مسبحة الرحمة الألهية

يتكلّم الله من أيام آدم وحتى يومنـا هذا إلـى قديسيـه وأنبياؤه من خلال الرؤى والأحلام والإيحاءات. والكتاب الـمقدس بعهديه القديم والجديد ملئ بتلك الحوادث الإعجازيـة نتيجة لظهور تلك القوى السماويـة وما حملته من رسائل للبشر. وفـى وقتنـا الحاضر مازال الله يستعلن لأناس عاديون لنقل رسائلـه الى البشر وذلك لكى يدعونـا لتحقيق عهده معنـا وتنفيذ مشيئـته من أجلنـا “كـما فى السماء كذلك على الأرض”.

ومنذ قيامـة السيد الـمسيح وصعوده إلـى السماء وحتى يومنـا هذا،وهناك العديد من الطهورات والرؤى ليسوع ومريم العذراء تحمل رسائل سماويـة للبشر،وقد وافقت السلطة الكنسية على بعضهـا والبعض الآخر لـم تصدّق عليـه،وذلك بعد أن قامت بفحص دقيق لكل ما جاءت بـه من تعاليم أو ظواهر غير عاديـة. مع كل هذه الطهورات كانت الرسائل السماويـة تحمل التحذير بالخطر الذي يهدد العالم ومدى حزن الله من أجل عدم الـمحبة بين البشر وطوفان الخطايـا والتأكيد على ضرورة الصلاة.

خصَّصَ البابا فرنسيس سنة 2016م يوبيلا للرحمة الألهية. وأُقيمت ندواتٌ وآحتفالاتٌ و صلوات لمساعدة المؤمنين على الأيمان بأنَّ اللهَ أبٌ رحومٌ وأنَّ رحمتَه فوقَ عدالتِه. لقد كثرت مساوئُ الناس وشرورُهم. إبتعدت الناس كثيرًا عن الله. فقدوا الأحساس بالروح. كرَّسوا جهدَهم كلَّه وآهتمامَهم بخدمة الجسد تلبيةً لملَّذاتِهم، ساعين في إثرالخيرات الزمنية فقط بكل السبل حتى الأجرامية. ويسوع الذي ماتَ حُبًّا بالناس وتكفيرًا عن خطاياهم يتألمُ لأهمال الناس ما يعرُضه عليهم من محَّبة وتآخ ٍ وغفران. وإذ لا يريدُ لهم الهلاك الأبدي علمَّ الناس، عن طريق القديسة ماريا فوستينا ، أن يتحَّسَسُوا محَّبَته ويثقوا برحمتِه فيَلتجئوا الى الله بتلاوة ” مسبحةِ الرحمةِ الألهية “. وقال لها :” إذا تُليَتْ مسبحةُ الرحمةِ بالقربِ من منازعٍ أَقفُ أنا بين هذه النفس وبين الآب، لا كدَّيانٍ عادل، إنَّما كمُخَّلِصٍ رحيم”.

وبعدَها عَلَّمَها الرب كيفية تلاوتها، وكيفية إقامةِ تساعيةٍ، في أيِّ وقت كان، ودُعِيَتْ بِـ ” الصغيرة “، لاسيما في عيد الفصح فتُقام بدءًا من يوم جمعةِ الآلام والى عشية عيد الرحمة الألهية يوم الأحد الجديد بعد عيد القيامة، ودُعِيَتْ بِـ ” التساعية الكبيرة “. وقد شَدَّدَ البابا فرنسيس على تلاوة هذه المسبحة لنيل رحمة الله لاسيما في الظرف الراهن القاسي والمُهَّدد الأنسانيةَ كلَّها بالهلاك.

في السنوات الأخيـرة من القرن الماضي وبعد موافقـة السلطة الكنسية فى أبريل 1978 بدأ الـمؤمنون في ممـارسة إكرام مخصص للرحـمة الإلهيـة والتي قد وضعت صلواتهـا الراهبـة القديسة مارى فوستينـا كوفالسكا St. Maria Faustina Kowalska والتي أعلنت الكنيسة طوباويتهـا في عام 1993،و قداستهـا فى30أبريل من عام 2000، بعد أن ظهر لهـا السيد الـمسيح عدة مرّات منذ 22 فبراير من عام 1931 وحتى 1935معلنـا لهـا ضرورة تذكرة البشر والكنيسة برحـمة الله الشاملة لكل العالـم وللخطاة.

