أهلا وسهلا بالشماس عَّطـاف الحــداد.
لاحظَ الأخ عطّـاف بأنَّ الناسَ ينتقدون الشمامسة ويلوكون سمعتهم بسبب بعضِ تصَّرفاتِهم الشّاذة، أو تصَّرفاتِ بعضِهم غير المطابقة لتداعياتِ رتبتهم وخدمتِهم. لقد تشَّوهت صورتُهم الأجتماعية وصار مردودها سَّيئًا على سمعةِ الكنيسةِ نفسِها، لأنه يُعتبرُ ممثلا لها. فتـساءَلِ :
1- هل الشماس أو الخادم يُمَّثِلُ الكنيسة خارجَ الكنيسةَ ؟
2- كيفَ لي أن أكون الشماسَ القدوة : أولا داخل الكنيسة في الخدمة ؟
: ثانيا خارجَ الكنيسة في الحياة الأجتماعية والعملية ؟
تمثـيلُ الكنيسـة في الخـارج !
إنَّ الشماسَ مدعُـوٌ مثل كلِ المؤمنين والأكليروس لأن يكون ” شـاهدًا ” للمسيح. لأنَّهُ مُعَّـمَدٌ بآسم المسيح. ولأنه مسيحي فهو مُرسلٌ من قبل المسيح الى العالم ليشهدَ له ويُقَّدسَه ويُخَّلصَه . أرسل الله المسيح ليُقَّدسنا فقدَّسَ نفسَه من أجلنا حتى يشهدَ لقداستِه الألهية ونتعلم منه الحق والحب (يو17: 19)فكان لنا نورا وملحا. وكما أرسله الآب أرسلنا بدوره (يو20: 21) حتى نقَّدسَ العالم (يو17: 18-19) فأقامنا نورا وملحا، وطلبَ منا أن يُضيءَ نورنا للناس ليتمَّجدَ اللهث فينا (متى5: 13-16). ولم يستثن ِ أحدا لا عن هذه المهمة ولا عن مهمة الشهادة. إنها واجبُ كل مؤمن تجاهَ العالم وإكراما للمسيح. وماذا يكون الشاهدُ والنورغيرَ”ممثّل للمسيح”.
أيَّ نـوع من التمثيل ؟
هناكَ ممثلٌ بالأيمان والأخلاق، وهناك ممثلٌ بالإدارةِ والسلطة. بما يخُّصُ الأيمان والآداب كلنا ملزَمون بأن نلتزمَ بتعليم المسيح وتطبيقِه حتى نكون نورا وملحا وخميرة. أكدَّ يسوع على ذلك حرفيا عندما قال:” ليس من يقول لي” يا رب ! يا رب” يدخلُ ملكوت السماوات”.
فليس من يُرَّتلُ ويُسَّبحُ أو يُعَّلمُ ويُفَّسر هو نور وممثل ، بل من ” يعملَ بمشيئة أبي الذي في السماوات” (متى7: 21). فالخدمة في المذبح وأداءِ الطقوس الدينية بالنسبة الى الشماس هي دعوةٌ خاصة قبلها ويلتزمُ بها في الكنيسة. وحالُه حالُ كلِ المؤمنين بأن يتخَّلقَ بآدابِ المسيح (في2: 5).
لكن الشماس مثل أيَّ مؤمن آخر لا يًمثلُ السلطةَ الكنسية بما يخُّص إدارةِ شؤون الرعية،لأنه لْمْ يُقَـمْ على ذلك. وليس كذلك هو الذي يمَّثلُ تعليمَ الكنيسة وأخلاقِها. ولا ما يحدثُ إداريا أو تعليميا في الرعية من إيجابياتٍ أو سلبياتٍ. المسؤولُ المباشر عن ذلك هو من عَّينته الكنيسة راعيا للجماعة ، الكاهن أو الأسقف ، فهو يُمثلُ الكنيسة. فعامة ً ليس سلوك الفرد، مهما كانت رتبته ، ممثلا لتعليم الكنيسة أو موقفها. وكلُ ما يُخُّصُ الشؤون الأدارية الرسمية تقع مسؤوليته على عاتق راعي الجماعة. فالقداسة من متطلبات الأيمان وعلى الكل أن يلتزمَ بها ، دونَ أن يُوَّرط َ سمعةَ الكنيسة إذا لم يلتزم. لأنَّ كلَّ واحدٍ يُدانُ بأعماله لا بأعمال غيره. إذا صابَ عطلٌ أيَّ عضو في الجسم فلن يكون الجسمُ كله عاطلاً حتى لو تأثرَ من ذلك. لأنَّ المؤمن ، أيا كان، عضوٌ واحد في جسم الكنيسة وليسَ الكنيسة كلها. قد يخطأُ واحد ولا يخطأ الثاني. وحتى لو أخطأَ أغلبية مؤمني الكنيسة تبقى الكنيسة مقدسة بالقدوس ، بالمسيح الرأس الذي يضمن قداسة الجسم. فلا يجوز تعميمُ خطأ الفرد على المجموعةِ كلها. لذا فهو لا يمثلُها حتى لو كان شَّماسًا. وإن كان مطلوبًا منه أن يكون قدوة صالحة كما قال الرسول: ” إقتدوا بي كما أنا أقتدي بالمسيح ” (1كور11: 1).
