هـويـة قريـب {عَرّاب} العمـاد !

أهلا وسهلا بالأخ ” المؤمن “

هكذا وصفَ السائلُ الكريم نفسَه وقال: ” دار الحوار حول عمادِ طفلٍ عن قريب، وقال أبو الصبي، وهو كاثوليكي، بأنَّه إختارَ لآبنِه قريبًا صديقًا أرثذوكسيًا. قلتُ له هذا غيرُ قانوني”. # أضاف : ” ما هو الصحيح “؟.

نبذة تأريخية !

المعمودية تعني”الأيمان بالمسيح والأنتماء إليه”. ذكر الأنجيل أن أول من إلتقى بيسوع بعد عماده وتبعَه، كان يوحنا ابن زبدى وأندراوس أخ بطرس. ولما إلتقى اندراوس بأخيه أخبرَه عن يسوع قائلاً:” لقد وجدنا المسيح. وجاءَ به إلى يسوع “؛ ومثله بشَّر فيلبس نثنائيل. ولما أبدى هذا إعتراضًا قال له :” تعال وآنظر”، وقاده اليه (يو1: 41-46). وقُبيل موت يسوع أراد يونانيون فضوليون بالأيمان أن يلتقوا بيسوع ويتعَّرفوا عليه بعمق فتوَّسطوا عند فيلبس وهذا لجَأَ إلى أندراوس، المؤمن الأول، ليُخبرَ يسوع (يو12: 20-23). وبعد القيامة أرسلَ يسوع تلاميذه الى الناس وكلَّفَهم بأن يُتلمذوهم، أي يُعَّرفوهم به، ثم يُعَّمذوهم أي يجعلوهم ينتمون إليه، فيُصبحوا أعضاء في كنيستِه (متى28: 19). ومن هنا ثبت واجب كل مؤمن ومعَّمدٍ باسم المسيح بأن ينشر أخبار المسيح، يُبَّشر به، ويقودَ من يؤمن إلى الكنيسة ويُقَّدمُه للعماد ويكفلُ إيمانه، كما قاد برنابا القبرصي شاول وقَدَّمه للرسل (أع9: 26-27). ونموذجُ كلهم يوحنا المعمدان الذي بدأ بالتعريف بيسوع وأرشدَ الناس إليه. وكان الرسل يُعَّمدون من يكفله مسيحّيٌ يكون قد بشرَّه وعَرَّفه بالمسيح وهيَّأَه للعماد. ومن هنا درجت العادة في الكنيسة أن يَضمنَ أحدٌ أَلمؤمنين والمُعَّمَدين الجدد. كان هذا أمرًا طبيعيًا ومفهومًا لا جدالَ فيه لاسيما عند آهتداءِ وثني ظلَّ أهله على إلحادِهم. فكان يرافقُه ، في العماد، قريبٌ {عَرَّابٌ} يتكفلُ مساعدته ليواصلَ مسيرة حياتِه في الأيمان الجديد بشكلٍ جيد. ولما تكاثر الشعب المسيحي و وُلِدَ للعوائل أطفالٌ لم يترَّددوا في تعميدِهم. وتابعوا في آختيار قريبٍ لهم ليُساعدَ الوالدين القليلي الخبرة بالأيمان والسلوك المسيحيين فيرافق نمُوَّهم ويكون بذلك مُعَّلمًا ومرشدا لهم، بجانب الوالدين، في المباديء المسيحية. وهكذا ثبُتَتْ مهِمَّةُ القريب في التقليد الكنسي، وآستمَرَّت إلى يومنا. فهو على مثال يوحنا المعمدان يُثَّقفُ إبنَه الروحي بمباديء المسيح بعد أن يُعَّرفَه بحياتِه ، أقواله وأفعاله ومعجزاتِه.

مهمة القريب !

وبعدما تقلَّدت الكنيسة هذا التصَّرف أصبح لاحقًا ” نظامًا تُلزمُه الكنيسة”. فسنَّت الكنيسة بخصوصِه قوانين لضمان متابعةٍ سليمة وبَنَّاءَة للعقيدة المسيحية. وعنه تقول قوانين الكنيسة الكاثوليكية ما يلي : ق 684 – البند 1 : من أقدمِ عادات الكنائس أن يكون للمُعتمَدِ قريبٌ واحدٌ على الأقل.