وفـى إحدى تلك الطهورات جاء السيد الـمسيح برداء أبيض وإحدى يديـه مرتفعة بالبركـة، والأخرى ملتصقة بالرداء جهة الصدر، وكان يخرج من الصدر شعاع ذو لون أحمر وشعاع آخـر بلون باهت. وطلب السيد الـمسيح منهـا أن ترسم صورة ما شاهدت، وشرح لهـا معنى الشعاع الباهت والذى يرمز للـماء والذى يعطى الحيـاة للأنفس، والشعاع ذو اللون الأحمر الذي يرمز للدم والذى هو حيـاة الأنفس. والـماء يذّكرنا بـماء الـمعموديـة وبدموع التوبـة وبينبوع الـماء الحـي “أمـّا من يشرب من الـماء الذي أنـا أعطيه له فلن يعطش إلـى الأبد بل الـماء الذى أعطيـه له يكون فيه ينبوع ماء ينبع إلـى الحياة الأبديـة”(يوحنـا13:4-14). والدم يذّكرنـا بالعشاء الربـّانـي الذي “هو دم العهد الجديـد الذى يُهرق عن كثيرين لـمغفرة الخطايـا”(متى28:26). ولقد خرجـا الشعاعان من عـمق القلب الأقدس منذ كان يسوع معلقـاً على خشبة الصليب كتعبيـر عن الرحـمة التي يرسلهـا الله للبشر.

وفـى إحدى تلك الطهورات طلب منهـا السيد الـمسيح أن يخصص عيداً تذكاراً للرحـمة الإلهيـة،وكذلك ضرورة الاعتراف والتناول الـمقدس. وقال السيد الـمسيح للقديسة فوستينـا:”أريد أن تُكرس صورتـي هذه فـى الأحد التالـى لعيد القيامـة على أن يكون هذا اليوم عيداً مخصصاً للرحـمة، وفـى هذا اليوم سيكون أعـماق قلبي الرحيـم مفتوحـاً لكل من يأتـى للـمصالحـة معـي ومعترفـاً بخطايـاه ونادمـا من كل قلبـه ويتقدم باستحقاق للتناول الـمقدس فسوف أغفـر لـه خطايـاه”.

ولقد قامت القديسة بالفعل برسم تلك الصورة وكتبت تحتهـا: “يا يسوع أنـي أثـق بك” لأنـه فـى يسوع يجب أن تكون ثقتنـا. إن رسالـة السيد الـمسيح عن الرحـمة الإلهيـة كـما أعلنهـا للقديسة فوستينـا ليست بإعلان جديد بل هـى للتذكـرة فقط فطالـما أعلنت الكنيسة فـى تعاليمهـا أن الله رحيـم وغافر للخطايـا وأننـا أيضاً يجب أن نُظهـر الرحـمة والـمغفرة لبعضنـا بعض.فـى الصلاة الربيـّة نصلي قائليـن:”أغفر لنـا ذنوبنـا كـما نغفر نحن لـمن أساء إلينـا”(متى12:6)،وفـى موعظـة السيد الـمسيح على الجبل جاء قولـه:”طوبـى للرحـماء فإنهم يُرحمون”(متى7:5)، لهذا فالكنيسة تعلـمنا دائـماً أن نكون رحـماء وذلك بالقيام بأعمال ماديـة ملموسة وأعـمال أخرى روحيـة.

والأعـمال الـماديـة فـمثالهـا هو:تقديم طعام لجائع – تقديم ماء لعطشان – تقديم كساء لعريان – تقديم إيواء لـمن بلا مسكن – زيارة مسجون – زيارة مريض – أودفن ميت.

وأعمال الرحـمة الروحيـة فـمثالهـا هـو:تقديم نصيحة لخاطئ – تقديم إرشاد لـمن لا يعلم – تقديم نصح لـمن يشك – تقديم العزاء للحزانـى – الصبر أمام من يغضب – الـمغفـرة لـمن أساء إليك – أو الصلاة من أجل الأحياء والـموتـى.

Helen Kowalaska فى 25 أغسطس من عام 1905 فى بلدة Glogowiecفى بولندة من عائلة متدينـة وفقيرة،وكانت هي الابنة الثالثـة من عشرة أطفال ولـم تحصل على التعليم الأساسي لشدة الفقر، فمكثت فى المدرسة لمدة سنتين فقط وبعدها كانت تساعد العائلة في أعمال الحقل وحراسة الماشية وتقوم بأعمال المنزل والـمطبخ، وعُرف عنهـا حب الصلاة والطاعـة ومساعدة الآخريـن في احتياجاتهم منذ الصِغـر.

