وكتب الأخ رياض أيضا : ” كثيرون يمتنعون أخذ القربان من يد الشماس ، لأنه ليس مرسوما مثل الكاهن. أو لأنَّ لبعض الشمامسة حياة ً شخصية غير مسيحية ، لا تليقُ به كشماس “!. فسأل : ما هو الجــواب ؟
فأولاهم سُلطانًا … !(متى 10: 1)
عملية توزيع القربان ترتبطُ بسر الكهنوت. فمن مهمام الأسقف والكاهن والشماس الانجيلي أن يُعطوا التناول للمؤمنين. ولكنه قد درجت منذ بداية الكنيسة بأنَّ السلطة الإدارية الكنسية يحُّقُ لها أن تُكلفَ غيرهم لأخذ القربان للمرضى او السجناء أو أية حالةٍ خاصة ، تجمعات دينية كبيرة مثلا في مناسباتٍ خاصة ، تعتبر ضرورية للسماح لغيرهم أنْ يُعطوا التناول.
قيمة القربان وعظمة نعمتِه لا تقفُ على الشخص موَّزِعِه. بل تتعَّلقُ بمن يتناوله وباستعداده الباطني. يعَّلمُ اللاهوتيين بأن القداس لا يتحَّققُ ولا تتكرس القرابين بسبب قداسة المحتفِل بها. بل تتكرس وتصبح جسد المسيح بقوة الروح القدس ، حتى لو كان المُقَّدِسُ خاطئًا و مجرمًا. فسُلطان توزيع القربان ايضا لا يتعلق بقداسة الشماس أو الكاهن بل بتفويض الكنيسة وتكليفها إيّـاهُ بأداءِ تلك الخدمة لصالح المؤمنين وليس تكريما له هو وتمجيدًا.
لقد جاء المسيح من لدن الله ورفضه اليهود لأنه لم يرُقْ لهم ولم يتماشَ مع رغائبِهم. حكموا عليه بأنه ليس من الله لأنه ، حسب رأيهم ، يخالفُ شريعة الله !. وهكذا تعوَّد المؤمنون أنْ يُنَّصبوا أنفسهم حكماء على خدام الكلمة والأسرار فيقبلون منهم من يروقون لهم ويرفضون من يتصَّورونهم غير أهل لدرجتهم وخدمتهم. بينما الحَّق ليس في دينونة الآخر: ” لا تدينوا لئلا تُدانوا”. إذا رفضنا التناول من يد أيٍ كان إننا لا نرفضُ ذلك الشخص بل نرفض من خوَّله تلك الخدمة : نرفض الكنيسة. وإذا رفضنا الكنيسة نكون قد رفضنا المسيح نفسه هو الذي خوَّلَ الكنيسة سلطان الحل والربط. وهكذا نكون نقيم أنفسنا حكاما ندينُ حتى الكنيسة والمسيحَ نفسه.
إن كان شماسٌ او كاهنٌ مخطئًا وغير أهل لتوزيع الأسرار يمكن أن نـنَّبه عنه رئيسه الأعلى أى الأسقف ليهتم بالموضوع. أما أن لا نتناول من يده فنكون نتجاوز حقَّنا وسلطاننا. لم يُقِم المسيح كل مسيحي معَّمَد حاكما يدين البشر. بل طلب من كل مسيحي أن يتواضع مثله فقبل الختانة والتطهير ومعمودية التوبة وهو لا يحتاج الى ولا واحدة منها بل ألغاها كلها بعده. و غسل أقدام رسله وهو يعلم بخيانة يهوذا ، ونكران بطرس ، وهرب البقية !. نهانا يسوع عن إدانة الناس ودعانا الى معالجة نواقصنا وأخطائِنا ؛ نهانا عن التصرف مثل أبناء العالم وما زلنا الى يومنا نعادي من يعادينا ونصَّفقُ لمن يدغدغنا. صحيحٌ أن عيوننا ترى المقابل و ليس ما علينا، لكن الرب دعانا الى أنْ ننظر الى الداخل وننقي الصحفة من هناك. لم نتعَّلم أن نحترم حرية المقابل ونقبله كما هو، ولا أن ندعَ الموتى يدفنون موتاهم ونحن نتبع المسيح!. لقد تركنا المسيح وتبعنا أهواءَنا ومشاعرنا وصرنا نقدسها بآسم المسيح، فنعلنها أحكاما الهية صادرة من الحق الالهي.
فليس التناول مزاجيا حتى أختار أنا من يد من أتناول. وليس الأمر إختياريا حتى أقرر أنا من يناول. الأمر ايماني : هل أسمع كلام المسيح من خلال الكنيسة وأقبله وأتفاعل معه، أم أتعلق بآرائي وأحكامي ولا أعترف لا بالكنيسة ولا بالمسيح؟؟.