أهلا وسهلا بالأخ مارفن عقراوي.
قرأ الشماس مارفن جوابي عن سؤالٍ حول حركة لوثر في 21/ 12/ 2015 فطرحَ الأسئلة التالية :
+ من أين أتت الكنيسة الأنجيلية ؟
++ هل الكنيسة الأنجيلية نابعة من أفكــار لوثر ؟
الكنيسة الأنجيلية !
كان من الأفضل لو تحَّدثَ السائل عن ” الكنائس الأنجيلية ” بالجمع لا بالمفرد. لأنها ليست كنيسة واحدة تُسَّمي نفسَها كذلك بل كنائس عديدة ، بالمئات إن لم تكن بالآلاف. يوجد منها في أمريكا وحدَها أكثرمن الف وخمسمائة كنيسة. وربما ظهرَ لقبُ ” الأنجيلية ” في أمريكا ومنها آنتشر في كل العالم. ولم يكن حدوثُ ذلك من زمن بعيد. ربما يرتقي ذلك الى القرن التاسع عشر عندما بدأ نشاط أمريكا السياسي يتوسَّع في الشرق الأوسط تحت غطاء إرساليات دينية.
لماذا الأنجيلية ؟
قد يكون عامل الأنقسام في الكنيسة جعل أبناء كل كنيسة يبحثون عن لقب رسمي قريب من المسيح ، أو الحقيقة، يفقأُ العيون. وهكذا عُرفت كلَّ كنيسة مختلفة عن غيرها بنعتٍ مختلف : الكاثوليكية والمونوفيزية والأرثذوكسية والبروتستانتية والأنكليكانية ، و..و..و. أما الكنيسة البروتستانتية فعرفت بألقاب عديدة تبعا لآتجاه فكرها وتعليمها وقادتها، مثل : اللوثرية و الكلفينية والبريزبيتريانية والمعمدانية وفروع أخرى عديدة. فالكنائس التي ظهرت بعد حركة لوثر دُعيت بداية بـ ” البروتستانتية”، وتعني الكلمة ” المعترضة” أو المعارضة تمشيا مع بدايات الحركة بـ”الأعتراض ” على الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. وآدعوا أمانتهم للأنجيل فآتهموا الكاثوليكية ونعتوها بـ ” ناكرة ” للأنجيل. ولذا وضع البروتستانت على قمة أبراج كنائسهم ديكًا يميل مع الرياح علامة على إتجاهها. ولكن إختيار الديك لم يكن صُدفة ً ولا عرّضًا. بل كان بإمكانهم أن يستعملوا رمز أي طير آخر. إنمـا جاء اختيارهم للديك تعبيرا عن إدّعائهم بأنَّ الكاثوليكية نكرت الأنجيل كما نكر بطرس المسيح. وكما فضح الديك بطرس هكذا يفضحون نكران الكاثوليك.
يقول القاموس الفرنسي، من حيث أنطلقت شرارةُ الأصلاح في الغرب قبل أن يتحرك لوثر، عن اللفظة ” الأنجيلية” E`vangelique واصفًا إياها كما يلي: ” بالعلاقة مع الأنجيل، أو مطابقة له. عبارة ٌيستعملها البروتستانت لُيوسِموا إصلاحَهم بسمةِ العَودةِ الى روح الأنجيل” . وعَّرفَ لفظة ” الأنجيلية Evangelisme ” بـ ” التطَّلع أو الأمتداد نحو العودة الى حياةٍ دينية حسب روح الأنجيل. هذه عقيدة الكنيسة الأنجيلية “.
من أين أتت ، هل من فكر لوثر ؟
إدعاءُ ذلك بكذا بساطة لا يليق لا بتراث لوثر ولا بالمناهضين له. لوثر تمَّسكَ في البداية بأغلب الأسرار حتى وإن لم يعترفْ بالزواج سّرًا، ولا بالحضور الجوهري ليسوع في القربانة المُكَّرَسة، ولا خاصة بالسلطة الكنسية، لكنه لم ينفِ مع ذلك الكهنوت ولا المعمودية. أنما لم يطل الوقتُ كثيرا حتى رأى نفسه غير قادر على ردَّ التيار الذي بدأ يجرفُ كل عقيدةٍ وتعليم، وآستنادا الى فكره هو بدءًا بأن لا خلاص للأنسان، ومرورًا بعدم وجود كنيسة أو سلطة تعَّلم أو تدرأ الشر، وبالنتيجة إعلان عقيدة ” الفكر الحر” أى لا أحد يعلم أحدًا ولا أحد يمنع أحدًا حتى ولا عن الشر؛ كلُ واحد يقرأ الكتاب المقدس ويفهمه كما يوحي اليه الروح، وتتضاربُ أحيانا كثيرة إيحاءات الروح لواحد عن الآخر، فيتم بينهما إنفصال وآنعزال. وهكذا ظهرت جماعات متعددة مختلفة عن بعضها ولا سلطة أو قوة تقدر ان تتوسط بينها وتفرضَ تعليما آخر.
هذا هو السبب الظاهري للأنشطارات المتتالية على مر الزمن ولن تتوقف الى أن تجمعهم سلطة واحدة؛ فظهرت ، كما قال حَبرٌ كنسي، دكاكين لا تتشابه ولا تتصل ببعضها، هدفها السياسة والأقتصاد قبل المسيح وقبل الأنجيل. فجماعات كثيرة تتظاهر بالأيمان بالمسيح وتدعي الأنجيل دستورها لكنها تعمل من الداخل لهدم كنيسة المسيح. فهم أعداءُ الكنيسة يؤسسون كنائس على مزاجهم للتستر تحت خيمتها ولتحقيق مآربهم الهَّدامة، مستندين بذلك علنا الى فكر لوثر. وكثيرٌ من تلك الجماعات ، او الكنائس المستقلة، لم يبقَ لها من العبادة سوى قراءة الكتاب المقدس والترتيل وشرح الكلمة. بينما يكثف نشاطهم السياسي. صحيحٌ أن لوثر نفى كل سلطة بشرية للكنيسة، رغمًا عما قاله الأنجيل، لكنه بقي مع ذلك يؤمن بالمسيح. بينما ايمان أغلب الكنائس الأنجيلية هو مظهرٌ فقط ولهذا يتمسكون بالحرف ، ولا يقبلون باي شيء لم يذكر حرفيا في الأنجيل.