أهلا وسهلا بالأخ جوني.
سأل جوني مدى صحَّة مقال نُشرَ في موقعٍ مسيحي يدَّعي بأنَّ منظمة اليهود النورانيين ، التي هي “”منظمة شيطانية “” حسبَ قول صاحب المقال ، قد دخلت الى قيادات الكنيسة الكاثوليكية ، ودليل صاحب المقال أن الكرادلة قتلوا البابا يوحنا بولس الأول في 28/9/ 1978، وأنَّ الفاتيكان قد ” حجبَ نبوءَة مريم { في فاتيما 1917) ولم ينشرها أبدًا لأنها أنبأت بدخول رجاسات الخراب في التعاليم الإيمانية للكنيسة الكاثوليكية “.
النـورانيون !
من هم النورانيون ؟. باختصارهم جماعة منتقاة من بين أصحاب رؤوس الأموال يتحكمون في اموال العالم عن طريق المصارف الكبرى و يبتغون أن يتحكموا في العالم. إنهم جماعة باعت نفسَها للشيطان وعبدت المال عوضَ الله. فهم أشَّدُ أعداء المسيح وألَّدُهم. شعارهم الكذب والخداع والإرهاب. أسلوبُهم في العمل تشجيعُ العنف ، الأغراءُ بالمال والملذات ، زرع الفتن واستعمال السلاح والمؤامرات بإيحاء مباشر من ابليس. يسعون الى تدمير الدولة بإقامة حكومةٍ عالمية ، والكنيسة بهدم الدين. نَّظمَ هذه الحركة ، تلبية لطلب ممَّولين يهود ، كاهن يسوعي، آدم وايزهاوبت، جحد إيمانه المسيحي وألتحق سنة 1770م بمؤامرة يحوكها الشيطان ضد ملكة فرنسا ماري أنطوانيت والكردينال إدوار مستشار الملك لويس الـ 16. (للمزيد من المعلومات أحَّولُ القارئ اللبيب الى كتاب الأب جورج رحمة عن : الكنيسة الكاثوليكية والبدع – 4 ، النورانيون، لبنان، 2003).
البابا يوحنا بولس الأول !
توفي هذا البابا بعد 33 يوما من انتخابه رئيسًا للكنيسة. كنتُ يومها في روما. ونزلَ خبرُ وفاتِه كالصاعقة على المؤمنين لشدة ما أحبوه في روما. وكان أحدَ أقطاب تجديد روحانية المسيحيين لتتماشى أكثر مع روحانية يسوع المسيح. ولم يرُقْ هذا التجديد لمن يريدون أن تتخَّلفَ الكنيسة. وكان يُعاني من وعكةٍ في القلب. ولم يكدْ الفاتيكان يُعلنُ الخبرَ حتى بـدأ أعداءُ الكنيسة ، بعد ساعاتٍ فقط من انتشار الخبر ، يحشرون أنفهم في ما لا يعنيهم ويُشَّوهون سمعة الكنيسة ويدّعون أنه مات قتيلا على يد الكرادلة. ولم يكن كردينال يقيم في جناح البابا ليلة وفاتِه. وُجد البابا في منامه مائتا وبيده كتاب صلاة. وكان طبيبُه الخاص قد نبَّههُ الى خطورةِ حالِه. وقد شهد على ذلك في الفلم الوثائقي عن البابا. لم يكرهه أحدٌ. أحَّبه الناسُ و القائمون على خدمتِه بنوع خاص. فمن أين إستقت الصحفُ والمنظماتُ المناوئة للكنيسة هذه المعلومات ؟. أية وكالة أنباء كانت في جناح البابا لتشهد على ما حدث؟. وإذا كانت موجودة وعرفت بالأمر لماذا انتظرت 24 ساعة لتقول الحقيقة؟ ولماذا لم تُخبر عن الجناة أو لم تُقِم عليهم دعوى جنائية تطالب بالحق والعدالة؟. ألا يعرفون غير تحليل الأخبارعلى هواهم ، و بأفكارهم المسمومة وبعِدائهم المفضوح للحق؟. من يقتُلُ البابا ؟ وما المصلحة في قتله وهو لم يؤذِ أحدًا، ولا أخطأ في تعليم ؟. إنها أوهام لا أساس لها سوى مخيلةِ الكارهين وسوء نيةِ المُخبرين !. ليس هذا الأدّعاءُ سوى كذبة مفتعَلة لزرع الفتنة والشقاق في الكنيسة.
