أهلا وسهلا بالأخ زيد هـادي.
سأل الأخ زيد دون مقدمات ::ــ|| هل يجوزُ الحبُ قبل الزواج ||ــ:: ؟. وماذا عنى بالحب : هل الشعورُ بالمحبة ، أم الجنـس ؟. يبقى المعنى في قلب الشاعر !!.
الحُّـب / المحَّـبة !
الله محَّبة. ومن حبهِ العظيم أعطى من حياتِه نسمة ًللأنسان، فجبله على صورتِه بالمحبة. وطلبَ منه أنْ يُحّبَهُ ” من كل قلبِك ، وكل نفسِك ، وكل فكرك وكل قـوَّتك “(مر12: 30؛ تث6: 4-5)، وأضافَ اليها :” أحبب قريبَك كنفسِك “(أح19: 18؛ مر12: 31). لم يُحَّددْ الله للحب لا وقتا ولا مكانا ولا كمية أوحَّدًا. ولا قاسها بعمر ولا بمهنةٍ. كل شيءٍ يزول. أما الحب فهو أبدي. يجب أن تتحَّولَ حياة الأنسان الى فعل حب مُستمّر، لا يتوقف و لا ينقص.
وبما أنَّ الزواجَ يجعلُ الزوجين واحدًا ويربطهما بوثاقِ حُبٍ أبدي ، عليه ينبغي لهما أن يتعارفا على بعضهما بشكل عميق ويبنيا حياتهما على أساس حبٍ متبادَلٍ متين وأمين. لأنَّ الحُّبَ إنجذابُ الواحد للآخر والشعورُ بأنهما يتكاملان ، وفي البعدِ عن بعضهما يتعَّذبان و يخسران الحياة. إذن يجبُ أن يسبقَ هذا الرباطُ الروحي على الرباط الآخر الجسدي لبناءِ الحياةِ المشتركة. وهذا دليلٌ على أنَّ الحبَ ليس ” جنسًا “. وعليه نحبُ أقرباءَنا ، والدينا وأولادنا، دون أنْ يرتبطَ ذلك بأي شكل من أشكال الجنس. هو بعكس ذلك عطاءٌ ، خدمةٌ و بذلٌ دون طلبِ منفعةٍ أو حتى ولا ملَّذةٍ مهما كانت. هذا الحبُ يوصينا به الله والمتزوجين قبل العُّزاب. وفي هذه الحالة يكون الجنسُ وسيلة وصورة للثقة المتبادلة وآكتمال الحياةِ في الحب المُوَّحِدِ ، و أمتدادها لأجيال لاحقة.
الحُّـبُ / الجنس !
أما الحب بمعنى الجنس كما تُرَّوجُ له وسائل الأعلام ، لاسيما الأعلانات التجارية ، فهو علاقة مادية خالية من الحب الحقيقي. إنَّ الجنسَ علاقة مُوَّجهة للأنجاب. والأنجابُ مهّمةٌ مقدسة سلمها الله الى العائلة. إنه عملية خلق كائن جديد كلفَّ الخالقُ بها الأنسان والحيوان و الطير، وحتى النبات لأجل الأستمرار. قالَ الله للأنسان ” أنموا وآكثروا وآملأوا الأرض ” (تك1: 28). ويُسَّمي الكتابُ فعلَ الجنس بفعل ” معرفة “، فيقول ” عرفَ آدمُ إمرأتَه ” (تك 4: 1) ، كما يقول عن يوسف ” لمْ يعرفْ إمرأتَه ” (متى1: 25). وقد ربطَ الله الجنس بلّذةٍ تدفعُ الزوجين الى ممارستِه من أجل الأنجاب.
نلاحظ عند الحيوان أنَّ التزاوج يتمُ في فترةٍ خاصة وقصيرة ، ثم تتوقف الى الفترة التالية. وتتم العلاقة غريزيا لا حُّبَ فيها ولا إختيار. أما الأنسان فلأنه كائن عاقلٌ ناطق فهو يشعرُ بالحب كما يشعُرُ بوجود رابط بينه وبين محبوبه. يحترمُ الواحدُ الآخر، ويتقَّيدُ معه بعهودٍ و حقوقٍ و واجبات. خاصة يشعرُ بأنَّ الحبَ يخلقُ بينهما رباط وحدةٍ ومسؤولية تجاهَ نتائج علاقتهما. وأهمُ ثمرٍ للحب / الجنس هو الطفل. إنَّهُ صورةٌ لحبِ والديه وآستمرارٌ للحياة. و للوالدين مسؤولية تجاهه لتربيتِه وضمان معيشتِه. ليس الطفلُ مثل فرخ الحيوان حتى يرضعَ غريزيا ويتعَّلمَ غريزيا ويُدَّبرَ معيشته غريزيا. يحتاج الطفل الى من يسندُه ويُوَّعيه ويُرشدُه. لا يعرفُ الحيوانُ الحبَ ولا المسؤولية. ما أن يستقلَ الفرخ بحياتِه حتى ينساه الوالدان بل ولا يتعَّرفان عليه ، وينساهما الفرخ ولا يرتبط بهما بأي شيء.
وإذا ولدَ طفلٌ خارجَ الزواجِ أو قبله ماذا يكون موقف”الوالدين”! وكيف ستُعاشُ العلاقةُ بين الطفل ومن أنجباه؟. وكيف تكون بين الوالدين أنفسهما؟. لذا ليس من حق غير متزوجين أن يمارسوا الجنس وهم غير مُؤَّهلين لآستقبال ثمر فعلهما. ليسَ الجنسُ هدفًا بذاتِه ليطلبَه المرء خاصّة ًوخلافًا لطبيعةِ هذه الطاقة. إنه وسيلة للحصول على خيرأعظم. وإذا لمْ يبتغ ِالواحدُ ذلك الخير لماذا يستعملُ الوسيلة ؟. السلاحُ للدفاع عن النفس ولحماية الحياة. هل يجوزُ إستعماله للعب واللهو وهو محشُّوٌ نارًا ودمارا؟. وإذا خاطرَ أحدٌ وآستعمله وأذى ماذا سيَرُّدُ جوابًا لطالبي العدالة ؟. سوف يُحاسبُ طبعا. هكذا سيُحاسبُ من إستعملَ الحبَ / الجنس خارجًا عن إطارِه وخلافًا لهدفِهِ. قال يسوع :” من نظرَ الى إمرأةٍ فآشتهاها زنى بها في قلبِهِ ” (متى5: 28)، وكيفَ إذا مارسَ معها الجنسَ وهي ليست زوجتُه ؟. ولهذا تقولُ الكنيسة ، بناءًا على ذلك ، بأنَّ العلاقة الجنسية قبل الزواج ، وخارجًا عن إطارِه ، لاتجـوز !!!
{{ للمزيد من التفاصيل يمكن الأطلاع على جواب أُعطيَ لنفس السؤال ونشر في الفيس بوك بتاريخ 26 / 10 / 2014 }}.