أهلا وسهلا بالأخ فادي المصلاوي
كتب الأخ فادي يقول :” نستقبلُ كلَّ سنةٍ العيد ـ الميلاد والقيامة ـ بدون الإستعداد اللائق. نهتَّمُ فقط بالملبس والمأكل والحفلات. أَوَّدُ سببًا { وسيلةً !} يساعدنا على تغيير هذا الطبع فننتظر العيد بحرارة { إيمانية !} “.
العــيد ! ماذا نعني به ؟
ما نفعله هي مظاهر الفرح والراحة بالزمن الذي نمُرُّ به والذي يُذَّكرنا بأحداثٍ لها في حياتنا صدى وقيمة نعتبرها جوهرية لا غنىً عنها. فالمأكل والملبس والحفلات أمورٌ مادية حسّية تعَّبرُ عما تحُّسُ به الروح. فالأنسان روحٌ وجسد، فكرٌ وعاطفة. يقولُ العّلامة اللاهوتي عبدالله ابن الطّيِب بأنه ينبغي أنْ ” يُعِّدَ المؤمنُ نفسَه، للقيامة والأعياد والآحاد، و يشرك الجسم في النظافة والملبس والقصد من ذلك تطهير النفس. لأنَّ مشاركة الجسم دليل على إستعداد النفس وتيَّقُظها” (فقه النصرانية،ج2، لوفان 1957، ص95). لكننا نُرَّكزعادةً وعامَّةً، “على قولة فادي”، على الجسد والعاطفة على حساب العقل والروح، على حساب الأيمان. العيد يومٌ مُمَّيزٌ في حياة المسيحي له أبعادٌ روحية. وله ايضًا تداعياتٌ ونتائج أبعد من الزمن . إنه تهيئة وتدريبٌ للحياة الأبدية حيث نحيا مع الله. فيوم العيد يكون يومٌا نقضيه مع الله في إطارالوحدة الأبدية معه نمارسُ شكلها البسيط على الأرض خلال الأعياد المارانية الكبيرة. نحيا مع الله أفرادًا وعوائل وحتى شعوبًا لأنَّ المسيح تجَّسد و ولد ثم مات وقام من أجل كل البشرية، أفؤادًا وجماعاتٍ !.
الإستعداد للعــيد !
لم تَـن ِ الكنيسة تُذَّكر المؤمنين بأن يتّمَ الأِستعدادُ ” إنسانيًا ” لا ” عاطفيًا وحِسِّيًا “. يعني ذلك أن يستَّعِدَ المؤمنُ كإِنسانٍ واعٍ على هويته وثقافتِه وتطَّلُعاتِه، وأيضًا ماذا يعني العيد بالنسبة إليه، وليس تبَعًا لعاداتٍ وتقاليدَ لم يعُد يعي أبعادَها. الأستعدادات المادّية نبعت من الأيمان بميزة العيد وأهميته، ولكي تكون علامة الفرح الباطني الذي يحُّسُ به في فكره وقلبه، وعلامة الطهارة والنقاء الروحيين اللتين يتطلبهما العيد وأنَّه قد زَّين نفسَه بها، تلك الطهارة والراحة اللتان تملأآن نفسه فرحًا وتشُّعانه في إستعداده. إنَّ أهمَ وسيلة لراحة النفس هي تنقيتها مما شوَّهتها من أدناس أفكارٍ خاطئة وتصَّرفاتٍ غير لائقة بمؤمن بالمسيح. ولذا تحُّثُ الكنيسة المؤمنين على غسل روحيٍ وتوبةٍ صادقةٍ في منبر الإعتراف، وتنَّظَمُ في رعايا كثيرة رتبةُ توبةٍ تدعو المؤمنين إلى المشاركة فيها تساعدهم على طلب غفران الله على يد الكهنة. وبجانب التوبة والأعتراف تُرشدُ الكنيسة إلى إدخال فرح العيد الى نفوسٍ كثيرة متضايقة بمساعدتهم في حاجاتهم. إشتهرت ترتيلة للميلاد في العقود الأخيرة بآسم ” ليلة الميلاد” تقول :” أكون في الميلاد : عندما أسقي عطشانا كأس ماء .. عندما أكسي عريانًا ثوبَ حب .. عندما أكفكف الدموع في العيون .. أفرشُ القلوبَ بالرجاء ..أُقَّبل رفيقي دون غش .. أُمَّوتُ فيَّ روح الأنتقام .. وتذوبُ نفسي في كيان الله”!!. كُلُّها سُبلٌ للإستعداد للعيد بعمل الخير وتقديس الذات بها يشعر المؤمن بفرح باطني. ومثلها للقيامة أستَّغلُ فترة الصوم للتخلص من نواقصي وأكون بالإحسان قريبًا من الفقراء و البؤساء. وبما أنَّ يسوع مات عن نفسِه وقام ليُحيينا نحن فهو يدعونا أن نستعد لعيد قيامته بموتنا عن ذواتنا لنقوم معه بفرح وراحةٍ وهناء سماوية. يتطلب الموتُ عن الذات التخَّلصَ من كل شَّرٍ فينا. هكذا فعل لصُّ اليمين فآستغَّل فرصة الصلب فتاب وغنمَ فرح الراحة مدى الأبد. طلب الغفران. لم يُقِم حسابًا لآنتقاد الناس ولا تصَّرف مثل زميله. بل إختار طريقه و وتصَّرف كإنسان قاسَ الأمور بميزان الله. وللغفران وجهه الثاني أي سماح الآخرين عن أخطائهم تجاهنا. غفر يسوع في قمة إهاناته وآلامه لصالبيه ولكل الخطأة.
من ثمار هكذا سلوك يشعر المؤمن براحةٍ وفرح يغمران نفسه لأنه قام بعمل غير إعتيادي طلب منه شجاعةً وإصرارًا في تفعيل الأيمان بشكل حيوي لا نظري. يُعتَبرُ كذا تصَّرف عملا بطوليًا يُعطي النفسَ دُفئًا روحيًا.