مــعمودية الأطفــال !

أهلا وسهلا بالشماس سعد تومايي.

في آحتكاكٍ للأخ سعد مع أعضاء من الكنيسة المعمدانية ذكر بآستغراب موقفهم من عماد الأطفال إذ يرفضون ذلك ” بحجة أن الأطفالَ لا يعرفون ما هو الأيمان “، كما قال السائل، ولآنه لا يجوز، حسب رأيهم ، أن ينوب عن الطفل غيرُه ، كالأشبين مثلا. ويبررون موقفهم هذا بالقول أنَّ الأنجيل لم يذكر عماد الأطفال أو القاصرين. فتساءَل :

# ما رأيك في ذلك ؟

كل واحد بالشكل الذي قسَّم الله له من ايمان ! رم12: 3

أبدأ بالقول: إذا كان الأنجيل لم يذكر عماد الأطفال فهل إشترطَ الأنجيل أن يكون قابل العماد بالغا؟. صحيح أن الأنجيل ذكر :” من آمن وآعتمد يخلص ” (مر16:16). والأيمان من صفة البالغين. لكنه لم يشترط أن يكون المؤمن بالغا!. وصَّى آناسا يعرفون كيف يتسلسل الأيمان.و لو بحثنا عن نموذج الأيمان الأصيل لوجدناه عند ابراهبم. ابراهيم أبلغ إيمانه لأولاده وأحفاده ليس عند بلوغهم السن القانونية بل في اليوم الثامن من ولادتهم؟. وماذا كان طفل ثمانية أيام يفهم من الحياة حتى يؤمن أو لا يؤمن؟ و كيف كان يُعَّبر عن إيمانه ، هل بالبكاء؟. لو أعطي لأي طفل أن يختار هل كان يقبل ذلك العذاب؟. وجميع أبناء العبرانيين، من اسحق والى آخر يهودي ولِد في يومناهذا، ورثوا إيمان آبائهم بالولادة. أما كان الله يعرف بأن طفل ثمانية أيام لا يفهم شيئًا؟. أم لا يفهم الله ، حاشاه، ذلك ونحن البشر نعَّلمه؟. يضمن الآباء إيمان أولادهم ، بالحري يورثونه إيّاهم. إيمان ابراهيم إنسكب في الطفل لأن أباه أراده إبنا لله ، فختنه!. ولو لم يَخْتُن أحد أطفاله ولم يدخلهم ضمن شعب الله لأُبيدت تلك النفس (خر4: 24). فكان كل طفل مختون يؤمن،عن طريق والده، وينتمي الى الله ويتربى على هذا الأيمان . وهل كان الأطفال اليهود يفهمون ما هو الأيمان ؟. قِسْ عليهم الطفلَ المسيحي!. ما آختلف هو فقط طريقة التعبير عنه فتبدَّلت الختانة بالمعمودية.

ألروح يرشدكم الى الحَّق كله !

هذا كلام الأنجيل، آخر كلام الوحي. والأنجيل لم يكتب الا بعد الرسائل. حتى اعمال الرسل والرؤيا سبقت الأناجيل ما عدا انجيل مرقس. فهل الوحي في الأنجيل وحده أم في كل العهد الجديد؟. يذكر بولس كلاما على لسان الرب يسوع لم يذكره الأنجيل، هو: ” السعادة الكبرى في العطاء لا في الأخذ “(أع 20: 35). ويؤكد يوحنا قول بولس :” أتى يسوع أمام التلاميذ بآيات وأمور أخرى كثيرة لم تُدَّوَن في هذا الكتاب ..”(يو20: 30؛ 21: 25). فمن قال للناس بأن الرب لم يتطرق الى معمودية الأطفال؟. ربما ما ذكرته الرسائل كان كافيا ليغُّض الأنجيليون الطرف عن الموضوع.

ومن جانب آخر قال الأنجيل :” لا يزالُ لديَّ أشياء كثيرة أقولها لكم، لكنكم لا تطيقون الآن حملها. فمتى جاء الروح الحق، أرشدكم الى الحَّق كله. لأنه لا يتكلم من عنده بل يتكلم بما يسمع ويُنبئكم بما يحدث “(يو16: 13). أي يستمر الرب يسوع يعلمنا ويعطينا تعليماته من خلال الروح القدس. ومن يدري بأنْ ليس الروح القدس الذي كشف للرسل أن يعمدوا الأطفال مثل الكبار؟ كما أرسل فيلبس ليعمد خازن ملكة الحبش (أع8: 26)، وبطرس ليعمد أهل بيت كورنيليوس (أع10: 19)؟. هل نحن بحاجة الى حرف مكتوب أم الى شهادات وايمان حي بكلام الرب يسوع؟.