ولقد دُعيت لحياة التكريس والخدمـة بعد أن رأت يسوع الـمصلوب في رؤيـا،فالتحقت برهبنـة أخوات سيدة الرحـمة في بلدة Cracowوكان ذلك يوم أول أغسطس من عام 1925، وأُطلق عليهـا أسم الأختSr. Maria Faustina ،وعاشت في تلك الرهبنـة لـمدة 13عامـا تعمل في مطبخ وحديقة الديـر. ولـم يظهـر عليهـا أي علامات غير اعتيادية تدل على عمق حياتها الروحية الداخلية وكانت تنفذ كل ما يُطلب منهـا في محبـة والتزام دقيق وتُظهر اهتماما بالـمحتاجين،فكانت تظهر بأعمالهـا سر رحمة اللـه تلك التى سجّلهـا الوحي الإلهـي فى الكتاب الـمقدس. وكانت الأخت فوستينـا تبذل قصارى جهدهـا في رد الخطاة للـه وللكنيسة، وتقدم حياتهـا مثالاً حيـّاً لـمحبة الله ورحمتـه اللانهائيـة نحو البشر فكانت حياتها الروحية مميزة بحبها لسر التناول الـمقدس وتقديم الإكرام لأم الرحـمة مريـم العذراء،لهذا ملآهـا اللـه بالـمواهب الروحيـة، كالرؤى والطهورات السماويـة،ومشاركتهـا فـى آلام السيد الـمسيح وذلك بظهور بعض الجراحات في جسدها خاصـة فـى فترة احتفال الكنيسة بذكرى تلك الآلام، هذا بالإضافـة إلى قراءة الأفكار،والتنبؤ. كانت علاقتهـا بالله ومريم العذراء والـملائكة والقديسين وحتى تلك النفوس الـمتواجدة بالـمطهر وكل عالـم الأرواح الغيـر منظورة أمراً غيـر عاديـاً.

لقد أختار السيد الـمسيح الأخت فوستينـا كرسول لإعلان رحمـته للعالـم الـمملوء بالقلق والاضطراب ولنقل رسالتـه الهامـة والتى لهـا صفـة الإستعجال لحث البشر على العودة للـه. لقد تلخصت رسالة الأخت فوستينـا في ثلاث مهام رئيسية:

– تذكرة العالـم والكنيسة بصدق رحمة الله للبشر والتي كشفها الوحي الإلهـي في الكتاب الـمقدس.

– ممارسة الرحمة الإلهيـة للعالم أجمع وخاصة بين الخطأة وذلك من خلال إكرام خاص للرحـمة الإلهيـة.

– بدء حركـة رسوليـة نحو نشر الرحمة الإلهيـة والتى فيهـا يمارس الـمؤمنون أفعال الرحـمة بين كل الـمحتاجين سواء روحيـاً أو ماديـاً أو معنويـاً.

ولقد سجّلت الأخت فوستينا فى مذكراتهـا،كل ما تعلـمته ومارستـه من صلوات أو أكرامات أو أفعال وذلك حسب نصيحة مرشدها الروحي وأيضا طبقاً لـما طالبهـا بـه السيد الـمسيح، والتى دونت فيهـا بأمانـة كل رغبات ووصايـا وأشواق السيد الـمسيح.

وبعد حياة حافلـة إنتقلت للأمجاد السماويـة بعد مرض عِضال وذلك فى يوم 5 أكتوبر من عام 1938 عن عمر ناهز 33 عاماً كعمر السيد المسيح،فى أحدى أديرة أخوات سيدة الرحمة،ووُضع رفاتهـا فى مغارة أطلق عليهـا مغارة الرحمة الإلهيـة وتقع فى منطقة Lagiewniki بالقرب من Cracow ببولندة.

ومنذ عام 1938 وبعد ذلك، بدء فـى ممارسـة صلوات الإكرام للرحمة الإلهيـّة وخاصـة إبان الحرب العالـمية الثانيـة 1939-1945، فى بولندة وليتوانيـا اللتان وضع مؤمنوهمـا رجاءهم كله فـى رحـمة الـمخلّص الإلهـي.

فى عام 1941 نُشر هذا الإكرام فـى الولايات الـمتحدة الأمريكية وبعدهـا للعالـم كلـه. ثـم فـى 6 مارس من عام 1959 كنتيجة لبعض الـمعلومات الخاطئـة حرّمت الكنيسة الكاثوليكية توزيع الصور والكتابات عن الرحمة الإلهيّـة كما دونتهـا الأخت فوستينـا وإستمر هذا لـمدة عشرون عامـا. وفى 15 أبريل من عام 1978 أعلن الكرسي الباباوي بعد فحص شامل للـمستندات والوثائق الأصليـة رجوع الكنيسة عن هذا الحرْم ويعود الفضل لذلك لـمجهودات الكردينال Wojtyla، الذى كان رئيس أساقفة الـمنطقة التى بها بلدة Cracow ببولندة، والذى أصبح فيما بعد فى 16 أكتوبر من نفس العام البابا يوحنا بولس الثانـي. ولقد قام قداسته بنشر العديد من الرسائل البابويـة وأعلن ضرورة الإلتجاء لرحمة اللـه، وقام بالتصديق على إعلان الكنيسة تطويب الأخت فوستينـا فى 18 أبريل من عام 1993، ثم أعلن قداستهـا فى 30 أبريل عام 2000وكان ذلك يوم الأحد الواقع بعد أحد القيامـة والذى خصص ليكون عيداً للرحـمة الإلهيّـة حسب طلب السيد الـمسيح.

إن الرحـمة الإلهيـة هـى قلب الكتاب الـمقدس فإننـا إذا مـا تأملنـا كيف أن الله أظهـر عِظم مـحبـتـه ورحـمته لنـا فـى تجسده وموتـه على الصليب وقيامتـه ليعـطى الحيـاة الأبديـة لكل من يؤمن بـه،كـما قال يوحنـا الرسول:”بهذا قد عرفنـا الـمحبّة أنّ ذاك قد بذل نفسه من أجلنـا فيجب علينـا أن نبـذل نفوسنـا من أجل الإخوة”(1يوحنا16:3)، فيـمكننا بتلك الثقـة أن نسأل رحـمتـه تعالـى.