الشّماسُ القــدوة !
وكيفَ يكـون الشماسُ قـدوة ً صالحة داخل الكنيسة وخارجَها ؟
-:> داخل الكنيسـة. تكون قدوتُه أنْ يُتْـقِنَ خدمتَه أحسنَ إتقان، وأن يُـؤَّديَها أفضلَ أداء. وألا يقتديَ بالمؤمنين البسطاء فيسمح لنفسِه أن يتكلم أو يضحكَ بينما هو يخدمُ رَّبَ العالمين!. وألا يسمحَ لنفسِه فينشغلَ عن خدمتِه بمراقبةِ الآخرين والأهتمام بأمورٍ خارجَ الخدمة. وأن ينتبهَ ليؤَّديَ دورَه بشكل جَّيد ولا يُسَّببَ فوضىً بتصحيح آخطاءِ شماس ٍ آخر، وبصوتٍ عالٍ. وأن لا يُجاريَ المؤمنين فيجلسَ حيثُ يجبُ أن يكون واقفًا. ولاسيما أن يلتزمَ بالدور المطلوب منه ويستعّدَ له حتى يرتاحَ المستمعون اليه لأنهم إفتهموا ما قرأ أو رَّتل.
إنَّ خدمتَه ليستْ له فقط ليبتلع الكلمات أو يُهملَ قواعد اللغة. إنه يؤديها بآسم الحاضرين و على الحاضرين أن يفهموا ما قال ويشتركوا معه في تمجيد الله وتسبيحِه ورفعِ مشاعرِهم اليه. وليست الخدمة للتباهي بالصوت وإبراز القدرات بل لتمجيد الله ، مثل زكريا في الهيكل، ومثل يسوع نفسه وهو على الصليب. خاصة وأننا في القداس أمام ذبيحةِ الصلب والموت ثم القيامة. هذه هي خدمته لتمجيد الله. خدمتُه رمزٌ لخدمةِ الملائكة في تمجيد الله. وإن أداها على الأرض جيدا فسوف يؤديها في السماء مع الملائكة.
-:> خارجَ الكنيسة. أما في حياتِه اليومية العملية، في البيت والمجتمع ، فعندئذ يجبَ ألا فقط يتذكرَ إيمانه المسيحي ، فيطبقه عمليا في سلوكه حتى يكون نورا وملحا ويبني ملكوت الله على الأرض ، بل ويتذكرَ أيضا أنه شماسٌ يخدم أمام الرب. فكما يلزَمُ أن تكون خدمتُه في المذبح بلا عيب ولا لوم ، هكذا يكون سلوكه الأخلاقي بلا لوم. قال الرب :” إن كنتَ تقربُ قربانك وتذكرتَ أنَّ لأخيك عليك شيءٌ دع قربانك وآذهب أولا وصالِح أخاك ، ثم تعالَ و قَّرب قربانك “(متى5: 23). حفاظًا لنقاوةِ الخدمة يجبُ الحفظ على نقاوةِ السلوك. فخدمتُه ليست وظيفة ولا يؤَّديها مقابل مال. إنها مشاركة في خدمةِ الكنيسة في تمجيد الله. إنه مثل اللاوي مُكَّرسٌ لخدمةِ الهيكل.
لا يليقُ بخادم المذبح أن يتصَّرف في الحياةِ الأجتماعية كسمسارٍ أو عامل سينما أو لا سمحَ الله كملحِدٍ أو سارقٍ أو..أو..، أو أقله كغريبٍ عن المسيح. الأمانة ُ للواجب تتطلبُ ألا ننسى هويتَنا المسيحية. وإن كان للشماس هوية إنسانية إيمانية وهوية مسيحية كنسية إلا إنه ككل واحد يبقى ” شخصًا واحدًا ” غير منقسم ٍ أينما ما كان. والخدمة الأجتماعية أيضا يريدها الله تماما مثل الخدمة الكنسية. وإهمالها أوالتنَّصُلُ عن روحانيتها الأيمانية مسؤولية خطيرة.