وأيضا : إذا كان الرب لم يُحَّددْ عمرَ طالب العماد من جهة، ومن أخرى خوَّلَ اكنيسته صلاحياته في تدبير شؤونها لما قال:” ما ربطتموه ..أو حللتموه على الأرض يكون مربوطًا .. أو محلولاً في السماوات ” (متى18:18)، فهل للكنيسة المعمدانية أو غيرها أن تعترض على يسوع؟. لقد زرع عدو شرير الزؤان، فكرة عماد البالغين فقط ، بين البشر وآستمرَ هؤلاء يحصدونه الى اليوم.

الوعد لكم ثم لأولادكم ولجميع الآباعد !

في أول خطاب ألقاه بطرس، بعد حلول الروح القدس على التلاميذ، أمام الجموع الغفيرة و المتفاضلة ، لما طلبوا ماذا يفعلون قال لهم “توبوا وآعتمدوا” (أع2: 38). لم يطلب منهم حتى أن يؤمنوا!. ثم عمَّد منهم ” زهاء ثلاثة آلاف نفس ” (2: 41). ترى ألم يكن بينها ولا طفلٌ واحد ؟ ونحن نعلم أنَّ الأطفال فضوليون أكثر من الكبار ويتجمهرون بكميات كبيرة قبل غيرهم. إذا كان الوعد بالخلاص للكبار والصغار، “لكم ولأولادكم”، فما المانع أن يعتمد الكبير والصغير؟ ومن يقدر أن يثبت بأنه لم يكن بينهم أطفال؟. وهل سمح الرب أن تخطأ كنيسته ، فتعمد الأطفال، خلال ستة عشر قرنا، رغم وعده لها بأن ” أبواب الجحيم لن تقوَ عليها “(متى16: 18)، ورغم تكليفه الرسل أو السلطة التعليمية والأدارية في الكنيسة بتعليم الشعوبَ الحقيقة (متى28: 19)، فرغم كل هذا يسمح لكنيسته أن تخطأ 1550 سنة ، بل و أكثر، ثم يقوم نفر مجهول ، لم يَدْعُه الرب لا للتعليم ولا للأدارة، ويرفض تعميد الأطفال؟.

عمَّذهم رجالا ونسـاءًا !

بشَّر فيلبس السامرة ولقي فيها ساحرًا فتن أهلها ” فكانوا يلزمونه بأجمعهم من صغيرهم الى كبيرهم”. ثم آمنوا وآعتمدوا ” رجالا ونساءًا”(أع8: 10-12). حتى الساحر آمن وآعتمد. أ يُعقَل من أنَّ لا أحدًا من الصغار الذين كانوا يلزمونه إعتمد معه، أو رفضهم الرسول؟. كان أقله يشير الى ذلك!. و” إذا آعتمدت، على يد بولس، ليديا وأهل بيتها، أ لم يكن لها أطفال؟. من كان إذن أهل بيتها؟(أع16: 15). أو لما عمَّد ” أسرة إستيفاناس “(1كور1: 16)، هل كانوا كلهم شيوخا؟. أم لما ” آمن قرسبس، رئيس مجمع كورنثية، هو وأهل بيته جميعا” (أع 18: 8) ، دون استثناء أحد، أما وُجدَ بينهم حتى ولا طفلٌ واحد؟.

الموضوع يحتاج الى فكر مفتوح على روح الله وعدم الأنغلاق على الحرف. كما يحتاج المؤمن الى قراءة للكتاب تكون إيمانية لا إقتصادية ولا عنصرية. وتكون القراءة شاملة للكتاب لا تكتفي أو تتقيد ببعض الأسطر، أو ببعض الأفكار التي يضخها العالم يوميا الى عقول المؤمنين بهدف تشويه الحق. على الكنيسة هي أن تتلمذ العالم للمسيح وتعَّلمه الحقيقة لتخَّلِصَه لا أن تتعلم من العالم ما يُهلكُها.

القس بـول ربــان