أهلا وسهلا بالأخت نورا وليد يوسف.
كتبت الأخت نورا تقول بأنَّ خلافات تحدُثُ ونزاعات بين طرفين { لاسيما بين الأهل والأقرباء } تؤَّدي الى الزعل وحتى أحيانا الى قطع العلاقات بينهما. فسـألت :
هل يجوز تناول القربان عندما يكونُ الشخص في حالةِ زعل مع أشخاص معَّينين ، حتى لو لم يحملوا الحقـدَ أو الكـراهـية لبعضهم ؟
الزعل والقطيعة !
الزعلُ والقطيعة سلاحُ الأنسان الأضعف لمواجهة مواقف صعبة تحتاجُ الى ترَّوٍ وتفكير و بذل أحيانا. وقد يُصطنعان إصطناعا لتحقيق بعدٍ ومتابعة حلم خاص. وماذا يعني الزعلُ ، وماذا تعني القطيعة ؟. الزعلُ ينتجُ عن أنانية البحث عن الراحة الخاصة المطلقة والدائمة. وهو بالتالي عدم الأرتياح بل عدم الرضى عن مواقف للمقابل تُقلِقُ هذه الراحة. لا تسير الأمور كما يحلمها الواحد والسبب تصَّرفٌ مغاير لنظرتنا ولرغبتنا. والزعلُ ينتُجُ عن هذا الخلاف في وجهة النظر، الذي يُفَّسرُ بشكل سلبيٍّ سَّيُئ يرفُضُه طرفٌ ويُبَّررُه الطرف المقابل.
إذن هناك خلافٌ في وجهات النظر، أو القناعات الخاصّة، وهناك خلاف في قبول الأمر أو رفضِه. وبالتالي دينونة المقابل والحكم عليه بالخطأ ويتبعه عفويا قساوة في رد الفعل المقابل والذي يجرحُ أحيانا كثيرة فيؤولُ الى تكَّدرِ الخاطر والشعور بالألم وحتى بالأهانةِ والتقصير والتعَّدي. والنتيجة هي توَّتر الأعصاب وظهور جرح في الضمير أو القلب. وهذا يقودُ الى الأبتعاد تبعا لمبدأ ” الباب الذي تأتيك منه الريح سُّـدَه وآستَرِحْ “!. وهذا يعني القطيعة. وهذه لن تتم إلا إذا بدأت الكراهية تغَّذي الأحاسيس والحقدُ يُؤَّطِرُها.
بينما المفروض أن يلجَأَ من يشعرُ أنه مُهان أو مظلوم الى سماح المقابل وعدم تفسير الحدث وعدم المحاسبة بقدر اللجوء الى المحبة وآستعمالها وسيلة لتحَّدي الشر الذي يذُّرُ قرنه لطعن تلك المحبة وتفكيك وحدة القلوب. وهذا يتم فقط بالتنازل عن التقييم الشخصي و قبول وجهة نظر المقابل والتصَّرف على ضوئِها.
التناول في حالة الـزعل !
يقولُ مار بولس:” من أكلَ خبزَ الرب أو شربَ كأسَه ولم يكن أهلا لهما فقد جنى على جسد الرب ودمِهِ “(1كور11: 27). أنا لا أستطيع أن أُقَّدرَ ما في ضمير الأنسان وكم مستقيمة هي نيته أو كم نقي هو قلبه وبريء من حقد أو كراهية في حالة الزعل والقطيعة. ولكن بالأمكان أن نؤكدَ بانَّ الزعل والقطيعة يعارضاان مبدأ المسامحة والغفران وبالتالي مبدأ المحبة بدون قياس ” حتى الأعداء” على مثال المسيح. الزعل والقطيعة اتباع النزوات و طلبة راحة الزمن وليس الشهادة للحق حتى ولو بنكران الرغبات الشخصية وحمل صليب التضحية من أجل المسيح. الزعل والقطيعة هو التمسك بالرأي الخاص وتقديسه على حساب تعليم يسوع ودعوته لمقاومة الشر بقبول الظلم أحيانا. قد نكون على حق في تقديرنا للموقف وحكمنا على السبب. لكن الزعل والقطيعة لا يرضى عنهما. أما زعل الرسل على يعقوب و يوحنا ابناء زبدى عند طلبهما المناصب الأولى عند يسوع؟. دعاهم يسوع الى الهدوء و سألهم ان يخدموا بعضهم بعضا عوض التناحر. علينا في كذا حالات أن نسأل أنفسنا: هل المسيح يرضى عنا ويقبل تناولنا ؟ إذا وبخنا ضميرنا فذلك يعني ان الرب يرفض تناولنا. لا نبرر أنفسنا بأنفسنا. بل لنطلب التبرير عند يسوع نفسه. ولا نهتم بإدانةِ غيرنا. كل واحد أدرى بما في داخله. كل واحد مسؤول عن أعماله. كل واحد حرٌ ان يسمع كلام المسيح أو يرفضه. نحن لا نتبع أيا كان. بل نتبع يسوع وحده لأنه وحده نموذجنا الأعلى وحاكمنا.