لقد أعلن الله لـموسى فـى العهد القديـم عن ذاتـه قائلاً لـه أن “الرب إلـه رحيـم ورؤوف طويل الآنـاة كثيـر الـمراحم والوفاء”(خروج6:34). وفـى قصة شعب الله الـمختار وتعامل الله معـهم نجد أنهـا تحمل معنـى واحد كيف أن الله مملوء رحـمة. وفـى العهد الجديد إزداد هذا الإعلان عن رحـمة الله ومحبـتـه فجاءت كلـمات القديس يوحنا:”لأنـه هكذا أحبّ الله العالـم حتى إنـه بذل ابنـه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن بـه بل تكون له الحيـاة الأبديـة”(يوحنا16:3). ولهذا جاءت أيضاً كلمات القديس بطرس:”مبارك الله أبو ربنا يسوع الـمسيح الذى على حسب رحمته الكثيرة ولدنـا ثانيـة لرجاء حي بقيامـة يسوع الـمسيح من بين الأموات لـميراث لا يبلى ولا يفسد ولا يضمحل محفوظ فـى السموات لكم”(1بطرس3:1-4).

فلنسأل الرحـمة من اللـه بثقـة فهو القائل: “إسألوا فتعطوا..لأن كل من يسأل يُعطى ومن يطلب يجد ومن يقرع يُفتح لـه”(متى7:7-8). وهو أيضاً القائل:” طوبـى للرحـماء فإنهـم يُرحـمون”(متى 7:5) ولقد قال السيد الـمسيح للقديسة فوستينـا فـى إحدى ظهوراتـه لهـا:” ان النفوس التى تلتجئ إلـى رحـمتي تسرّنـي، ولتلك النفوس فأنـا أعطيهـا أكثـر ممـا تطلب. إن كل نفس قد إلتجأت إلـى رحـمتي لا تُرد خـائبـة. أنـا أفتح قلبي كينبوع حـي للرحـمة فلتأت النفوس وترتوي منـه ولتقترب إلـى بحر الرحـمة هذا بثقـة عـظيـمة، وكلـما كانت ثقـة النفس بـي قويـة فستنال رحـمة منـي أكثـر “. إن الثقـة بالله تعنـى أن الله هو كل شيئ فـى حياتـي حتى فـى أحلك الأوقات فنردد قول السيد الـمسيح عندمـا كان فـى بستان الزيتون” لكن لا تكن مشيئتـي بل مشيئـتك”(لوقا42:22).

لقد عرفنـا أن الرحمة الإلهيـة هـى قلب الكتاب الـمقدس،ولكن كيف يـمكننا أن نختبـر هذه الرحـمة فـى حياتنـا؟

لقد أجاب السيد الـمسيح على مثل هذا التساؤل عندما قال للقديسة فوستينـا:” قولـي للبشريـة التى تعانـي من الـمتاعب أن تقترب من قلبي الرحيـم،وأنـا سأملأ حياتهـم بالسلام”،وهكذا بالإقتراب من يسوع التجسد الحقيقي للرحمة الإلهيـة والثقـة فيـه يـمكننا فقط أن نختبـر حب وسلام الله.

وأحسن مكان لهذا الإلتقـاء بالسيد الـمسيح هو “الكنيسة” والتى يصفهـا بولس الرسول قائلاً:”جسد المسيح”(1كورنثوس27:12)،ففى الكنيسة سوف نجد إعلان واضح عن رحمة الله فـى كل الطقوس والخدمات والصلوات،فالكنيسة هى الـموزعـة للأسرار الـمقدسة،والـمُصليّة من أجل الجميع،والرائدة للكثير من الـمشروعات الخيريـة التى تفيد كافة الجنس البشري. وفـى الكنيسة نلتقى أيضاً بأم الكنيسة وأم الرحـمة مريـم العذراء والتى تلعب دوراً هامـاً فـى خطة الله الخلاصيـة من أجل البشر والتى تصلّي مع أعضاء “جسد الـمسيح” وتتشفع لهـم أمام عرش الرحـمة الإلهيـة.

