أهلا وسهلا بالأخت المؤمنة.
سألت أُختٌ مؤمنة ما يلي :” هل أطفالُ الأنابيب هو خطيئة ؟ وعصيان لمشيئة الله ؟؟.
الطفلُ عطيةٌ لا مُلكية !
تشعرُ الكنيسةُ بمعاناة الأزواج العقيمين وتقَّدرُ رغبتهم في الإنجاب، كما تُشَجِّعُ الأبحاثَ العلمية للتخفيفِ من تلك المعاناة ومساعدةِ الزوجين لتحَّدي صعوبتِهم والتمتع بفرح الأُمومةِ والأُبُوَّة. لكنها تحترمُ أيضًا وقبلهما حقَّ الطفل الذي سيولدُ والذي يريدُ أن يفتخرَ بطبيعيةِ ولادته، فلا يشيبَها خللٌ يُعابُ عليه. فالطفلُ هو قبلَ كلِّ شيءٍ عطيةٌ من الله تُسَلَّمُ ولادتُه إلى علاقة طبيعية مضمونة بين الزوجين في إنجابِه. وتتحَفَّظُ الكنيسةُ كثيرًا من التقنَّيات الحديثة ، لاسيما بسبب عدم تقَيُّدِ العلماءِ والأطباء بالأخلاق السليمةِ لحفظِ كرامةِ الطفل. ومن جِهةٍ أُخرى تجدُ في الوحي الألهي وتأريخ الخلاص ما يدفعُها إلى تحديدِ موقفِها من موضوع أطفال الأنابيب بشكلٍ يتماشى مع كرامةِ الطفل وحَّقِه حسب مشيئةِ الله. فتُعطي الكنيسةُ الأولويةَ لمشيئة الله و ما يُحَقِّقُها من فعل وتقنية.
أنقُلُ فيما يلي تعليمَ الكنيسة كما جاءَ في وثيقة الإيمان” التعليم المسيحي للكنيسةِ الكاثوليكية ” الصادر عن الفاتيكان في 15 / 8 / 1997.
الرقم 2373 :-
” يرى الكتابُ المقدَّس، وممارسةُ الكنيسةِ التقليدية ، في الأُسَر الكثيرةِ الأولاد، دليلاً على بركةِ الله وسخاءِ الوالدين ” ؛
الرقم 2374 :-
” إنَّ عذابَ الأزواجِ الذين يكتشفونَ أنَّهم عقيمون عظيم. قالَ أبرامُ لله : ما تُعطيني وأنا منصَرفٌ عقيمًا..(تك15: 2). وراحيلُ تصرُخُ إلى زوجِها يعقوب قائلةً : هبْ لي ولدًا وإلاّ فإني أموت ” (تك30: 1) ؛
الرقم 2375 :-
” يجبُ تشجيعُ الأبحاثِ الراميةِ إلى تقليصِ العُقمِ البشري، بشَرط أن تُجعَلَ في خدمةِ الشخص البشري وحقوقِه، التي لا يُمكنُ التنازُلُ عنها ، وخيرِهِ الحقيقي والكامل، وِفقًا لقصدِ الله ومشيئَتِه “. ؛
الرقم 2376 :-
” إنَّ التقَنيّاتِ التي تُسَبِّبُ تفريقَ القرابات، بتدَخُّل شخصٍ غريب عن الزوجين ( إعطاء الزرع، أو البيضة، إعارة الرحم ) هي قبيحةٌ جِدًّا. وهذه التقَنيّات ( الزرع والإخصاب الصناعيّان، من غير الزوجين ) تُسيءُ إلى حقِّ الولد بأنْ يولَدَ من أبٍ وأُمٍّ يعرفُهما ويجمعُ بينهما الزواجُ. إنَّها خيانةٌ للحَّق المحصورِ في أنْ لا يصيرَ أبٌ أو أُمٌّ إِلاّ واحدُهما بالآخر” ؛
الرقم 2377 :–