قياديون كنسيون نورانيون !
حماقةٌ أخرى ودجلٌ رخيص!. إدعى كاتبُ المقال أنَّ مريمَ العذراء في ظهوراتها في فاتيما تنَّبأَتْ أن النورانية ستُدخلُ الفسادَ الى التعاليم الأيمانية. وذلك على يد قيادات في الكنيسة ينتمون الى هذه المنظمة الملحدة والأرهابية. وقد ذكر اسم بعضِ الباباوات مثل يوحنا الـ 23 وبولس الـ 6 وآتهَمهم بآنتمائهم الى المنظمة. ولو كان قد ذكرغير تلك الأسماء لربما شككت وترَّويتُ قليلا وبحثتُ عن الخبر في المصادر الأصيلة. لأنَّ المعروف أنَّ يوحنا 23 كاتب الرسالة الشهيرة “على الأرض السلام” التي أنقذت العالم من حربٍ عالمية باردة كانت بوادر إنفجارها بالسلاح تلوح في الأفق. وهو الذي دعى، بتشجيع بولس6 ومؤازرته ، الى عقد المجمع الفاتيكاني الثاني 1962-1965 الذي غَّير مسارَ الإنسانية نحو التقارب و التآلف والتآخي والتعاون والتضامن بين كل البشر ، في محبّةٍ وآحترام متبادلين بين الناس و الشعوب. توفي يوحنا 23 بعد الجلسة الأولى للمجمع 11/10/1962 – 8/12/ 1962 ، تابعه بولس 6 وأنهاه وأشرف على تطبيق توجيهاتِه وإصلاح ما كان قد تشَّوه في الأخلاق.
وبعد وفاةِ يوحنا 23 ب 25 سنة فتحوا قبره وآندهشَ العالمُ إذ رأوا جثتَه سليمة ولم يمسسها الفساد!. وقد رآها العالم أجمع إذ أخرجوها و زَّوروها بعض مدن ايطاليا. إلا اللهم العميان منذ مولدهم!. ويوم 27/4/2014 أعلنت الكنيسة قداسته بعد أن أجرى الله بشفاعته معجزات باهرة.
يبدو أنَّ أتباع الشيطان أصابهم جرحٌ بليغ بما عمله هذان البابوان. فكيف ينتقمون منهما و يُشَّوهون إسمهما؟. أسهل الطرق إتهامهما بأنهما قد إنتميا الى منظمتهم الشيطانية وأنَّ التعليم الذي نشراه في العالم هو خاطيء. لكنهم لا يعرفون أنَّ حبل الكِذب قصير!. ولايعرفون أنَّ الروحَ القدس يُنَّور المؤمنين ولن يسمحَ لأبليس وأبوابِ جحيمِه أن يقووا على كنيسة يسوع.
رجاســات الخـراب !
