أهلا وسهلا بالأخ سالم صادق
كتب الأخ سالم يقول :” سمعتُ مرَّةً تفسيرًا عن معجزة السَيِّد المسيح حول اصطياد السمك، عندما قال لتلاميذه : أرموا الشباكَ يمين القارب. وكان العدد 153. السؤال ” لماذا حَدَّدَ هذا العدد؟. أو بالأحرى إلى ماذا يرمزُ “؟.
العــدد 153 !
هذا الأنجيل تُليَ في قداس الأحد الماضي، الخامس للقيامة، في الطقس الكلداني. وهو من يو21: 1-14، عند ظهور يسوع للرسل مرَّة ثالثة، بعد القيامة، قبل صعوده الى السماء. عاد الرسل الى الصيد. لم يصطادوا شيئًا طوال الليل. ولما ظهر لهم يسوع وقال لهم ” ألقوا الشبكة الى يمين القارب …. آمتلأت بِـ 153 سمكة كبيرة، ومن دون أن تتمزَّق مع هذا العدد الكثير” (21: 6 و11).
هذا العدد هو ناتج جمع الأرقام من 1 إلى 17 (1+2+3+4 …+17= 153. إعتقدت الشعوبُ قديمًا أنَّ في المحيط توجد 153 نوعًا من السمك. وهذا الرقم يُمَّثل في الكتابات الرُؤَوية، اليهودية خاصَّةً، أرقامًا تُعتَبَرُ” كاملة، لا تنقسم إلاّ على ذاتها أو على 1 (واحد)” ( 1، 3، 5، 7). و10 ترمز الى فترة زمنية متكاملة وتُعتبر مع مضاعفاتها ” الكثرة “. فالله واحد 1، كامل. في ثلاثة 3 أقانيم، كامل. خمسة5 نصف الوصايا العشرة (العذارى: 5+5) . سبع كنائس و سبعة ملائكة وسبعة أختام وسبعة أبواق وسبعة أكواب وسبع نكبات (رؤ1 : 20 + الفصل 2، 3، 6، 8 و15..). وعشر وصايا الله (خر20: 1-17)، وعشرة قرون الوحش مُضطهد الكنيسة (رؤ17 ).
والعدد 17 هو 7 + 10 = 17، الكمال والكثرة. و153 هو 17×3×3، أو 153 ÷3 ÷3 أي كمال × كمال. فيُشَّكلُ 153 مثلثًا كاملاً متساوي الأضلاع والزوايا. كل ضلع 17 وكل زاوية 60 درجة (153 ÷ 3 ÷ 3). وللدلالة على كمال الله في ثلاثة أقانيم يُرسم للدارسين
مثلثٌ متساوي الأضلاع، بينها كلمة “الله” وعلى الزوايا كلمة الآب والأبن والروح القدس.
رمزية الأرقام !
كان عدد الرسل سبعة : بطرس+6 (21: 2). عندما عملوا بقدرتهم وخبرتهم لم يفلحوا. ولمَّا عملوا بقوة كلام الرب فاق السمك المصيود الكميَّة المُتَوَّقَعة وحجمها الكبير غير المألوف حتى لم يقدروا أن يخرجوا الشبكة بسبب كثرة السمك. والقارب كان واحدًا وكان لبطرس، كنيسة واحدة ورئيسٌ واحد. وبطرس وحده جذب الى البَّر الشبكة التي لم يقوَ الستة الباقون على أن يُعالجوها. بطرس وحده يقود دفَّة الكنيسة بقوة ومشيئة الرب يسوع. وركَّز النص على عدد السمك وكان كثيرًا وعلى نوعيته وكان كبيرًا.
الرسل السبعة معًا يرمزون الى الكنيسة، برئاسة بطرس الذي يملك القارب، أي له كرسيُّ السلطة. بطرس يقود العملية، وهو يعرف كيف يتعامل مع شبكته. يسوع يرشد ويوجِّه الكنيسة ويواصل أعماله الألهية، إنَّما لا بيده بل بيد تلاميذه. طلب من الرسل أن يأتوه بما مسكوه هم، لكنَّهم وجدوا عند يسوع خبزًا وسمكًا يشوى على النار، ومنه أطعمهم. لم يهمل يسوع الكنيسة ولن يهملها قط، بل يسندها عند الضيق. فعلى رسل كل زمان أن يثقوا به و يستغيثوا به عند الحاجة، ويتعاونوا مع بطرس (21: 15-17).
ما إصطاد بطرس ومعاونوه وخلفاؤُه كان صيدًا وفيرًا وممتازًا. يُشير العدد الى كثرة البشر الذين آمنوا ويؤمنون بجهد أبناء الكنيسة، العاملين تحت خيمة بطرس. في الصيد العجائبي الأول (لو5: 1-11) أرهبهم الصيد الوفير وبشكله الإعجازي فخافوا. طمأَنهم يسوع وقال لبطرس :” لا تخف. ستكون بعد اليوم صيَّادَ بشر”. أمَّا الآن فيثَبتُه في المهمَّة ، وآنقلبت خبرة صيد السمك الى صيد البشر للمسيح.
والنوعية الكبيرة، الجيدة جدًّا والمرغوبة، تشيرُ الى نوع البشر الذين قادهم بطرس وكنيسته الى الرب :” هاتوا مما إصطدتم الآن”!. ليسوا أي نوعٍ كان. بل أجوده، “الكبير”. المدعوون كثيثرون. وفَرَّت البحيرة أنواع السمك، الجيَّد والرديء. ولكن على رغبة الرب قادت الى الشبكة أجود أنواع السمك. إنَّهم ” المختارون ” الذين عرفوا الله وأحبوه وبذلوا حياتهم في خدمته. ربما إليهم أشار مار بولس :” والذين سبق فآختارهم سبق فعيَّنهم ليكونوا على مثال صورة ابنِه حتى يكون الإبنُ بكرًا لإخوةٍ كثيرين” (رم8: 29).
فالعدد كاملٌ والنوعية كاملة. لأنَّ الله كاملُ في ذاته وفي عمله وفي رسله. والكنيسة أيضًا كاملة، رغم أحيانًا ضُعفِ بعضِ أعضائها، إِذ زَفَّها يسوع الى نفسِه ” سنيَةً لا دنس فيها ولا تغَضُّن ولا ما يُشبهُ ذلك، بل مُقَدَّسَةً بلا عيب ” (أف5: 27).