# هل يجوز تعميد وإعطاء التناول لأطفال تزَّوَجت والدتهم بمسـلم ؟
## هل يهلك الطفل الذي مات ولم يعتمد ؟ ما ذنب الطفل في هذه الحالة ؟
### هل للطفل المولود من أبوين غير مسيحيين ذنبٌ ؟
#### لماذا لا توجد في العهد الجديد آية واحدة تؤكد على معمودية الأطفال ؟
##### لماذا لم يعتمد يسوع وهو صغير بل عَّمدَه يوحنا وهو كبير ؟
تعَّـمدَ يسوع وهو كبير !
وهل عرفَ الناسُ معمودية قبل أن يدعوَ يوحنا إليها؟. إذا لم تكن توجد معمودية فكيف كان يسوع سيتعَّمد وهو صغير؟. مع ذلك يسوع قام بفعل إيماني وآنتمى الى شعب الله ، وعمـره ” ثمانية أيام ” فقط ، عندما ختنوه (لو2: 21) وأعطوه إسما خاصا يدل على شخصه الفرد. ولم يكن يسوع هو الذي طلب أن يُختن. ولا قرر بنفسِه أن يذهبَ برجله الى الهيكل، وهو ابن أربعين يوما، ليُقَّربَ للرب حسب الشريعة. ولا إنتظر أهله أن يبلغ حتى يختار بنفسه الختان و التقدمة لله. بل قام أهله بذلك تنفيذا لشريعة موسى كافلين إيمان الطفل.
والأبوان المسيحيان أيضا يكفلان إيمان أولادهم ولا يدعونهم يتربون وثنيين، ضمن عائلة مسيحية، بل يعمدونهم بناءًا على شريعة الكنيسة، ويربونهم على هذا الأيمان الى أن يبلغ الأطفال فيختاروا طريقهم في الحياة. أ لا يليق بأطفال المسيحيين أن يتشَّبهوا بيسوع إلههم وفاديهم، أم يجب أن نتركهم تحت رحمة أعاصير الضلال والفساد؟.
تعَّمد من يوحنا !
لمن كانت معمودية يوحنا ؟. لنقرأ الأنجيل معا:” نزل وحي الله على يوحنا .. فجاء الى ناحية الأردن يدعو إلى ” معمودية التوبة لغفران الخطايا “(لو3: 2-3). إذن يوحنا يدعو الشعب ، إستعدادا لمجيء المسيح، أن يتوبَ ويعيش في الأمانة لشريعة الله. دعاه الى محبة القريب و مقاسمة الخيارت مع المحتاجين، والى عدم سرقة أموال الناس، والى عدم ظلم الناس أوالكذب أو الطمع أوالحسد. وما علاقة طفل صغير بهذه كلها حتى يُعَّمدَ يوحنا الأطفال؟.
أما معمودية الأطفال في المسيحية فليست لغفران خطايا الطفل الذي لم يخطأ بعد. بل هي إنتماؤُه الى شعب الله الحقيقي شعب القداسةِ والحق والمحبة. أما علاقة الطفل بالخطيئة فهي فقط علاقته بعصيان آدم وحواء اللذين ورث منهما الطبيعة البشرية الساقطة. وتلك قد تاب عنها المسيح بآسم البشرية يوم قبوله معمودية التوبة من يوحنا ، وكفر عنها على الصليب إذ صار لعنة بآسم البشرية وسحق رأس ابليس بطاعته وقبوله الألم بسبب سلوكه في الحق. و الطفل في المعمودية يموت مع المسيح عن الخطيئة ويقوم معه لحياة جديدة (رم6: 2-4). أى يتسلم حَّقَه من المسيح في أن يعيش حُرًا من قيود ابليس وقادرا على أن يحيا بُنُّـوَتَه لله بكرامة وآعتزاز.
آية تؤَّكد معمودية الأطفال !
نحن نؤمن بعقيدة ” الثالوث الأقدس” ، وهل توجد أية في الكتاب تذكر “الثالوث الأقدس” حرفيًا ؟. نحن نؤمن بشخص واحد في المسيح وبطبيعتين إلهية وإنسانية. هل توجد آيةٌ ” حرفية ” تذكر هذا؟. الكتاب المقدس ليس حرفا بل هو روح لأنَّ كلام المسيح ليس حرفًا ” بل روحٌ وحياة” (يو6: 63).
