أهلا وسهلا بالأخ جواد عمـر
سـأل الأخ جواد ما يلي : هل المجمع الفاتيكاني الثاني لا يحُّثُ غيرَ المسيحيين الى الدخول في الكنيسة الكاثوليكية ؟
هدف المجمع !
لقد عقد القديس البابا يوحنا الثالث والعشرون المجمع المذكور سنة 1962م وهدفُه جمعُ شمل الأنسانية تحت خيمة الله حيث المحبة والتآخي والتعاون لتنعمَ بالأستقرار والسلام، بدءًا بتنظيم داخلِ البيتِ الكاثوليكي وتهيئتِه وتزويدِه بكل ما يلزم لتحقيق هذا الهدف. ثم إنطلاقا الى الآخرين ومد اليد لكل إنسان” ذي إرادة صالحة ” لبناء هذا الصرح الأنساني الذي يريده الله الخالق والدَّيان. فآستهدفَ المجمع أولا الى ” إستئصال كل بذور الكراهية والحقد المبنية على الأختلافات الدينية “؛ وثانيًا الى” تعزيز الوحدة والمحبة بين الناس، بل بين الشعوب”؛ وثالثا الى” التركيزعلى ما هو مشترَكٌ بين الناس وما يدفعُهم الى مصيرهم جنبًا الى جنب”.
لم يكن هدف المجمع مباشرة ” التبشيرَ” بالكلام، ما دام قد سمع الناس كلهم بالمسيح، بقدرما كان تفعيلَ سُبل الحق وهي المحبة والأخوة والتعاون وإدراج كل الشعوب في عملية العيش من الأيمان في مسيرة مشتركة، حيث يعلو الحق كاملا، يعرفه ويتبعه كل الناس حيث يسودُ الوعي و الأدراك والأختيارالحر وليس الإكراه أو الأنغواء والأنغراء. لم يتوجه المجمع الى أفراد ليبشرهم، بل الى قادة أديان يعرفون الله والمسيح.
التراث المشترك !
ذَكَّر المجمع بالأصل المشترك لكل البشرية وهي” تنحدر من أصل واحد هو الله “، وبغاية الشعوب وهي” الله في حياة أبدية سعيدة”، و بمهمة الدين الذي يجاوبُ على تساؤل الناس حول حياتهم وسلوكهم والموت وما بعده من حساب وجزاء. فالدين يحاول أن يعطيَ جوابا يُفَّسِرُ ما يحدث ودور الله فيه ومدى مسؤولية الأنسان عنه. ومن ثمة يدعو الى التعَّرُف الى الله والأرتباط به بمحبة وثقة. فحيث يقلق البشر ويحتارون ويضعفون يُسعفهم الأيمان بالله الذي هو أب محب يرعى أبناءَه برحمة واسعة يغفر ذنوبهم ويساعدهم على الخلاص. وفي ذلك فالمسيح، الله المتجسد، هو” الطريق والحق والحياة “(يو14: 6)، ” فيه يجد الناس ملءَ حياتِهم الدينية، وبه صالح الله كلَّ شيءٍ مع نفسه” (2كور5: 9){ مرسوم المجمع، الرقم 2).
إحترام الحق !
وإن كان قد حصل في الماضي نزاعات وعِداءات بين أتباع الأديان المختلفة، وآضطهاد، دعا المجمع أتباع كل الديانات، وفي مقدمتهم المسيحيين ولاسيما الكاثوليك الى نسيان كلِ الماضي ونبذ الصراع والعمل على” التفاهم المتبادل والتعاون المشترك على حماية وتعزيز العدالة الأجتماعية والقيم الأدبية والسلام والحرية لجميع الناس”. وحث الكاثوليك بنوع خاص على:” الحوار والتعاون القائمين على الفطنة والمحبة، وعلى الشهادةِ للأيمان والحياة المسيحية، وعلى الأعتراف بما لدى غيرهم من خبرات روحية وأدبية، وقِيمٍ إجتماعية ثقافية ،ويعملوا على صيانتِها وتعزيزها ” (مرسوم المجمع، الرقم3).
عليه تستنكر الكاثوليكية كل” تفرقةٍ أو كيدٍ يقع على الناس بسبب الجنس أو اللون أو الطبقة أو الدين” إذ يُخالِفُ ذلك روح المسيح”. ويكمل المرسوم ويقول: “بناءًا على ذلك يُناشد المجمع المؤمنين مناشدةً حارة، في أن يكون تصَّرُفَهم بين الأمم حميدًا(1بط2: 12) إن أمكن وعلى قدر المستطاع، وأن يُسالموا جميع الناس (رم12: 18) حتى يكونوا حقيقةً أبناءَ الله الذي في السماوات ” (متى5: 44).