تُعَّيدُ اليوم الكنيسة الكلدانية، والكنيسة الجامعة عامَّة، ذكر إستشهاد ” قرياقوس وأُمِّه يوليطى”. هكذا حافظ النصُّ الكلداني ولفظ اسم الأُم الشهيدة ” جوليت ، “Julitta “.
إستشهدا في الأضطهاد العام الذي شَنَّهُ الأمبراطور ديوقليانوس (284-305م) على المسيحية. إستشهدا سنة 304م في مدينة طرسوس، مقاطعة كيليكية، تركيا.
كانت ليقونية موطنَهم الأصلي. وكانا ينتميان الى عائلة وجيهة ونبيلة من عليَّةِ القوم. قاد حاكمُها مكسيميليان حملة عنيفة شرسة ضد المسيحيين. ذهب ضحيتَها والدُ قرياقوس ذي ثلاثة أعوام.
فخوفًا على إبنها صفّت جوليت أموالها ما آستطاعت وهربت معه الى ايسورية، لكنها لم تطمئن من الوضع هناك أيضًا فغادرتها الى ولايةٍ أُخرى، الى طرسوس، يرافقها خادمان من الأوفياء. وما آستقرَّ لهما الحال، وهي معروفة بتبشيرها بالمسيح، حتى دسَّ خَبَرَها بعضُ من جَسَّ أَحوالها من الخوَّاص. وسُرعان ما أرسلَ الحاكم في إثرها يطلبُ مقابلتها. يبدو كان يعرفُها سابقًا. ولمَّا حضرت مع طفلها أمامه إندهشت إذ رأت نفسَها أمام حاكم ليقونية السابق، مكسيميليان قاتل زوجها. عرفت نيَّتَه لكنها لم تتوتر.
بدأ طبعًا بآستجوابها وخاصَّة بدعوتها الى عبادة الأصنام. ونُقلَ عن المعاملة الوحشية القاسية التي عاملها بها لاسيَّما عن أنواع العذابات المُرعبة التي أخضعها لها هي وطفلها. وقد إستفاضت تقوى المؤمنين في تفخيم العذابات في كثرتها وأنواعها البشعة والمحَّطمة. لكن الكنيسة إعتبرتها ” منحولة” ولم تُسَّجلها. بل ذكرت تعذيبهما بما شهد له ونقله أساقفة نقلوه بأمانة، ولاسيما أن الرومان لم يشتهروا بالتفنن في التعذيب مثل غيرهم من الشعوب، وبشكل خاص تجاه مواطنين حاملين الجنسية الرومانية. خاصَّة وأن أخبار الإستشهادات لم توثَّق حالا، بل تقلَّدها المؤمنون شفهيًا جيلا بعد جيل، وقد وُثِّقت بعد قرن من وقوعها.
الرواية القبطية !
جاء فيها :” إستقدم الحاكم جوليت وطلب منها أن تعبُدَ الأصنام؛ ردَّت عليه : ما تطلبُه مني لا يقبَلُ به حتى ولا طفلٌ ذو ثلاثة أعوام ؛ ردَّ الحاكم، إذن نسألُ الطفلَ ؛ وجعل اللهُ الطفلَ ينطقُ ، فصاحَ : آلِهَتُكم من حجر وخشب وصنعتها أيدي البشر. ولا إِلَه حقيقي غير ربِنّا يسوع المسيح؛ إندهشَ الحاضرون؛ وآمتعضَ الحاكم. فعذبه بعذاباتٍ تفوقُ قدرتَه؛ وعَذَّبَ أيضًا أمَّه بأنواع العذابات؛ وكثيرون ممن شاهدوا آمنوا بيسوع المسيح، ثم نالوا إكليل الشهادة؛ في النهاية أمر الحاكم بقطع رأس الطفل فرياقوس وأمِّه يوليتا، فنالا تاج الشهادة”.
الرواية السُريانية !
جاء فيها :”… في طرسوس : إكتشفوا هويتَّهم المسيحية. عُذِّبَت يوليتا. أمَّا قرياقوس فأخذه الحاكم عنده، أجلسه في حضنه يُلاطفه. رفض الطفل ذلك وبيديه خرمش وجه الحاكم و جرحه. غضب الحاكم ورماه بشِدَّة على درجات المدرج. ومات. يوليتا لم تحزن، بل فرحت لأنَّ آبنها نال إكليل الشهادة. فأمر الحاكم بأن يرموا فيشُقّوا جانبي يوليتا بالمسامير، ثمَّ قطع رأسها. كانوا يُلقون الجثث بعيدًا خارج المدينة بآعتبارهم مجرمين. لكن خادمي يوليتا أخذوهما ودفنوهما في حقلٍ قريب.
هذه القصَّة كتبها الأسقف تيودور المصيصي(+428) للبابا زوزيموس (417-418). وذكرها أيضا القديس هيرونيمس (347-420م) في سيرة الشهداء.
يرتقي تكريمُهم الى الأجيال الأولى. ويشهد على ذلك تخصيصُ ” كابلّة ” (معبد) على اسمهم داخل كنيسة مريم العذراء القديمة، في روما. عُيِّدَ لهم في 16/ 6 حزيران. أما سنكسارُ ( تقويم بأعياد القديسين والشهداء) قسطنطينية فوضعه في 15/ 7 تموز.
لتكن صلواتهم معنا
.*. للمزيد من المعلومات أطلب الموسوعة الكاثوليكية Catholic Encyclopedia, art. Sts Quiricus & Julita او Wikipedia , art. Julitta & Cyricus .
عـيد مبارك لكل مَن يُسَّمَى : قُرياقوس أو جوليت ! صلواتهما تحميكم من كل سوء.