إذن لا توجد آية تذكر حرفيا ” معمودية الأطفال”. وأسأل المتشككين : وهل توجد آية تقول حرفيًا بأن المعمودية ” حصرٌ للبالغين”؟. لم يقل الكتابُ ” عمدوا الأطفال”، وهل قال ” عًّمدوا البالغين فقط “؟. لا توجد أيضا آية بذلك. كانت وصية المسيح لرسله :” إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم. وعمَّدوهم بآسم .. وعلموهم أن يحفظوا ..”(متى28: 19-20). لم يُخصص يسوع فئة معَّينة للمعمودية. لا حَّددَ البالغين ولا أبعدَ القاصرين. وليس لكل واحد أن يفَّسر الكناب على هواه بل للكنيسة وحدها سلطة التفسير (2بط1: 20-21). ولها وحدها سلطان الحل والربط (متى16: 19). وقد مارست الكنيسة من أيامها الأولى معمودية الكبار والصغار . وقد عمَّدَ بولس ليديا” وأهل بيتها ” (أع16: 15)، و”أسرة استيفاناس” (1كور1: 16)، و ” كرسبس وأهل بيتهِ جميعا ” (أع18: 8). أ لم يكن في هذه العوائل حتى ولا طفل واحد؟ ولم تقل آية ما أن الرسول رفض عماد الأطفال ، ولا إقتصر على عماد البالغين؟. وهل يُعقلُ أن نأتي بعد ألفين سنة ونغَّير الكتاب وندَّعي أننا نفهم الكتاب بشكل أحسن من الرسل الأوائل و من الكنيسة عبر الأجيال؟. لا بد أن يكون قد حصل لنا هلوسة حتى نُقنع أنفسنا بكذا إدّعاء!!.
هل للطفل غير المسيحي ذنبٌ ؟
أخطأت البشرية كلها في شخص الأب الأصل لأنها ورثت منه الطبيعة الساقطة. يقول مار بولس :” إنَّ زَّلة إنسان واحد جَّرت الهلاك على جميع الناس”، لأنَّ ” جميعَهم أخطأوا في آدم ” (رم 5: 12، 18). كل إنسان يولد ، من أي جنس كان أو أمة أو دين ، ينتمي بطبيعته الى آدم الخاطيء، لأن نسل آدم جاء بعد أن أخطأ. وهكذا كل الأطفال يولدون ملَّوثين في طبيعتهم ،لا في شخصهم، بالخطيئة الأصلية. لا ذنب للأطفال فيها. ولهذا ليس حكمهم مثل حكم الكبار الذين يقترفون خطايا شخصية ” تشبه معصية آدم “(رم5: 14). فالكبير يجب أن يتوب عن خطاياه كما قال يوحنا المعمدان وكما دعا يسوع نفسه الى التوبة. أما الصغار فيكفي أن موت يسوع الكفّاري عن الخطية الأصلية والخطايا الفردية قد محاها إذ دفع ثمنها. فالطفل في أي مذهب ولد هو بريءٌ وليس له أي ذنب.
إذا مات طفلٌ بدون معمودية !
قد يموت طفل في بطن أمه قبلما يولد. وقد يموت أثناء الولادة. ما دام ليس للطفل عملٌ سيَّءٌ قام به ، وما دام مات المسيح من أجل كل الناس ، وغفر لهم خطيتهم الأصلية ، ويغفر لهم خطاياهم الشخصية إذا تابوا، فلا خوف عل أمثال هؤلاء الأطفال ولن يهلكوا. ليس الله قاسيا حتى يُهلك الأبرياء بخطيئة الأشرار. يقول الكتاب :” النفسُ التي تخطأ هي وحدَها تموت. الأبنُ لا يحملُ إثمَ أبيه. والأبُ لا يحملُ إثمَ إبنه. الخيرُ يعودُ على صاحبِه بالخير، والشَّرُ يعودُ على صاحبِه بالشّر” (حز18: 20). فإذا كانت الطبيعة البشرية قد تلوثت بخطيئة آدم فطاعةُ المسيح ” البارُ الواحد تأتي جميعَ الناس بالبر الذي يهبُ الحياة ” (رم5: 18). هيَّأَ المسيح دواء غسل الطبيعة. يأخذ المعتمِد الدواء ويغتسل بمعمودية الماء. أما الأطفال الذين يموتون بدون معمودية الماء تكفيهم معمودية الشوق. لأن الطفل بريءٌ ولم يتدنس بالخطيئة الشخصية ويشتاق غريزيا الى الحياة الأبدية، ومخلوقٌ لها. والمسيح فتح باب الفردوس لكل الناس. هذا الأيمان الفطري يُصبح معمودية لمن لا يحصل على فرصة العماد بالماء.