لقد طلب السيد الـمسيح من القديسة فوستينـا عن رغبتـه فى تخصيص الكنيسة عيداً للرحـمة فقال:”يا إبنتي كلّمي العالم أجمع عن رحمتي اللامحدودة،وعن رغبتي بأن يخصص عيداً للرحمة يكون ملجأ وملاذ لكل الأنفس وخاصة نفوس الخطأة،ففى هذا اليوم تكون أبواب رحمتي مفتوحـة،فكل من يطلب رحمتي بثقة ينالهـا، وسأفيض من مياه محيط بركاتـي لكل من يقترب من نبع رحمتي. كل نفس تتقدم من سر الإعتراف وتتناول جسدي فى هذا اليوم ستنال غفراناً كاملاً لخطاياها وعفواً من العقاب. ان رحمتي عظيمة لا يمكن أن يتصورهـا عقل أي بشر أو حتى ملاك،وكل نفس فى إقترابهـا من رحمتي فى هذا اليوم سأعطيها نعمة التأمل فى حبيّ ورحمتي إلـى الأبـد. إنـّي أرغب فى أن يُقام إحتفال كبير فى الأحد الذى يلي عيد الفصح. إن عيد الرحـمة فاض من قلبي لتعزية العالم أجمع”.

رغبـة يسوع هى أن يكون هذا العيـد فى الأحد الأول بعد القيامـة،وهو يقع فى اليوم الثامـن بعد القيامـة،وقد أُطلق عليـه فيما بعد”احد الرحـمة الإلهيـّة”. ولقد أعلن قداسة البابا يوحنا بولس الثانـى فى يوم إعلان قداسة القديسة فوستينـا يوم الأحد 30 أبريل عام 2000، بأنـه منذ هذا اليوم سيصبح فى الكنيسة جمعاء هو يوم أحد الرحـمة الإلهيـة بدلا من تسميته الأحد الثانـي للقيامـة،وفيه تنشد الكنيسة “إعترفوا للرّب لأنـه صالح لأنّ إلـى الأبد رحمتـه”(مزمور1:117)، إعترافـاً منهـا برحمـة الله، ويُقرأ فيـه أيضاً نص ظهور السيد الـمسيح فى أول الأسبوع لرسله حيث كانوا مجتمعين حيث قال لهم:”السلام لكم. ولـمّا قال هذا أراهم يديـه وجنبـه ففرح التلاميذ حين أبصروا الرب”(يوحنـا21:20-23) ،وفـى يديـه وجنبـه كانت جروحات الصليب وخاصة جرح الجنب والذى عندما طُعن يسوع بالحربـة”فخرج للوقت دمُ وماء”(يوحنا34:19).

فى هذا العيد طلب السيد الـمسيح أن يتم تقديم إكرام خاص لصورة الرحـمة الإلهيـة ذات الشعاعان الخارجان من قلبه والذى يذّكر البشر بالدم والـماء الـمسفوك من أجل خلاصهم.

إن وعود السيد الـمسيح لكل من يقترب من سري الإعتراف والتناول فى ذلك اليوم هو إعلان بأهميـة نوال الـمصالحة مع الله فى سر الـمصالحة وضرورة التوبة والندامة،مع التأكيد بأن كل من يأكل جسد الرب ويشرب دمـه ينال مغفرة الخطايـا والحياة الأبديـة،وأيضاً تذكرة من ضرورة أن نتقدم بإستحقاق لسر التناول وليس كعادة لنـا كقول بولس الرسول:”لأن من يأكل ويشرب وهو على خلاف الإستحقاق إنما يأكل ويشرب دينونة لنفسه إذ لـم يـمّيز جسد الرب”(1كورنثوس29:11).

فى يوم الجمعة العظيمة سنة 1937،ظهر السيد الـمسيح للقديسة فوستينـا وطلب منهـا أن تصلّي تسعاويـة خاصـة قبل عيد الرحمـة،وأعطاهـا نيّـة خاصـة تُقدم فـى كل يوم من تلك الأيام التسعة وذلك من أجل النفوس لكي تستمطر رحمة الله من أجلهـم. وصلوات هذه التسعاويـة تختلف عن تلك التى تُتلى فيهـا مسبحة الرحـمة الإلهيـة لـمدة تسعة أيام ايضاً قبل عيد الرحـمة،فهى مقدمـة من أجل أنفس الآخـرين،وليس من أجل نيـّة شخصيـة أو طلب شخصي لـمن يتلوهـا،ومن أجل هذا إنتشرت تلك الصلوات بصورة فريدة بعد نشرهـا.

ويُنصح عادة بتلاوة صلوات هذه التسعاويـة مع تلاوة مسبحة الرحـمة الإلهيـة من أجل الإستفادة الروحيـة الكاملـة.

