أهلا وسهلا بالأخ رمزي زهير أوبي.
لاحظ الأخ رمزي أن الساعور، بعد ما يجمع العطايا، يُطفي أضواء الكنيسة على المذبح أو أمام تماثيل أو صورالمسيح ومريم والقديسين ثم يشعلها حالا، ويكررالعملية مرتين أو ثلاثة. فتساءَلَ : ## ما هو تفسير ذلك ## ؟
أوفِ للربِ نذورك ! متى5: 33
جاءَ في شريعة موسى أنَّ على من نذر شيئا لله لايؤَّخرُ إيفاءَه لأنَّ اللهَ يُطالبُ به (تث23: 22). وكانت النذورُ تقديمَ ذبيحةٍ أو حاجة للهيكل أو مشاركةً بتحمل مصاريف العبادة. و عادة تنذرُ الناس عندما تكون في حاجة يطلبونها من الله ، أو تعبيرا عن الشكر على نعمة نالوها أو أذية حماهم الله منها ، أو على شفاءٍ نالوه. وهكذا كانت الرعية تتحمل مصاريف المعبد فيتبَّرعون إما بالحاجات أو بالمال ليتدَّبر المسؤولون أمر الخدمة الكاملة. ومن جملة حاجة المعبد أو الكنيسة كانت الأنارة فكان المؤمنون يتبرعون بالشمع أو الزيت وأوانيها. و أصبحت هذه المواد من جملة ما يمكن الوعد بتوفيرها.
وكان غيرهم يطلب أن تضاء شموع الكنيسة أو كهرباؤُها على نيتهم ويضعون مقابل ذلك كمية من المال في صينية الكنيسة. فكان الساعور عندما يُنهي جولته لجمع العطايا يُشعل شموعًا ، على العدد المطلوب. ويُطفئها عند نهاية الصلاة قبل مغادرة الكنيسة. ولما تغَّلبَت الكهرباء وقلَّت الشموع ، ولاسيما عند عدم وجود مكان خاص لإشعالها بالإضافة الى زيادة نسبة خطورتها، صارت تضاء المصابيح، مصباحٌ واحد مقابل شمعة. ولما كثرت المصابيح حول الصور وتضاءُ كلها بزر واحد صارت الأضاءة مشتركة بين ناذرين كثيرين. وللدلالة على ذلك يشعل الساعور الأضاءة مرات عديدة مثنًى أو ثلاثًا أو أكثر حسب عدد الطلب على ذلك. فإذا طلب واحد تُطفأُ الأنارة مرة ثم تُشعَل. وإذا طلبَ ذلك ثلاثة تُكَّررُ العملية ثلاث تُطفأ وتشعَل إنارة الكنيسة أو جزءٌ منها ليلاحظه الشعب لاسيما الذين طلبوا إشعال الضوء على نيتهم و وضعوا ” كم قرشًا !” لأجل ذلك في صينية الكنيسة.
إنها أساليب تخضع لظروف الحياة وتقاليد تنبع من فكر الناس والهدف إعلان عملٍ روحي كان يُفَّضل أن يبقى خفيا أمام الله ولا يظهر لعيون البشر. لأنَّ الرَبَ قال :” إن تصَّدقتَ أو صليتَ أو صمتَ ” فآعمله في الخفية حتى يراه الله وحده ويكافِئَه.
مشكلةُ الأنسان أنه مجبول على المادة ويتعامل مع الحياة والبشر بالحواس. الأنسان يرى الآخرالمقابل له ويسمعه فيريدُ أن يراهُ الناسُ كذلك ويسمعوه. يريدُ أن يعرف عن الناس كلَّ شيء، وخاصّة ً عيوبَهم حتى لا يشعر بنقص تجاههم بل يقدر أن يتباهى أمامهم ليتفَّـوقَ عليهم. لذا يريد أن يُظهرَ نفسَه أمام الآخرين إنسانًا كاملا لا عيبَ فيه ليقطفَ إعجابَهم ومديحَهم. فما يراه مُعْتبرًا يفعله ويريدُ أن تعرفَ الناسُ به فيُعلنُه. لكن المسيح أدان تصرفًا مماثلا وصرَّح :” من رفعَ نفسَه وُضِعَ ، ومن وضعَ نفسه رُفِعَ “.