طفلٌ أمه تزوَّجت مسلمًا !
هنا يجب دراسة كل حالة لوحدها. هناك أطفال صغار أسلمت والدتهم بعد ولادتهم. وهناك زواج بين مسيحي ومسلم خارج السلطة الدينية الخاصة. وهناك زواجٌ يتم بين مسلم ومسيحية برخصة الكنيسة بشروط وافق عليها المسلم. والشروط أن يحترمَ إيمان زوجته ويعدَ بالسماح للزوجة أن تُعَّمد الأطفال وتربيهم تربية مسيحية. المبدأ هو أن الطفل كائن حُّرٌ ومستقلٌ عن والديه. يحقُ له أن يختار مستقبل حياته. فّاذا ولد مسيحيا له الحق أن يعتمدَ وأن يتناولَ مثل بقية المسيحيين. ولا أحد يحُّقُ له بأن يمنعه عنه حتى لو أسلم والداه. أما الوالدان فعليهم واجبُ تسهيل مهمة التربية الأيمانية الصالحة للأطفال ، وأن يفوا بوعودهم عند الزواج، أو ألا يضعوا حياة أولادهم الأيمانية في خطر. في كل الأحوال حتى لو كان الأبوان مسلمين يجوز تعميد أطفالهم إذا طلبوا ذلك وضمنوا لهم مستقبلا مسيحيا ، أو أقله جوًّا حرا يوفّرُ للأطفال إمكانية الأختيار مستقبلا.
هي حالاتٌ شاذة تتطلب حلولا خاصة. عرفت الكنيسة حالاتٍ شاذة كثيرة فيها تم الزواج بين شريك مسيحي وآخر وثني أو من غير دين. منها القديسة هيلانة أم قسطنطين الملك التي حافظت على ايمانها رغم وثنية زوجها وآستطاعت أن تربي طفلها على الأخلاق المسيحية قبل أن يعتمد. وكذلك القديسة مونيكا أم القديس أوغسطينوس. وغيرهن اللواتي حافظن بنعمة الروح القدس على إيمانهن وصرنا أمَّهات يفتخر بهن التأريخ. تنطلقُ الكنيسة في تعليمها وتتبعُ في تدبيرها روح الأنجيل. هناك إيمان وهو أن كلَّ الناس خلقة الله وكلهم مدعوون الى الخلاص وكلهم شملهم المسيح بموته الفدائي ، وأنَّ الروحَ القدس يعمل لا فقط في الكنيسة ولكن خارج الكنيسة أيضا أى في العالم أجمع. وتحاول الكنيسة ألا تعارضه بل أن تلتقط إشاراته وتتبعَ إيحاءاتِه وإرشاداتِه. وهذه حكمةٌ قال عنها الأنجيل. قالوا ليسوع :” يا معَّلم رأينا رجلا يطردُ الشياطين بآسمك فمنعناهُ ، لأنه لا يتبعُكَ معنا. قال لهم يسوع: لا تمنعوه. فمن لم يكن عليكم كان معكم” (لو9: 49-50).
لا تقيسُ الكنيسة تصَّرفَها بتصَّرف غيرها وتعاملهم. ولا تنتظرُ أن يسلك المقابل أقله بالمثلِ أى تعامل نِدٍّ لند. بل تحاول دوما أن تكون وفية للمسيح وتصّوره في مواقفها. إنها تحمل رسالة المسيح لا رسالة العالم، ودستورها هو الأنجيل وليس ما يتفق عليه البشر. تتألم عندما تلاقي الصد والعِداء. لكنها تهنـأ عندما تتشبه بالمسيح حتى عندما تُرفَعُ مثله على الصليب!. لا تنتظر أن يعاملها أهل العالم بآحترام بل تسعى دوما أن تؤَّديَ رسالتها بإخلاص. وتؤمن أنها مادام تسير على خطى المسيح فلابد أن يكون النجاح حليفَها مهما نزفَ جرحُها ومهما طال الزمن.ؤ