  • البند 2 : من مهمة القريب أن يقفَ إلى جانبِ المُعتَمد الذي تجاوز سِنَّ الطفولة في تلَّقيهِ المباديءَ المسيحية ، أو أن يُقَّدِمَه إن كان طفلاً ويُحَّوِطه بالعناية، حتى يسيرَ ذلك المعتمِدُ بمعموديتِه سيرةً مسيحية لائقة ، ويقومَ قيامًا أمينًا بالواجباتِ التي تقتضيها. ق 685 – البند 1 : لكي يقوم أحدٌ قيامًا صحيحًا بمهمة القرابة ، يلزمه :-
  1. أن يكون مُلِّمًا بالأسرار الثلاثة : المعموديةِ والمسحِ بالميرون والأفخارستيا
  2. أن يكون مُنتميًا إلى الكنيسة الكاثوليكية ( مع التقَّيد بالبند 3 ، أدناه )
  3. أن يكون في نيَّتِهِ القيامُ بهذه المهّمة
  4. أن يختارَه المعتمِدُ {البالغ} نفسُه، أو والداه {للطفل}، أو أوصياؤُه، أو الكاهن
  5. أن لا يكون أبا المُعتمِدِ أو أمَّه أو زوجَه
  6. ألا يكون مُعاقَبًا كنسيًا أو محرومًا من حَّقِ القيام بمهمة القريب
  • البند 2 : ليقوم أحدٌ بمهمة القريب، ” بشكلٍ جائز {قانوني}”، يلزم أن يكون قد بلغ السِنَّ المطلوب في الشرع الخاص، وأن يكون ذا سيرةٍ تليقُ بالأيمان وبالمهمة
  • البند 3 : يجوزُ، لسببٍ صوابي، قبولُ أحدِ أبناءِ كنيسةٍ شرقية غير كاثوليكية لمهّمة قريبٍ على أن يكون معه أبدًا قريبٌ كاثوليكي

نظرًا للعلاقات المسكونية !

بخصوص القريب غير الكاثوليكي جاء في كتاب ” المرشد المسكوني “، للكنيسة الكاثوليكية، رقم 98 ، ما يلي : ” إن القريب أو القريبة يجب أن يكون ، بموجب المنطوق الليترجي والقانوني و بجسب الفكر الكاثوليكي، عضوًا في الكنيسة أو في الجماعة الكنسية التي يُحتَفَلُ فيها بالعماد. إنه لا فقط يتحَّملُ مسؤولية التربية المسيحية للمُعَّمَد ( أو المُثَّبَت) بصفة قرابةٍ أو صداقة. إنه هناك أيضا ليُمَّثِلَ الجماعةٍ الإيمانية، ويضمنُ الأيمان و رغبة مشاركة المُعَّمَد الكنسية. على أيَّةِ حال ، إستنادًا الى العماد العام، وبسبب روابط القرابة أو الصداقة، يمكن أن يُقبَلَ مُعَّمَدٌ مُنتمٍ إلى جماعةٍ كنسية أخرى ( بروتستانتية ) كشاهد على العماد، ولكن فقط مع قريب أصيل كاثوليكي. وبالمقابل يمكن لكاثوليكي أن يؤَّدي نفس الخدمة أو المهمة تجاه شخص يُعَّمَدُ في جماعة كنسية أخرى. بسبب قوة المشاركة المتقاربة بين الكاثوليك والكنائس الشرقية الأرثذوكسية مسموحٌ، لسبب عادل قبول مؤمن شرقي أرثذوكسي لدور القريب إنما دوما بمعية قريب كاثوليكي في عماد طفل أو بالغ كاثوليكي بشرط أن تراعى بالكفاية تربية المُعَّمَد، وبعد التأكد من أهلية القريب .لا تُمنع مهمة القرابة، في عمادٍ مُقامٍ في كنيسة أرثذوكسية، عن كاثوليكي إذا دُعيَ إليها. في هذه الحالة تعود مسؤولية التربية المسيحية في المقام الأول الى القريب العضو في الكنيسة التي يتم فيها العماد “. ق 681 – البند 1 : لجواز تعميد الطفل يجب :-

