أهلا وسهلا بالأخ بيرودي عمـاد
كتب الأخ بيرودي عن قيام حُّبٍ بين شابةٍ وشاب. ولما خطَبَها حَلَّـفَتْهُ إن كان لم يزنِ أثناء دراستِه في الخارج؟. لا مانع للشاب أن يحلفَ لتطمين الفتاة. ثم تساءَلَ ” هل الحلفان سلبِيٌّ أو غلطٌ ، أو يُسببُ الفشَلَ في الحياةِ الزوجية “؟.
لِمَ السؤالُ الآن ؟
أن يتساءَل الخطيبان عن ماضي بعضهما، كل واحد عن الآخر، أمرٌ طبيعي. إنها فقرة هامة من التعارف على الآخر. حتى يتزوجا يجب عن يعرفَ كلُّ واحدٍ الآخر كما يعرفُ ذاتَه، ولا يكون بينهما سِرٌّ. فلو ظلَّ بينهما أمرٌ خفي لن يصبحا واحدًا في الزواج. لأنَّ الوحدة يجب أن تتم في الفكر والروح لا فقط في الجسد. وإذا كذبَ أحدُهما على الثاني أو أخفى عنه شيئًا فتلك خيانةٌ أقوى وأهم من خيانة عابرة وقع فيها عن ضعفٍ. هذه الأخيرة يمكن أن تُصلح لأنها غير مقصودة. أما إخفاءُ جزءٍ من الحياة عن شريك المستقبل فذاك يعني عدم ربط جزءٍ من الحياة بالشريك. وهذا يعني بالتالي الفشل بسبب عدم إكتمال وحدة الروح بينهما.
كشفُ الماضي حتى لو كان أسودًا يدُّلُ على صدق الحب وآستقامة النية ويساعدُ على إكتمال الوحدة بين المحبين. أما إخفاءُ جزءٍ منه فهو يدل على عدم النزاهة وعلى نية الغِش. ولا يدومُ بناءٌ يقوم على الغش ، بل ينكشف سريعًا وينهار. ولكن كشفَ الماضي لا يُعطي الحَّق للمقابل أن يُحاسبَ حبيبَه ويعتبرَ خطأًا جنسيًا وقع فيه خيانةً. الخيانةُ تكون بين إثنين مُرتبطين بعلاقة حب قبل تلك الأخطاء. كلُّ علاقةٍ جنسية قبل الأرتباط بحب شخص مُحَّدَد تُعتبرُ خطيئةً ولكن ليست خيانة لعدم وجود رابطٍ بينهما عند إجراء الفعل. يخطأُ كثيرون قبل الزواج ، لكن خطأَهم لا يمنعهم من تغيير السلوك والأرتباط بعلاقة حب حقيقي ثم عقد زواج ناجح.
أما عن السؤال عن الماضي وكشفِه فمن المفروض أن يتم في مرحلة التعارفِ وحتى قبل إعلان الحب المتبادَل. ولن يكون الحُّب حقيقيًا إلا بعدَ التعارف العميق على ما هو مخفِيٌّ في داخل الآخر. فإذا عرفَ إثنان بعضَهما وأحَّبا بعضهما رغم ذلك، وقررا عوض المحاسبة أن يتعاونا في تقديس الذات ويتزوجا، فيكون هذا الزواج ناجحًا %.
لا تحلف !
لم يُفصِح الأخ السائل عمَّا إذا كان الحلفان يقومُ على الكذب أم على الصدق. ولكن سياقَ حديثه يبدو أنَّ الحبيب متورطٌ في علاقات جنسية قبل أن يتعَّرفَ على حبيبتِه، وأنه مُستَّعدٌ أن يحلفَ كَذِبًا ويخفيَ الحقيقة وذلك بغية طمأنةِ خطيبتِه وضمان الزواج منها. ولكنه لا يُفَّكرُ أنَّه يُوَّرطُ نفسَه في خديعةٍ جديدة لأنه يكذب على خطيبتِه. وعندما تكشفُ خطيبتُه هذا الأمر ستُحاسبُه لا فقط على أنه سبق ومارسَ الجنس مع غيرِها بل وعلى أنَّه خانَها فغَشَّها هي بالذات فكيف تثقُ به أنه لن يخونَها في حُبِّها ؟. وتصَّرفٌ من هذا القبيل لا يُؤتَمَن عليه. وغِشٌّ من هذا النوع يفضحُ عدمَ وجودِ حُبٍّ حقيقي. فطمأنةُ شريك المستقبل لن تكون في خِداعِه والكذبِ عليه بل في الأقرار بالواقع كما هو لأعطاء الضمان والمجال للحب بأنَّ يمحوَ الماضي الأسود ويُزيل البقعة السوداء من رقعةِ حُّبه البيضاء. وإلا إنتشرت البقعة السوداء وسَوَّدت الحياة كلَّها. وعندئذ يكون الفشل نهاية حتمية ذريعة، و بالتالي ينهار البناء المقام على الرمل.
وقد قال الله ” لا تحلف”. ولاسيما بالكذب. والحلفان يعني الشعور بالنقص في إثبات ما يَدَّعيه المرء، والألتجاء الى كفيل يضمن له تصديق الناس له وثقتهم به. كيف سيكفله الله إن كان الحالفُ كذابًا؟. لا يحمي الله الكذب. وبالتالي لن يجمعَ بين كَذّابٍ وصادق. وإذا لم يجمع الله بين قلبين في حياةٍ واحدة ، سيبقى القلبان مُفَرَّقَين حتى لو تظاهرا بالأتفاقِ معًا. و ستحول حياتهما جحيمًا تُحرقُهما نار الندم والغيرة والشَّك والبعد الروحي عن بعضِهما. و هكذا يكون الحلفان في الواقع المعروض تصَّرُفًا سلبيًا مغلوطًا يُؤَّدي في النهاية الى فشل زواج يقوم على مثل هذا الأساس.