أهلا وسهلا بآلشماس حسان باكوس
تطرَّق آلشماس إلى فروقات في آلتعبير في بعض عبارات طقسية تعودنا على ترديدها في آلصلاة، ليس فقط بين كنائس كاثوليكية وغير كاثوليكية ولكن حتى في آلكنائس آلكاثوليكية إنَّما من طقوسٍ مختلفة. وأعطى أمثلةً هي :
+ المنبثق من آلآب + >ــــــــــــ< المنبثق من آلآب وآلآبن +
نقول:” إغفر لنا خطايانا ” ::::::::::: يقولون :” إغفر لنا ذنوبنا وخطايانا ” .
نغفر لمن أخطأ إلينا :::::::: نغفر لمن أخطـأ وأساءَ إلينا
يا مريم آلقديسة :::::::::::::::::: يا قديسة مريم
مبارك ثمرة بطنك يسوع ::::::::::: مبارك ثمرة بطنك سيدنا يسوع آلمسيح
يســــوع دُفِــــــــن ::::::::::::::::: يســـــــوع قُبــــــر “.
ثم كتب يسأل :
1ـ” لماذا آلفروقات بآلكلمات ولغة آلتعبير؟ هل هناك أي فرق لاهوتي؟ مثلاً : بين { الذنب}
و {آلخطيئة }؟؛ بين { ألإساءة } و {آلخطأ }؟؛ أم إنها مجرد ترجمات مختلفة ؟
الفرق آللاهوتي آلوحيد أعلم به :< المنبثق من آلآب > و< المنبثق من آلآب وآلآبن >!.
2ـ هل هناك محاولات لتوحيد الترجمات بين آلكنائس آلكاثوليكية أو آلرسولية ؟
لماذا آلفروقات ؟
أن تحدث الفروقات أمرٌ لا بدَّ منه نظرًا لآختلاف آلجماعات. إنه لمن آلطبيعي أن تتمَيَّز آلجماعات آلمختلفة بأمورها آلخاصَّة، إن لم تكن في آلجوهر فأقله في آلتفاصيل. ليست كنيسة آلمسيح وحدة عسكرية أو إقتصادية لتتحرك بنفس آلنمط أو تنتج نفس آلمادة. الكنيسة واحدة بإيمانها بآلمسيح آلواحد. وتؤَّدي رسالته آلواحدة في تقديس آلمؤمنين ونشر آلحقيقة بمحبة وتآخٍ راغبة في السلام وآلوئام. لكن آلكنيسة تعمل في أصقاع متعددة، وتتعاملُ مع حضارات وثقافات مختلفة، ولاسيما بآستعمال لغات غريبة عن بعضها، محاولة أن تصوغ فيها أيمانها ورسالتها. أضف إلى ذلك حرية آلعمل وتبني أسلوب خاص لتحقيق آلهدف تحت إرشاد آلروح القدس الذي يوزع مواهبه بأشكال عديدة ومختلفة لبنيان ملكوت آلله. فقد يكون آلإختلاف أحيانًا نعمة. هناك ثمارٌ، كآلتفاح مثلا، من نفس ألفصيلة لكنه بألوان عديدة وأذواق مختلفة. ورود من نفس الفصائل تختلف أيضا بألوانها ورائحة عطرها. فما آلمانع أن تختلف صلوات أو عبارات فيها في مظهرها آللغوي لكنها تحتفظ في باطن تركيبها على نفس آلحقيقة آلجوهرية. فآلصلاة بجوهرها آلإيماني لا بثوبها آللغوي.