فى سنة 1935،ظهرت للقديسة فوستينـا رؤيـة بأن رأت ملاكا مُرسل من اللـه جاء لخراب إحدى الـمدن،فبدأت القديسة الصلاة طالبـة الرحـمة من اللـه،ولكن بدا وكأن صلواتهـا بلا فاعليـة،وفجأة أحست بقوة إلهيـة عجيبـة قد سرت في داخلهـا،وبدأت تصلّي بتضرع طالبـة الرحمة وبصلوات جاءت على لسانهـا لـم تألفهـا من قبل وكأن صوتـاً بداخلهـا يُـمليهـا عليهـا فجاءت كالآتـى: “أيهـا الآب الأزلـي، انـي أقدم لك جسد ودم،ونفس ولاهوت إبنك الحبيب ربنـا يسوع الـمسيح تعويضًا عن خطايانـا وخطايـا العالم كلّـه،وإرحمنـا بإستحقاقات آلامـه الـموجعة. آميـن”. وبينمـا كانت هـى مستمرة فى تلاوة تلك الصلوة العجيبـة بدا وكأن ملاك الـموت هذا قد أصبح بلا قوة ولا يستطيع تنفيذ أمر العقاب الـمستحق على تلك الـمدينـة. وفى اليوم التالـى وعند دخول القديسة للكنيسة لتلاوة صلواتهـا اليوميـة،سمعت نفس الصوت الداخلي يأمرهـا بترديد تلك الصلوة العجيبـة،والتى أطلق عليهـا السيد الـمسيح فيما بعد “الـمسبحة”، ولكن فى هذه الـمرّة أضيف عليهـا:”..وإرحم العالـم كلّـه”. وبدأت القديسة فوستينـا فى تلاوة صلوة الـمسبحة هذه يوميـاً وخاصـة لـمن هـم على وشك الـموت. وفـى إحدى ظهورات السيد الـمسيح للقديسة،أعلن لهـا صراحـة أن صلوة الـمسبحة هذه ليست لهـا فقط بل للعالـم كلـه،ووعد بـأن من يتلوهـا وهو على ثقـة كاملـة برحـمة اللـه، فسوف يحصل على رحمة عظيمة ونِعـمْ إلهيـة كثيرة و خاصـة عند الـممات،وإذا ما تلاهـا حتى أقسى الخطأة فسوف ينال الرحـمة ومغفرة خطايـاه لأن مشيئة اللـه هـى منح ما لايـمكن وصفـه من نِعـمْ لكل من يلتجئ بكل ثقـة فـى رحمته تعالـى.

وتُـتلى صلاة الـمسبحة هذه والتى يُطلق عليهـا “مسبحة الرحـمة الإلهيـة” بإستخدام مسبحة تشابـه الـمسبحة الورديـة ويمكن تلاوتهـا عقب التناول الـمقدس كصلاة شكر، ويـمكن تلاوتهـا فـى أي وقت،ولكن السيد الـمسيح قد طلب من القديسة فوستينـا أن يتم تلاوتهـا خلال التسعة أيام التى تسبق عيد الرحـمة الإلهيـة والواقع فى الأحد التالـي لعيد القيامـة. وهناك من يُحبذ تلاوتهـا فى الساعة الثالثـة من بعد الظهر كل يوم كتذكرة للوقت الذى مات فيـه السيد الـمسيح على الصليب.

” قال يسوع لماريا فوستينا : الحُّبُ الألهي هو الزهرة. والرحمةُ الألهية هي ثمَرَتُها. إنَّ النفسَ التي تشُّكُ ، عليها أنْ تتأَمَّلَ بهذه الأبتهالات إلى الرحمة الألهية، وعندَها تثِقُ برحمتي “

بعد كلِّ إبتهال تُقـالُ الردَّة :  إِنَّـنـا نَـثِـقُ بِـكِ

أَيَّتُها الرحمةُ الألهية ، النابعةُ من أحشـاءِ الآب                          إِنَّنا نثِـقُ بِكِ

 =     =       =  ، يا صِفَـةَ اللهِ العُظمَى                                               =

 =     =       =  ، يا سِرًّا لا يُـدْرَك                                                     =

 =     =       =  ، يا نبعًا فاضَ من سِرّ ِ الثالوثِ الأقدَس                      =

 =     =       =  ، يا سِرًّا لا يَحُّدُهُ العقلُ البشري                                  =

 =     =       =  ، نبعَ الحــياةِ والفـرح                                                =

 =     =       =  ، التي فاقَت ِ السماوات                                              =

 =     =       =  ، نـبعَ المُعجِزاتِ والعجــائب                                     =

 =     =       =  ، يا شامِلَةً ألكَونَ كُـلَّهُ                                                 =

 =     =       =  ، أَلمُتجَّسِدةُ بأُقنومِ الكلمة                                             =

 =     =       =  ، أَلمُتدَّفِقةُ مِن جُرحِ قلبِ يسوع                                    =

 =     =       =  ، ألمُوعَـبَـةٌ في قلبِ يسوعَ لأجلنا نحنُ آلخَطَـأَة             =

 =     =       =  ، أَللامحدودةُ في سِـرّ ِ الأُوخارِسْتِـيّا                            =

 =     =       =  ، أَلمُـتَجَّليَةُ في تأسيسِ آلكنيسةِ المُقَدَّسة                        =

 =     =       =  ، أَلمُـتَـجَّليَةُ في سِـرِّ العِمادِ المُقَدَّس                              =

 =     =       =  ، تبريرَنا مِن الخطيئةِ بيسوعَ المسيح                           =

 =     =       =  ، رفـيقَـتَـنا مدى آلحــياة                                              =

 =     =       =  ، حاميَـتَـنا في ســاعةِ موتِـــنا                                     =

