سألت قارئة كريمة ما يلي : هل الشيطانُ موجودٌ فعلاً ؟
2– هل يستطيعُ أن يؤثر على الأنسان في لحظات الضعفِ ؟
هل لا سلطان له علينا لأننا أولاد الله ولنا علاقة بالمسيح ؟
أنتم أولادُ أبيكم إبليس !
هذا ما قاله يسوع للكتبة والفريسيين (يو8: 44). إن خبر الخطيئة والفداء مبنيٌ كله على حقيقة وجود ابليس ومحاولته إغواءَ الأنسان لإهلاكِه. فهذا سفر التكوين يشيرُ الى أنَّه لولا تجربة ابليس للأنسان لما دخل الشر اليه (تك 3: 1-24). وبدء حياة يسوع العلنية للرسالة موسومة بتجربة ابليس له (متى4: 1-11). وسيعاوده قبل آلامه كما قال لوقا:” إنصرفَ عنه الى أن يحين الوقت” (4: 1-13). ويخرجه يسوع من مصابين كثيرين (مر1: 27). كما نقل الأنجيل عن يسوع أنه لما أرسل تلاميذه للتبشير رأى الشيطان يهوي من السماء كالبرق ، طبعا ليعيقهم ، لكن يسوع أعطاهم سلطانا يدوسون به كل قوة للشيطان (لو 10: 18). وقبل الآلام مباشرة قال يسوع لبطرس:” هوذا الشيطان قد طلبَكم ليغربلكم..” (لو 22: 31) كما غربل وسحق أيوب (أي1: 7-19؛ 2: 2-10). وهو الشيطان الذي يوسوس ليسوع في بستان الزيتون أن يرفض الألم الشديد الذي ينتظره (متى26: 39-45). الشيطان موجود ونكرانه بالذات هو تجربة منه ليعمل براحته في الخفاء.
تأثير الشيطان على الأنسان !
للشيطان طبعا سلطان سلبي في الكون كله. ونعرفُ أنه أثَّرَ على الأنسان الأول فأغراهم إلى أن أغواهم فسقطوا. وذكر الكتاب أن حسد شاول من داود ومحاولة قتله كانا بدفع من روح شرير(1صم18: 10؛ 19: 9). إستطاع أيضا أن يُغريَ يهوذا الأسخريوطي بالمال ليخون ويسلم معَّلمه للموت. كما إستطاع أن يخيفَ بطرس من الموت الى درجة حتى ينكرَ أنه يعرف يسوع وهو دافع عنه في بستان الزيتون. ليس تأثيره بالأيحاء ، بل بالتشجيع على تنفيذ الشهوات والرغبات الملتوية التي يشعر بها الأنسان غريزيا. تأثيره هو أنه يشَّوش فكرنا حتى لا نثق بالله ولا نرى الحقيقة بوضوح. يجعلنا نشَّكُ بالأمر فنحتار أين هي الحقيقة. ثم يصور لنا الواقع بشكل يغري. ويقلل من نتائج عملنا إذا فشلنا. وأخيرًا يشجعنا أن نجَّربَ ، أن نختبرَ وهذا من حقنا، حتى نتأكد منه. وهو يستغل بالطبع أوقات ضعف الأنسان وتعبه وآضطرابه وآنشغاله بأمور الدنيا ليشجع الأنسان على الخطـأ الذي يصَّورُه له خيرا. وأخيرا ذكر الأنجيل نماذج من مرضى إستحوذ عليهم الشيطان يدفعهم الى الشر أو الى إيذاء الذات.
هل لأبليس علينا سلطان ؟
بالطبع لا سلطان للشيطان كما لله علينا. أى نقدر أن نقاومه ونتغلب عليه. سلطانه هو فقط أنه يقدر أن يُجَّربَنا. وقد جَّربَ حتى يسوع نفسَه. ولهذا نصلي الى الله قائلين ” لا تدخلنا ىفي التجربة. لكن نجَّنا من الشرير”. ونبَّهنا الرب من ذلك وسَّلحنا بالصلاة حتى لا يغُّشنا ابليس. وقال” إسهروا وصَّلوا كي لا تقعوا في التجربة “(متى 26: 41). لأن الشيطان يريدُ هلاكنا فهو يحاول كلَّ جهدهِ أن يوَّقعنا في عمل الشر. يقول مار بطرس:” إنَّ إبليس خصمكم كالأسد يرودُ في طلب فريسةٍ له ، فدافعوه راسخين في الأيمان “(1بط5: 8-9). ويأتينا كما قال الرب في لباس الحملان وهو ذئبٌ خاطف ، حتى قال عنه مار بولس بأنه يخدعُ الناس بحيثُ ” يتزَّيَّا أحيانا بزيِّ ملاكِ النور” (2كور11: 14). فكوننا تلاميذ المسيح أو أبناءَ الله لا يعصمنا من التجربة. لأنه إذا لم نصادف تجارب لا تكون لنا فرصة الأختيار. وإذا لم نستعمل حريتنا في آختيار الخير والقيام به لا نكون صورة الله ولا نستحق السماء. لأنَّ الملكوت، كما قال الرب ” في جهاد، والمجاهدون يأخذونه عنوة “(متى11: 11). هكذا قال الرب لقائين:” إذا أحسنت عملا رفعتُ شأنكَ. وإذا لم تُحسِنْ عملا، فالخطيئة رابضة بالباب وهي تتلَّهَفُ إليك ، وعليك أن تسودَ عليها” (تك4: 6-7).