هل يوجد فرق لاهوتي ؟
هذا ما تشير إليه صيغة آلتعبير أو آلتفسير. لكن لو تعمَّقنا في آلبحث عن آلمعنى آلحقيقي فآلعبارة لا تبدو أنها شاذّة أو زائغة عن آلحق. حتى عبارة ” الإنبثاق” متفقة في صيغتيها. ومأخوذة من نفس آلآية آلواحدة وهي :” ومتى جاء آلمُعَّزي، الذي أُرْسِلُهُ إليكم من آلآب، روح آلحَّق آلمنبثق من آلآب فهو يشهدُ لي ” (يو15: 26). لا ننسى يسوع قال ” أنا وآلآب واحد” (يو10: 30)، ومن رآني رأى آلآب “(يو14: 9-10). فآلآب يعني ” اللاهوت”. فعملية آلآنبثاق، مثل عملية آلولادة، هي من آللاهوت. إذا كان آلآبنُ واحدًا مع آلآب، وآلآبن هو آلكلمة آلإلهية، وإذا هو يرسل آلروح آلقدس من عند آلآب، فآلنتيجة آلمطلوبة أن الروح آلقدس هو أيضًا ” الله الحياة “. ولأنَّ عبارة مجمع قسطنطينية (سنة 381م) فسَّرها آلبعض خطئًا، عاد مجمع ليون آلثاني سنة 1274م فحدد آلعقيدة بعبارة ” الإنبثاق من آلآب وآلآبن” ،لإزالة كل شك بلاهوت آلروح آلقدس. فآلآن ليس آلخلاف في آلشرق وآلغرب على آلمعنى إنَّما على أن الشرق لم يكن مشتركًا في آلمجمع آلأخير بسبب آلآنقسام.
أمَّا عن الفرق بين آلذنب وآلخطيئة أو آلخطأ وآلإساءة ، فليس كل ذنب أو خطأ مقصودًا أو مُخطَّطًا له، فمسؤوليته أقل وعقابه أخف. بينما آلخطيئة وآلإساءة مادتها أثقل بسبب آلوعي وآلقصد الذي من ورائها، وبالتالي مسؤوليتها أثقل وعقابها أشد. ولكن آللهُ وحدَه يعرف و يُقَدِّر مدى خطورة ومسؤولية آلفعل. الخطيئة وآلإساءة فعل مباشر ضد إرادة آلله، بينما قد تكون أسباب آلذنب وآلخطأ غير مقصودة مباشرة ضد شريعة آلله.
نقولُ … ويقولون …!
1* عن أبانا آلذي
ما جاء عما في ” الصلاة آلربية ” عن ” إغفر خطايانا ” أو ” ذنوبنا وخطايانا ” فهو نتيجة الترجمات من آلأصل آليوناني. إنما تجمع آلترجمات على كلمة واحدة ” ذنوبنا”. تحدَّثت اللاتينية وآلإيطالية عن ” ديوننا”، وآلإنجليزية عن” مخالفاتنا” وآلفرنسية عن ” إهاناتنا” و آلكلدانية عن ” ذنوبنا أو ديوننا “. هكذا في الترجمة آلرسمية للعهد آلجديد. أما في آلصلاة آلطقسية فدخلت عليها رتوشات تفسيرية، وعلى آلأكثر لتتماشى مع آللحن إِذ كانت مرتلة في آلقداس وآالرمش فأصبحت ” ذنوبنا وخطايانا، بينما ظلَّت في آلوردية ” خطايانا” فقط لأننا أخذناها عن آللاتين. أمَّا عن ” نغفر لمن أخطأ إلينا ” أو” أخطأ وأساء إلينا ” فتُعزى إضافة ” وأساءَ ” إلى الكنائس آلمونوفيزية، وآستمرت عليه آلفروع آلمُتكثلكة.
2* عن السلام عليك
ما جاء في ” آلسلام آلملائكي” عن ” يا مريم آلقديسة ” أو” يا قديسة مريم “، ترجمتان للنص اللاتيني آلأصلي. الأول ترجمة مُعَّربة أي حسب قواعد آللغة آلعربية ” الصفة تتبع آلموصوف ” فقالوا ” يا مريم آلقديسة”. أما آلآخرون فتبعوا قواعد اللغات آآلغربية ” الصفة تسبق ألموصوف” فقالوا ” يا قديسة مريم “. وأصبحت تراثًا للطرفين. أما عن ” .. يسوع ” أو” سيدنا يسوع آلمسيح “، فآلأولى ” ثمرة بطنك يسوع ” هو آلنص آلأصلي، وآلآخر هو رتوش توقيري، خاص بآلكنئس التي تستعمله.