 =     =       =  ، عربونَ الحـياةِ الأبَــدية                                            =

 =     =       =  ، أَلحاضِرَةُ  في كلِّ لحظاتِ حــياتِـنا                            =

 =     =       =  ، حامِـيَـتَـنا  من نارِ جَهَّنم                                            =

 =     =       =  ، لآرتِدادِ آلخَـطَأَةِ اللامبالين                                        =

 =     =       =  ، ذهولَ الملائكةِ ونعــيمَ آلقِـدّيسين                               =

 =     =       =  ، أَلـلامحدودَةُ في جميعِ ِ الأسرارِ الألهية                     =

 =     =       =  ، مُنـقِـذَتَـنا من كُلِّ بُــؤس                                            =

 =     =       =  ، مصدَرَ كلِّ تـعزِيَةٍ وفـــرح                                       =

 =     =       =  ، يا مَن تُنادينا مِنَ آلعَدَم إلى الـوُجـــود                         =

 =     =       =  ، أَلمُحـيطةُ بجميع ِ خلائِـقِ الرَّب                                =

 =     =       =  ، كمـالَ كُلِّ ما كانَ ويكـــون                                       =

 =     =       =  ، ألتي في أَعـماقِهاغُـصْنا كُلُّــنا                                   =

 =     =       =  ، يا طُمَـأْنيـنةَ آلقلوبِ آلمُضطَرِبة                                 =

 =     =       =  ، يا راحةَ القلـوبِ، والسلامَ في الشدائد                         =

 =     =       =  ، أَلداعِيةُ للثِـقـةِ حيثُ لا رجــاء                     إِنَّـنا نَـثِـقُ بكِ

 

لِنُصَّـلِّ : أَيُّها الآبُ الأزلي.  يا مَن رحمتُهُ غيرُ محدودةٍ ، وكنوزُ شَفـقَـتِه لا تَنضَبُ ، أُنظُرْ إلينا نظـرةَ عَطْفٍ ، وضاعِفْ فينا أعـمالَ رحمتِكَ حتى لا نـيأَسَ ولا نضعفَ أبَـدًا أمامَ آلتجاربِ آلصعبة ، بل إِجعَلنا نخضعُ بثـقـةٍ مُـتزايدةٍ لإرادتِكَ المُقَـدَّسة : الحُّبَ والرحمةَ بذاتِهما. 

“اليوم قوديّ إلـيّ البشرية جمعاء، وخصوصاً الخطـأة. أغـمريها فى محيط رحمتي، هكذا تخففين مرارة الحزن الذى يُغرقني به هلاك تلك النفوس” “يا يسوع الأكثر حبـاً ورحـمةً،والذى من طبيعتـه أن يرحمنا ويغفر لنا،لا تنظر الى خطايانـا بل إلى الثقـة التى نضعهـا في عِظم صرحك اللامحدود. إقبلنـا جميعا لنسكن فى داخل أعماق قلبك الرحيم،ولا تسمح بأن نخرج منـه أبداً. نترّجاك بحق الحب الذى يجمعك بالآب السماوي والروح القدس.

أيهـا الآب الأزلـي، أنظر بعين الرحـمة إلـى البشريـة جمعاء،وخصوصاً على الخطـأة،الذين هـم فى أكثر القلوب حبـاً،قلب يسوع. بحق آلامـه الـمرّة إرحمنـا فنسبح رحمتك القادرة على كل شيئ إلـى أبد الأبديـن. آميـن.

“اليوم قودي نفوس الكهنـة والرهبان والراهبات وكل الخدّام وأغمريها برحمتـي اللامحدودة، فـمن خلالهم تفيض رحمتي للبشر”. يا يسوع الأكثـر حبـاً ورحـمةً، مصدر كل الخيـر، ضاعف من نعـمتك على الرجال والنساء الذى يكرّسون حياتهـم لخدمتك، حتى يقوموا بأعمال الرحـمة نحو القريب، لكي هو أيضاً يُـمجد آب الرحـمة السماوي.

أيهـا الآب الأزلـي،أنظر بعين الرحـمة إلى من إخترتهـم ليعملوا فـى كَرمِك،النفوس الكهنتويـة والرهبانيـة وكل خدّامك،وأفِض عليهـا قوة بركاتـك،بحق حب قلب إبنك الحبيب الذى فيـه يرتـمون،وأعطهـم قوتـك ونورك حتى يـمكنهم إرشاد الآخريـن إلـى طريق الخلاص،وحتى نُمجدّك معـاً بصوت واحد ويسبحون رحمتك الفائقـة من جيل وإلـى جيل وإلى دهر الداهرين. آميـن.

“اليوم قودي إلـيّ كل النفوس التقيـّة و الأمينـة وأغمريها فى محيط رحمتي. هذه النفوس رافقتني على درب الجلجلة وأعطتني تلك النقطة من العزاء فى محيط الـمرارة.” يا يسوع الأكثر حبـاً ورحـمةً، يا من تمنح بغزارة من كنز رحـمتك للجميع. إقبلنـا جميعا لنسكن فى داخل قلبك الرحيم،ولا تتركنا نخرج منـه أبداً. نتوسل إليك بحق عجائب حبك للآب السماوي والذى فيـه يحترق قلبك بشدة.