فَّـخٌ سقط فيه الكاتب. خلفيةٌ يهودية لنبوءة دانيال تفضحُ مؤَّلف المقال. جاء في دانيال9: 27 عن خراب الهيكل على يد الرومان الأوثان :” وفي الهيكل ترتفعُ رجاسةُ الخراب. وتبقى هناك الى أن ينْصَّبَ غضبُ الله على الذي رفعها “. وقد أتى الأنجيلُ على ذكرها(متى24: 15؛ مر13: 14) وعنى بها تدنيس الهيكل على يد الرومان سنة 70م. وأعطاها مثالا لنهاية العالم ولكن بشكل آخر، بتدنيس الأخلاق الأنسانية حيث ” يتفاقمُ الفسقُ وتفتَّـرُ المحَّبة ” ، و ” يكثر الأنبياءُ الكَذَبة ويظهرُ مسحاءُ دجَّالون”، ولكن لا أحد يكتشفُ ساعة النهاية. لأنه كما ” يومضُ البرقُ من المشرق ويتأَّلقُ في المغرب هكذا يكون مجيءُ أبنِ الأنسان ” (متى24: 10-27) ؛ فلا أحد يعلم لا اليوم ولا ساعة مجيئه ” لا ملائكة السماء ولا الأبن إلا الآبُ وحدَه “(متى24: 36).
تشويهُ التعاليم سهلٌ مثل هدم البنايات. أما معرفة الحقيقة فتتم رؤيتها كما ترى الشمس من وراء الغيوم. كثيرون إدَّعوا لأنفسهم المعرفة التامة والرؤية الصافية المضمونة للحَّق لكنهم لم يكونوا سوى متوَّهمين وغشَّاشين لأنهم لم يعرفوا الله أصلا (يو16 : 3). ليس كلُ من إدَّعى تفسيرَ كلام الوحي الألهي يصدقُ في قولِه. لن يقدرَعلى ذلك إلا من أُعطيَ له ، لأنَّ ” الروحَ القدس حملَ بعضَ الناس على أن يتكلموا من قِبَل الله ” (2بط1: 21).
سِّــرُ فاتــــيما !
جهلٌ مطبق وقولٌ ســخيف!. اللهُ يسترُ على المؤمنين. إدَّعى صاحب المقال أنَّ مريم العذراء إستودعت الكنيسة سّرًا أخفته عن العالم ولم تكشف حقيقة ما جاء فيه. من أين عرفَ الكاتب أنَّ مريم سلمت سّرا الى الكنيسة ؟. إن كان حَّقا يعرف فليُعلن في مقال جديد تاريخ إعطاء هذا السر، ولمَن سَلَّمته مريم، وكيفَ وصلَ الى الفاتيكان؟. ليس الأفتراء صعبا ولا الأدّعاءُ الخاطيء ممنوعا في وسائل الإعلام العصرية. ديدنهم تشويه الحقائق وتحوير التأريخ لكي ينشروا أكاذيبَهم ويُرَّوجوا لها بالمال والجاه أو بالترهيب والتهديد.
لو كان صاحب المقال مؤَّرخا لآجتهدَ في أن يتابع الخبر بنفسه قبل أن يوَّرطَ نفسَه في نقلِ أكاذيب تفضحه. كان السّرُ موجودًا ومحفوظا في مكتبة الفاتيكان. وقد فتحه البابا يوحنا بولس الثاني. وأرسل سكرتير دولة الفاتيكان ليتصل بالرائية التي كانت ما تزال على قيد الحياة. وتأكد من إذا كانت المخطوطة بخط يدها؟. وطلبَ منها أن تساعدَه في تفسير الرؤيا. لقد أرَت مريم للرائية مشهدا ، رؤيا، تكشفُ به بعض أحداث الكنيسة. وأكَّدت الرائية أن الرسالة بخط يدها. وأنه آن الأوان لقراءتها وإعلانها. لأنَّ السماءَ أوعزت اليها بذلك. وقد أعلمتها بذلك مريم العذراء نفسُها. وقد أعلنت الكنيسة محتوى السر وتفسير الرؤيا. تم ذلك في 13/5/2000م بمناسبة يوبيل الخلاص.
