ملعونٌ من يتَّكلُ على إنسان !

أهلا وسهلا بالأخ ريبوار

سأل الأخ ريبوار عن معنى الآية الآتـية : ” ملعونٌ الرجلُ الذي يتّكلُ على الأنسان ، ويجعلُ البشرَ ذراعَه ، وعنِ الرَّبِ يحـيدُ قلبُـهُ ” ( إر17: 5 ).

ملعونٌ من يتوَّكلُ على الأنسان !بُ

الشعب اليهودي نسيَ الله منقذه من عبودية مصر. وأهملَ العهدَ الذي قطعُهُ آباؤُه بأن يسمعوا كلام الله ويتقَّيدوا بوصاياه. تركوا عبادة الله ومال قلبهم الى أصنام السلطةِ والمال والمجون. لم يعودوا يعرفون الله إلا بالأسم فقط. وقد تشكى الله منهم على ذلك. وطلب منهم أن يثقوا به ويحفظوا وصاياه وأن لا يسلكوا طرق أهل العالم. لم يرعوِ لا الحكام ولا الشعب. كثرت خطاياهم وثقلت آثامهم. وثاروا ضدَّ الآشوريين ثم البابليين وطلبوا النجدةَ من مصر. بات خطر الحربِ يُهَّددُهم. نصحهم النبي إرميا أن يرجعوا عن آثامهم ويحفظوا وصايا الله، والله قادرٌ على إنقاذهم من كل سوء ومن هجوم الأعداء عليهم. لكنَّ الأُمَّةَ كلها رفضت ان تتوب وترجع الى الله. إتكلوا على تحالفات سياسية وعسكرية أكثر من الله. فقال عنهم الله :” لو أنَّ موسى وصموئيل تشَّفعا أمامي لما إلتفَتَ قلبي الى هذا الشعب فأطرحُهُم عن وجهي خارجًا” (إر15: 1). وأضاف :” خطيئة رجال يهوذا مكتوبةٌ بقلمٍ من حديد، برأس من الماس منقوشَةٌ على ألواح قلوبهم وقرون مذابحهم “(إر17: 1). تَرْكُهم لله سببُه إتكالُهم الكلي على فكرهم البشري وقوة سلاحهم وليس على الله. فنبذهم الله. ومن لا يرضى عنه الخالقُ ومُدَّبرُ الكون فينبذه لن يجدَ الراحة في حياتِه ولا ينجو من الشَّر المُحدق به. و مثلُ هذا يُدعَى ” ملعونًا ” أي منبوذًا من الله. وهذا هو معنى الآية ” ملعونٌ من يتكلُ على الأنسان”. من هو الأنسان وعلى ماذا يقدر حتى نضع مصيرَنا بين يديه؟. الناس كلهم متساوون بالعقل والقوة فلمَ يُفضَّلُ الواحد على الآخر؟. لسبب ثروته؟ غناه سيزول. لسبب سلاحه؟. سلاحه سيندحر. بطرفةٍ عيىن أباد الله جيش الآشوريين بلا سلاح ولا مال ولا جنود (2مل19: 35-37). لماذا لا يتكلُ الأنسان إذن عليه؟. لأنَّ الأنسان يركب عقلَه و يركض وراءَ شهواتِه والله يلجمُه ويُبَّين سخافةَ حكمتِه. فمن يتكلُ على الأنسان و” يجعلُ البشرَ سَنَدًا له” يكون قد ” أبعدَ الله عن قلبِه ” وفكره وحياتِه. وأمثال هؤلاء لا نصيب لهم عند الله لأنهم يرفضونه. ومن يرفضُ الله لا نصيب له في خيراتِه وراحتِه. إنه ملعونٌ منبوذ.

القس بـول ربــان