز بين ما يليق ويجوز وما لا يجوز. وإذا أرادوا مثلا تصوير قداس نموذجي لنشره وآستعماله لتثقيف الناس ، بحيث يعتبر وثيقة ومرجعًا رسميا للأستشهاد به ، فمن الطبيعي عندئذ أن يُرَّكز المصور على كل أمر دقيق وحركة خاصة لإبراز ما في القداس من قول وفعل وحركةٍ فيكون الفلمُ كاملا ومُؤَّهلا لتثـقـيف المؤمنين. في هذه الحالة يحَّددُ قداسُ يومٍ مُعَّين للتصوير ويُنّبَّهُ الشعبُ اليه قبل تنفيذه فلا يتفاجأ ولا يتشَّوش.
أما إذا حدثَ مرة وأن مؤمنا قام بالتصوير دون تهيئة الأمر فنحاول نحن المؤمنين أن نغُّضَ الطرف عن التصوير ونتابع صلاتنا وعبادتنا. وأما إذا تكرر الأمر بشكل غير طبيعي وفي عدم تقدير الموقف وآحترام العبادة فعندئذ يتحملُ راعي الكنيسة مسؤولية توضيح الأمر و آتخاذ الأجراء اللازم. لأنَّ القداس عبادة وليس مؤتمرا صحفيا.
المـوعظة ، أو شرح الأنجيل !
الأصغاءُ الى موعظةٍ من خلال اليوتوب لزيادة الثقافة ليس أمرًا سَّيئًا. بل يؤول ذلك الى وسيلة للتعمق في فهم محتوى الكتاب المقدس خاصة والأيمان عامة. ولكن الأكتفاء بسماع الموعظة أو قراءتها من دون الأشتراك في القداس يوم الأحد فهذا تصَّرُفٌ خاطيء. لأنَّ القداس لا يتوقف على الموعظة فقط. والمسيح قال إصنعوا هذا لذكري، أي أقيموا ذبيحة القداس وفيها نرمز الى موت وقيامة المسيح ونشترك فيها بتناول جسده. فالموعظة لا تُغنينا ولا تعَّوض عن حضور موت المسيح وقيامته وتناول جسده. الموعظة هي تعليم فقط. أما القداس فهو ذبيحة الصليب. والرسل هم الذين تلقوا وصية المسيح وفهموها ونفذوها ونلنا منهم نموذجا بعناصره الكاملة،هو:” وكان المؤمنون يتابعون تعليم الرسل، والحياة المشتركة ، وكسر الخبز والصلاة “(أع2: 42). والقداس الرسولي وحده يوفر هذه العناصر.
المشاركة في القداس تدخل إطار وصية “قَّدِس يوم الرب”. وتقول الكنيسة :” تطلب الوصية من المؤمنين أن يقدسوا يوم تذكار قيامة الرب وأهم الأعياد … وذلك بالمشاركة أولا في الأحتفال الأفخارستي الذي تجتمع فيه الجماعة المسيحية ، و ..”(التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، الرقم 2042). وكما نرى هناك عنصر خامس مهم في حضور القداس ألا وهو “اللقاء مع المؤمنين” أبناء الرعية بالأضافة الى المسيح. لا بل يقتضي اللقاء بالمسيح أن نلتقي بأعضاء ” جسده السري” أيضا. ضروري للحياة المسيحية الحقة ألا ننسى ولا نهمل بُعدَها الجماعي. لقد شبه مار بولس الكنيسة، الجماعة المؤمنة بالمسيح، بجسم له رأس وهو يسوع المسيح، وله أعضاءٌ هم المؤمنون الذين يتكاملون فيما بينهم بوحدتهم مع المسيح بحيث لا معنى لعضو بدون بقية الأعضاء، كما لا يقدر عضو أن يستغني عن بقية الأعضاء. وإذ يشكل كل المؤمنين جسدا واحدا مع المسيح فلكي” يهتم الأعضاءُ كلها بعضُها ببعض” (1كور12: 25). وحتى تهتم ببعضها من خلال المسيح فهي مدعوة أن تلتقي أثناء القداس على مائدة المسيح. وهذا لن يتحقق في كل أبعاده ولا يوفي وصية المسيح والكنيسة في حضور قداس الجمعة الذي لا يحوي لا تعليما ولا مشاركة الحياة. ومن يقنع نفسه بأن يسمع الموعظة في يوتوب سينتهي أيضا بسماع القداس ايضا في يوتوب، أو يستغني عنه ولا يشترك فيه حتى ولا يوم الجمعة. وماذا يمنع من أن يجربه ابليس فيرسله يوم السبت الى مجمع اليهود لينتهي في الأخير بأن يعفي نفسه من كلها، وحتى من المسيح؟.
إذا كانت الكنيسة تعلمنا محبة الآخرين، كل الآخرين، وتحُّثنا على التعاون والتفاهم خاصة مع الأخوة المسيحيين من الطوائف الأخرى غير الكاثوليكية إلا إنها لا ترضى عن إهمال إيماننا، وخلط الأوراق، ولاسيما مخالفة ما توصينا به لأجل خلاصنا. تشجعنا الكنيسة على عدم دينونة غيرنا أو وعدم الأساءة الى أحد بآسم إيماننا ولكنها لاتفرح بنا عندما ترانا لا نعرف أن نمَيز بين مسوليتنا في إتباع الحق وضعفنا وإنجرافنا وراء رغائبنا وشهواتنا. لسنا نحن، كل واحد منا ، مؤَّهلٌ ليقرر ما هو الحق ومعصوم عن الخطأ. بل قيادة الكنيسة هي التي ترشدنا الى الحق لأن الربَ وعدها هي بأن يعصمها من كل خطأ إيماني. وعلينا أن نسمع منها ونخضع لشريعتها. وإذا رفضنا ذلك نكون نرفض المسيح نفسه (لو10: 16). وماذا سنربح إن خسرنا المسيح ؟.
فليس إذا صحيحا أن نوزع إهتمامنا على كنائس متعددة ومتناقضة. لأننا سنكون عندها منقسمين بين أيَّ كنيسةٍ نرضي أو نتبع؟. لنكن صادقين مع أنفسنا، ولنُقَّرر ونعيش إيماننا على وجه واحد. فالأزدواجية تنخر عظام إيماننا ونخسر بالتالي حياتنا.