” إذا مورِسَتْ هذه التقَنِّيات بين الزوجين ( الزرع والإخصاب الصناعيان بين الزوجين ) ، فيُمكنُ أن تكون أقَلَّ ضررًا، ولكنَّها تبقى غير مقبولةٍ أخلاقيًا. فهي تفصِلُ الفعلَ الجنسي عن فعل الإنجاب. والفعلُ الذي يُؤَّسِسُ وجودَ الولد لا يعودُ فعلاً يُعطي فيه شخصان أحدُهما للآخر. إنَّهُ ” يضعُ حياةَ الجنين وهَوِيَّتَه بين يدي الأطباء وعلماءِ الحياة، ويوجدُ سيادةُ التقنيّة على أصل الشخص البشري ومصيرِه. وعلاقةُ سيادةٍ كهذه تتعارَضُ، في حدِّ ذاتِها ، مع ما يجبُ أن يكون مُشتَرَكًا بين الوالدين والأولاد من كرامةٍ ومساواة “. “يُحرَمُ الإنجابُ من كمالِه الخّاص، عندما لا يُقصَدُ كثمرةِ الفعل الزوجي، أي الفعل الخاصّ بآتّحادِ الزوجين … إنَّ إحترامَ الرابطِ القائِمِ بين معاني الفعلِ الزوجي وآحترام وحدةِ الكائنِ البشري، يُمَكِّنُ من الإنجابِ بطريقةٍ تتوافقُ وكرامةِ الشخص ” ؛
الرقم 2378 :-
” الولدُ ليسَ من حَقِّ أحدٍ وإِنَّما هو عطيَةٌ. ” وعطيةُ الزواجِ الفُضلى ، هي شخصٌ بشري. فلا يُمكنُ إعتبارُ الولد موضوعَ تمَلُّك ، وهذا ما يؤَّدي إليه الإعترافُ بما يُزعَمُ من ” حَقٍّ في الولد”. وفي هذا المجال للولد وحدَه حقوقٌ صحيحة : أنْ يكونَ ثمرةَ الفعلِ الخاصّ بحُبِّ والديهِ الزوجي، والحَقُّ في أنْ يُحتَرَم كشخصٍ منذُ لحظةِ الحَبَل به “. ؛
الرقم 2379 :-
يُظهرُ الإنجيلُ أنَّ العُقمَ الطبيعي ليسَ شَرًّا مُطلَقًا. وعلى الأزواجِ الذين ، بعدَ إستنفادِهم كلَّ لُجوءٍ مشروعٍ إلى الطُّب، يعانون من العُقمِ ، أن يشتركوا في صليبِ الربّ، ينبوعِ كلِّ خصبٍ روحي، وبإِمكانِهم أنْ يُثبِتوا سخاءَهم بـتَـبَّـنيهم أولادًا مُهمَلين ، أو بقيامِهم بخدماتٍ مُتطلِّبَةٍ تجاه الآخرين ” ؛
النتيجة : أطفالُ الأنابيب ، في وضعه الحالي ، مناقضٌ لمشيئةِ الله. وإِذا كان مناقضًا لها فهو يُعتبرُ خطيئة ، إِذا تمَّ إجراؤُه بمعرفةٍ وسبقِ إصرار.
يذكرُ التاريخ، في العهد القديم والجديد، أن أزواجًا عقيمين ، أبرارًا أمام الله ومُتحَملين صليب حسرة الولد ، رزقهم الله كما شاء ولمَّا شاء أطفالاً سجَّلوا للتأريخ صفحاتٍ بيضاءَ ناصعة. أذكرُ هنا ، لا حصرًا بل شهادةً، يوحنا المعمدان والقديسة ريتا. وغيرُهم عاشوا بهناءٍ وراحة مع أطفالٍ تبنَّوهم. إِنَّ عطية الله لا تقتصرُ على إنجابٍ مباشر أو في الزمن المرغوب. فاللهُ عجيبٌ في التعامل مع أولاده القديسين ، وهو على كلِّ شيءٍ قدير.