إلى الأصدقاء الأعِزّاء
أودُّ أن أشكر كلَّ الذين قدموا لي تهاني العيد وعَبّروا عن تمنياتهم الأخوية عن طريق الفيس بوك أو أية وسيلة للتواصل، داعيًا لهم من طفل المغارة أن يُقَدِّسَ أفراحهم وما تمتعوا به بالراحة والهناء خلال أيام العيد، ويبارك أيام سنتهم الجديدة 2021 فيملأها نعمة وبركة تحميهم من كل سوء أو أذية أو وباء لتتمتعوا بالصحة والراحة فتُمَّجدوا الله وتبنوا السلام في العالم كلٌّ من موقعه في الحياة الأجتماعية. وأشكر بنوع خاص صلواتكم من أجلي.
كلَّ عيد وكلَّ سنة وأنتم ترفلون بأثواب العافية والموفقية. الربُّ معكم !
نتمنى كلَّ يوم أن نكون أفضل، ونعِدُ أن نُحَّسِنَ حالَنا في الغدِ التالي، وفي الغد نؤَّجلُه الى غدٍ ثانٍ. وتمُرُّ الأيام ونلاحظُ أننا ما زلنا كما كُنَّا. فهذا يُشيرُ الى أمرين : أولاً : إلى أنَّ أملنا في الحياة يطِّلُ الى ما لا نهاية ؛ وثانيًا : إلى أنَّ قبضة الحياة الزمنية بملذاتها وعاداتها وراحاتها، وأنَّ ضعف الحواس للإستجابة لأمنيتنا الروحية، يشُّد علينا الحصار فيُضعفُ إرادتنا وقصدَنا في التغيير. وعندئذ نُلقي بحملنا على الله ونطلب أن يُحَّقق لنا ما نتمنّاه ونتقاعسُ عن إجرائِه. هكذا قالت صلاة الكنيسة :” أعِدُ كلَّ يوم أني أتوبُ غدًا. عبَرَتْ أيامي وذهبَتْ. أمَّا ذنوبي فما تزالُ قائمة. حُن علَيَّ أيُّها المسيح وآرحمني”.
نريدُ سلامًا لأنفسنا وللعالم. لكننا نحاولُ أن نتمَلَّص من أداءِ دورنا ونطلب من الله أن يُؤَّديه عوضًا عنا. ننسى أننا بهذا ننكرُ قيمتنا عند الله، إذ إنَّه كلَّف الأنسان بقيادة الكون ليضمن فيه السلام لكل الكائنات. ننسى أن ما في العالم من شرٍّ وخوفٍ وقلق وظلمٍ وعُنفٍ ومرضٍ سببُه خطيئة الأنسان. الأنسان هو الذي يتصَّرفُ بشكل خاطيء ولا يتقَّيَدُ بما كلَّفه به الله. ننسى أن السلام الذي نادى به الملائكة يوم الميلاد علمنا بعدَه يسوع كيف نُحَّققه بالمحبة والغفران. ننسى أن يسوع خطَّ لنا طريق السلام عندما أعطى الطوبى لفاعليه بقوله :” إنَّهم يُدعَونَ أبناءَ الله” (متى5: 9). كلُّ مؤمن بالمسيح يضعُ طابوقتَه الخاصّة في بناء السلم العالمي. وطابوقتُه هي أن يسلك شريعة المسيح الروحية لا شريعة الحواس الزمنية. وإذا تنَّصلنا عن تغيير سلوكنا لنجعله مطابقًا لمشيئة الله نكون نتنَّصلُ عن واجبنا في سيادة العالم بالحب واللطف و الأنفتاح على الآخر. إذا تنَصَّلنا عن واجبنا نسُّدُ الطريق في وجه السلام ونضع حياتنا في خطر الهلاك.
في نهاية كل سنة نتبادل التهاني والتمنيات بأن تكون السنة الجديدة أفضل. ونطلب من الله أن يرحمنا ” فيغسل كلومنا، ويمحوَ عيوبَنا وزلاتنا، ويطَّهر دنسنا فيُنَّقيَ أجسادنا وأرواحَنا. يحُّنَ ويغفِر ذنوبنا…”. والرب يسوع قال للقديس هيرونيمس ” قَدِّمها لي لأغسلها وأمحُوَها “. فالله ينتظرُ منّا أن نبادر فنتخَّلص من شرورنا لنعيشَ معه بسلام. عندئذٍ نشاركُ الآخرين بسلامنا و ننشر السلام على الأرض. لا يتنَّصلُ الله عن عونه لنا. لقد دفع ثمن خطايانا ليغفرها. لكنَّه ينتظرُ منَّا أن نذهب إليه ونُقِّرَ بتواضعٍ بما يعرفُه ، ونسأله العون فيعضدنا في تنفيذ مقصدنا بتغيير سلوكنا الدنيوي، لنتخَّلق بأخلاق المسيح (في2: 5)، فننعم بالراحة والسلام.