3* دُفِـنَ … أو قُـبِــرْ …
كلمتان شبه مترادفتان للتعبير عن ” وُرِيَ آلثرى”. ولكن رغم آلترادُف، لكل من آلكلميتن ما يَخُصُّها من معنًى. فقُبِرَ تعني أداءُ آخر واجب لمن مات إحترامًا له و”لكي لا يُلقى للكلاب” حسب قول محمد بن أبي بكر الرازي. فآلقبرُ مَدفَنُ آلإنسان يُكرَمُ به بنو آدم. أما دَفَنَ فتعني ” أخبأَ ، أخفى ، كتمَ “، فيُقال ” سِرُّه مدفونٌ” أو” وُجدَ حيًّا مدفونًا تحت آلأنقاض”، أو تدفنُ آلنعامةُ رأسَها بآلتراب عند وجود خطر عليها، كأنها تُخفي حياتها عن آلأنظار وتحميها. لا أدري هل فكرَّ آلشرقيون بأن يسوع كان حيًّا بلاهوته ولم يكن قبره إلا تكَتُّمًا وتسبيقًا لقيامته ( يخرج هو آلميِّت حيًّا من تحت آلأنقاض البشرية !) لذا آستعملوا ” دُفِنَ “. عكس آلغربيين الذين إستعملوا ” قُبِرَ” أي وُضع في آلأرض. مع آلعلم وُضِع في آلقبر يعني أيضًا ” إخفاءًا “، إنَّما لا تكَتُّمًا بل إحترامًا وتقديرًا.
محاولاتٌ للتوحيد …!
كتب آلسائلُ آلكريم إن كانت توجد بين آلكنائس آلرسولية، محاولةٌ ما لتوحيد كل هذه آلفروقات. لعلمي لم أسمع بكذا محاولة. أعرفُ أن بعض آلأساقفة وكهنة إشتهوا ذلك وربما عبَّروا عن أُمنيتهم تلك. لكن لم يَطُفْ شيءٌ على آلسطح. منذ آلخمسينيات آلقرن آلماضي فكر آلآباءُ آليسوعيون في لبنان بتنظيم طقس ديني مُوَّحد بين جميع آلكنائس آلكاثوليكية ، و بآللغةِ آلعربية، ليكون للمسيحيين في آلشرق آلأوسط شهادة واحدة ورسالة مشتركة للعالم. لكنه تبَيَّنَ حُلمًا وتبَّخر سريعًا فدُفِنَ في آلقلوب.
هذا لا يسُّدُ آلباب أمام محاولةٍ جديدة مُحدَّدةً لتوحيد آلفروقات آلمذكورة أقَّله. قد يكون تقريره سهلاً أو ممكنًا. أما تنفيذُه فيلاقي صعوبات تفوقُ آلتقدير. لأنَّ آلأمر لا يتعَّلقً بآلرؤساء فقط للإتّفاق عليه، بل يتطلب تعاون آلمؤمنين من جميع آلأطراف لتنفيذ آلمطلوب. وهذا ليس سهلاً. لأنَه إن كان سهلا آلتوفيق بين حوالي عشرين قائدًا يلتئمون تحت قُبَّةٍ صغيرة قُطرُها عشرة أمتار، لكن التوفيق بين عشراتِ ملايين آلمؤمنين، منتشرين تحت آلقُبَّةِ آلزرقاء للقارات آلخمس ، ومئاتُ آلأُلوف منهم متزمتون أو جاهلون بهذه آاحقائق، فهذا من مجال آلخيال فقط. أقله في عصرنا. معجزة واحدة ” إلهية ” قادرة على أن تُحَّققَ آلمشتهَى. وإن لم تتحَقَّق آلأُمنية على آلأرض فسوف تتم من كل بد يوم آلقيامة.