أهلا وسهلا بالأخت نغـم حــنا.
سألت الأخت نغم :- هل الأعتراف عند الكاهن ضروري، أم يمكن بيني وبين الله فقط ؟
يعتمدون .. معترفين بخــطاياهم !
لما كان يوحنا يُعَّمد كان يدعو الشعب الى التوبة والى إظهارها بثمار تغيير السلوك تليق بها (لو3: 8)، فكان التائبون ” يعترفون بخطاياهم”. فالأقرارُ بالخطأ يعني الأعتراف بالمرض. وكشفُ الخطايا مثل كشف المريض جرحَه أو موضع ألمه. فإذا لم يكشف المريضُ سرَّه لن يستطيعَ الطبيبُ وصفَ العلاج الملائم له. وهكذا إيضا عندما يتكَّدرُ الوضعُ بين الناس فإذا لم يتصارحوا ويُكشفوا ما في قلبهم وفكرهم لن يستطيعوا التفاهم والتصالح. ومن هذا القبيل يقول مار يعقوب ” ليعترِفْ بعضُكم لبعض بخطاياهُ “(يع5: 16). إخراجُ ما في الداخل يُرَّيحُ الأنسان ويُجَّنبُه العثور من جديد. وإذا أفرغَ المرءُ داخله من السوء يقدر أن يصُّبَ عوضَه ويملأه بالخير والبر.
وللأقرار بالخطايا يحتاجُ التائبُ الى من يُصغي اليه ويفهمه ويُحاورُه ليتأكدَ من الوصول الى نتيجة. بهذه الطريقة يستطيع الطبيب أن يَشفي المريض. وهذا هو دور الكاهن في المنبر: يُصغي ، يحاور ويعالج. ولما كلَّفَ يسوع الرسلَ بمتابعة عمله التعليمي والتقديسي قال لهم :” إقبلوا الروحَ القدس ” أي زوَّدهم بسلطانه الألهي ، وأضاف :” من غفرتم له خطاياه تُغفَرَ له ، ومن أمسكتُم عليه الغفران يُمسَكُ عليه” (يو20: 22-23). إنه سلطان مفتاح الملكوت (متى16: 19؛ 18:18). وكيف يقدرُ رسول اليوم – الكاهن – أن يحل أو يربط إذا لم يحضر أمامه التائب ، ولم يطلب منه ذلك لاسيما إذا لم يفتحْ له قلبه ولم يكشف له سِرَّه؟. وإذا لم يكن هذا الأعتراف أمام الكاهن ضروريا ، بل يكفي الأقرار بالفكر أمام الله فلماذا إذًا قال يسوع هذا الكلام وأسس هذا السر؟. ولماذا دعا الناس الى التوبة ؟ (متى4: 17). ولماذا أيضا كلَّفَ الرسل أن يكرزوا بآسمه بالتوبة لمغفرة الخطايا؟ (لو24: 47). وإذا لم يكن المسيح هو الذي نظَّم الأمرّ هكذا فكيف يكتب بولس لأهل كورنثية :” زالَ القديم وها هو كل شيءٍ جديد. وهذا كله من اللهِ الذي صالحَنا على يد المسيح، وعهدَ إلينا في خدمةِ المصالحة. لأنَّ الله صالحَ العالمَ في المسيح .. وجعلَ على ألسنتنا كلامَ المصالحة. فنحن سفراءُ المسيح، وكأنَّ الله يعظُ بألسنتنا !” (2كور5: 17-20).
يُسَّمى سِرُّ الغفران بـ ” سرِ التوبة والمصالحة “. التوبة علاقتها مع الله والمصالحة علاقتها بالكنيسة. يخطأُ الأنسان ضدَّ الله فيعتذرُ منه ويستفغر ذنبَه. ولما أخطأ واحدٌ ضد الله أصبح خارجَ الكنيسة التي هي جسد يسوع السّري وقطع شركتَه معها. وبما أنَّ اللهَ أقام الكنيسة وسيلة الخلاص و دربه وسَّلمها مفاتيح ملكوتِه فمن الطبيعي أنْه لن تكتمل توبة الخاطيء ولا ترجع علاقته طبيعية مع الله إلا من خلال الكنيسة وعلى يدها. فمن لا يتصالح مع الكنيسة ويعزلُ نفسَه عنها لا يقدر أن يستعيدَ علاقته مع الله أيضا. هذا هو سلطان الحل والربط ، وسلطان الغفران والأدانة !. والمصالحة مع الكنيسة لا يمكن أن تتحَّققَ إلا على يد الكهنة الذين أقامتهم الكنيسة لهذه الخدمة. تعَّلمُ الكنيسة بهذا الشأن :” هناك عنصران جوهريان متساويان في الأهمية في سر التوبة : من جهةٍ أعمالُ الأنسان التائب.. وهي التوبة والأقرار بالخطايا مع التكفير عنها؛ ومن جهة أخرى عمل الله بواسطةِ الكنيسة. فهذه تغفر الخطايا وتحَّددُ طريقة التكفير عنها، بواسطة الأسقف وكهنتِه، وبآسم يسوع المسيح. و تصلي أيضا لأجل الخاطيء وتشترك معه في عمل التكفير. وهكذا يحظى الخاطيءُ بالشفاء ويعودُ الى حضن الشركة الكنسية “( التعليم المسحي للكنيسة الكاثوليكية ، رقم 1448). وتضيفُ بأنَّ ” الأقرار بالخطايا للكاهن هو جزءٌ جوهريٌ في سِرِّ التوبة “( ت.م.ك.ك.، رقم 1456).