والمحتوى يُشير بآختصار الى محاولة إغتيال البابا يوحنا بولس الثاني في ساحة القديس بطرس بروما في 13/5/1981م، وإنقاذ مريم له ، ولاسيما أنَّ عِداء العالم للكنيسة سيبوءُ بالفشل ، لأنَّ المسيحَ ينصرُ كنيسته على كل محاولات عملاء الشيطان بالقضاءِ عليها. مريم هي حامية النصارى. نعم يسقطُ شهداءُ كثيرون. ولكن ستغلبُ الكنيسة في النهاية وينهارُ أعداؤُها لا بالسيف إنما بالحب والصبر و لاسيما بالثباتِ على الأيمان. وحتى تتحَّقق الغلبة ويتجنبون سفك دماءٍ زكية بارة دعت مريم العالم ، خاصّة المسيحي ، الى التوبة والتكفير لينعم العالم بغفران الله وسلامِه. والخبر نشره الفاتيكان وتناقلته الصحف والجماعات التي تنوي خدمة الحقيقة. وقد نشر الفاتيكان منذ سنة 2000م حتى الترجمة العربية لنص رسالة السر، وترجمتَها في مختلف لغات العالم.
أخــونا باللـه !!!
يبدو أن كاتب المقال نقل فقط ما قرأه في مقالات كتبتها جماعات المنَّوَرين من الماسونية و شهود يهوه ، دون مناقشتها وغربلتِها. ليته كلَّفَ نفسَه بالأطلاع على المصادر الأولى والأساسية حتى يتأكد أولا من صحة ما يقرأ ، ثم حتى يحافظ على ماءِ وجهه أمام المجتمع الدولي فلا يُلَّطخ سمعتَه بـدجل لا ينفعُه. وإذا أحَّبَ القاريءُ الكريم أن يتأكدَ من كلامي يقدر أن يراجعَ السفارةَ البابوية في بلادِه أو أسقفَه الكاثوليكي حيثُ يقدر أن يَّطلع على نص رسالة فاتيما ، وعلى كل الوثائق المتعَّلقة بالفاتيكان. منذ سنين تلوكُ بعضُ الصحف وبعض القنوات الفضائية أخبار ظهوراتِ العذراء وتحَّورُ محتواها بشكل فاضح وتشَّوهُ ما حدثَ فعلا وما نتج عنه. تؤَّلفُ رواياتٍ من ثمر خيالها وتخرج ما في باطن قلبها وفكرها من نجاسةٍ وشر وفساد وتنقلُه عبر وسائلها بوجهٍ قبيح ” لغاية في نفس يعقوب ” !.
وقد تنقلبُ الآية ، و ينقلب السحرُعلى الساحر، فيخدمَ ذلك الكنيسة نفسَها أكثر من أن يُسيءَ اليها. وذلك بكشفهِ النيات السيّئة لأعدائها وأسلحَتهم العِدائية ، ولاسيما نقاط الضعفِ عند المؤمنين وجروحَهم فتعالجها. كما حدثَ لقضية الـ ” بيدوفيليا “.
وهكذا يمكن للسائل الكريم والقاريء اللبيب أن يكتشفوا بأنَّ ” الإدّعاءَ بدخول النورانيين الى قيادات كنيسة وتحوير تعاليمها ” محضُ هُراء ولا أساسَ له في الواقع ، وما هدفهُ سوى تشويهِ الحقيقة و زرع البلبلة بين المؤمنين الجهلة وجَّر الناس بقوة الكذب والدجل ( إكذِبْ ثم إكذب ثم إكذب ثم إكذب الى أن يُصَّدقَكَ الناس.هكذا يوجّهُ الأشرار والأحزاب أتباعهم لهدم صرح الحق!) الى عبادة الشيطان. وقد حَّذرَنا الرب من أمثال هؤلاء قائلا :” سيأتي كثيرون منتحلين اسمي.. يُضّلون أناسًا كثيرين .. إيَّـاكم أن تجزعوا… ولا تصَّدقوهم … ومن يثبتُ { في الأيمان } الى النهاية فذاك يخلُص ” (متى24: 5 – 26).