  1. أن يكون هناك أملٌ وطيدٌ أن يُنشَأَ على إيمان الكنيسة الكاثوليكية (مع التقيد بالبند 5)
  2. أن يقبلَ ذلك الوالدان ، أو أحدُهما فقط، أو الذي يقوم مقامهما شرعًا
  • البتد 2 : يُعَّمَدُ الطفلُ المُسَّيَب أو اللقيط ما لم يثبت أنه مُعَّمَد
  • البند 3 : يُعَّمَدُ كالأطفالُ من حُرموا إستعمال العقل منذ الطفولة
  • البند 4 : يجوز أن يُعَّمد الطفل من والدين كاثوليكيين أو حتى غير كاثوليكيين، عندما يُهَّددُ حياتَه خطرٌ شديد، وتحكم الفطنة أنَّه سيموتُ قبل بلوغِه سنَّ الرشد
  • البند 5 : يجوز عماد إبن المسيحيين غير الكاثوليك إذا طلب الوالدان، أو أحدُهما فقط، أو الشخص الذي يقوم مقامهما شرعًا، وإذا إستحال عليهم، مادّيًا أو معنويًا، الوصولُ إلى كاهنِهم الخاص.

هذا هو القانون والموقف الكاثوليكي في العماذات. ربما يراه البعضُ مُتعَّصِبًا أو عنصريًا. كلُّ الكنائس الخاصّة تتصَّرف بنفس الأسلوب، إذا كانت مقتنعَةً بأنها على حَّق، وإذا كانت تنوي حماية عقيدتها و تربية أبنائِها على ما تعتبره الحَّق. هذا أمرٌ منطقي بغَّض النظر عن إستقامة إيمانها من عدمه. القريب مؤمن ويورثُ إيمانه للطفل الذي يُقَّدمه للكنيسة. فلو كان القريبُ أرثذوكسيًا كيف يقبل أن يعترفَ بالعقيدة الكاثوليكية؟. أوهل يرضى والدان أن يُرَّبى طفلهم على إيمان مغاير ومعارض لأيمانهم؟. أو بالعكس كيف يقبل مؤمن كاثوليكي أن يكون قريبا لمن يختلف عنه؟ ماذا سيُعَّلمُه ؟. هذا من جهة. ومن أخرى تشترط الكنيسة على القريب أن يكون عضوا، وعضوا فعّالا، في كنيسته. فكيف يكون قريبًا وهو لا ينتمي الى كنيسة الطفل؟. ليس الأعتراض على الشخص بل على المباديء، وهي متعارضة بين كنيستين مختلفتين. لا يمَسُّ الخلاف المحبة بل السبيلَ لعيش الأيمان. كل كنيسة تريد وتسعى للحفاظ على ايمانها صافيًا لتقدر ان تجلس على طاولة الحوار في سبيل إستعادة وحدة الأيمان المسيحي. هناك كنائسُ تؤمن بالطلاق والأجهاظ و المثلية وغيرها مما حرمه الله كما جاء في الكتاب المقدس، ولا تخضع للسلطة المركزية التي أقامها المسيح. أو أخرى تخضع لأدارة غير الكهنة، ضد إرادة المسيح، فهل يمكن لمؤمن من تلك الكنائس، وكيفَ، أن يُمَّثل الأيمان الصحيح فينقله الى من تكَّفلَ بتربيته الدينية؟. و القوانين واضحة لا تحتاج إلى تفسير. والمسيح عهد بتعليم الحق والآداب السليمة الى السلطة الكنيسة وعلى المؤمنين السماع منهم وليس العكس حتى تتعلم الكنيسة ممن لم يخترهم المسيح لأدارة كنيسته؟. إنها أمورٌ بديهية لا تناقّش بل نخضع لها إن كنا مؤمنين بالمسيح.

القس بـول ربــان