ايهـا الآب الأزلـي أنظر بعين الرحمة إلـى النفوس الأمينـة،والتى هـى ميراث حقيقي لإبنك الحبيب. بإستحقاقات آلامـه الـمبرحـة هَبهـم بركتك وأحطهـم بحمايتك الدائـمة،كي لا يفقدوا أبداً حبك أو كنـز إيمانهم بك الـمقدس،وحتى تسبّح إلـى الأبد مع ملائكتك وقديسيك مراحـمك اللامتناهيـة فى كل الدهـور. آميـن.

“اليوم قودي إلـيّ كل من لا يؤمن بالله ومن لا يعرفنـي بعد. أنا كنت أفكر فيهـم أيضاً خلال آلامـي على الصليب. أغـمريهـم فى محيط رحـمتي اللامحدودة”.

يا يسوع الأكثـر حبـاً ورحـمةً،أنت نور العالـم. إقبل فى قلبك الأكثـر رحـمة،نفوس الوثنيين ومن لا يعرفونك بعد. دع أشعة نعـمتك تشع عليهـم حتى معـاً نـمجد مراحمك العجيبـة، ولا تدعهـم يبتعدون أبداً عن قلبك ذو الرحـمة اللامتناهيـة.

أيهـا ألآب الأزلـي، أنظر بعين الرأفـة نحو تلك النفوس التي لا تؤمن بك ولـمن لم يعرفوك قط،فهي محفوظـة الآن داخل قلب أبنك يسوع الكليّ الشفقة. أجذبها كلهـا إلـى نور إنجيلك، إنهـا تجهل كم هي عـظيمة السعادة في أن حبنـا لك. هَبها هذه الـنعـمة حتى يـمجدون هم أيضاً عظمة رحمتك إلى كل الدهور. آميـن.

“اليوم قودي إلـيّ نفوس الذين فصلوا أنفسهم عن كنيستي وأغمريها في محيط رحمتي، ففي آلامـي الـمبرحـة مزقّت جسدي وقلبي والذي هـو كنيستي. عندما تعود تلك النفوس للإتحاد بالكنيسة، عندها فقط تلتئم جروحاتي وأشعر بالتعزيـة رغم آلامـي”. يـا يسوع الأكثر حبـاً ورحـمةً، أنت الجود بذاتـه، أنت لا ترفض أن تعطى نورك لـمن يطلبـه، أقبل فى قلبك الشفوق نفوس من فصلوا أنفسهم عن كنيستك والـملحدين والكَفرة . بنورك أجذبهـا إلـى الإتحاد بالكنيسة ولا تدعها تبتعد عن قلبك ذو الرحـمة اللامتناهيـة،حتى تـمّجد أيضاً عظمة رحـمتك.

أيهـا الآب الأزلـي، أنظر بعين الرأفـة إلى نفوس من فصلوا أنفسهم عن كنيسة أبنك،ومن بدّدوا بركاتك وأساءوا استخدام نعـمتك وذلك بإصرارهـم الدائـم على خطأهـم. لا تنظر إلـى أخطائهم ولكن أنظر إلـى محبـة أبنك الحبيب وإلـى آلامـه الـمُرّة والتى أجتازها من أجل خلاصهـم ومن أنهـم يسكنون قلبـه الأقدس، حتى يـمّجدون هم أيضاً عظمة رحمتك إلـى مدى الدهور. آميـن.

وأغمريهم فى محيط رحـمتي. تلك النفوس التى تشابـه قلبي الوديع والـمتواضع…”.

يا يسوع الرحـيم، أنت قلت:”تعلّموا مني إني وديع ومتواضع القلب”،إقبل فى داخل قلبك ذو الرحمة اللامتناهيـة كل نفوس الـمتواضعين والودعاء ونفوس الأطفال،تلك الأنفس التى هـى مفضلّة عند الآب السماوي فيشتم رائحتهـا الذكّيـة أمام العرش الإلهـي، وترنّم دائـماً بأنشودة الحب والرحمة الإلهيّة إلى الأبد.

أيهـا الآب الأزلـي،أنظر بعين الرأفـة إلى النفوس الـمتواضعة والوديعة وإلى نفوس الأطفال الذين إحتضنهـم قلب إبنك الكليّ الرحـمة يسوع،فهي الأكثر تشابهاً بقلب إبنك الحبيب. إن عِطرفضائلهم الذكيّ يرتفع من الأرض ليصل لعرشك السماوي. يـا أب الـمراحم والكليّ الصلاح،نترجّاك بإستحقاق حبك لتلك الأنفس ومسرّتك بهـم أن تبارك العالـم أجمع حتى ترنـّم جميع الأنفس معـاً تسبيحات مجد رحمتك إلـى الأبد. آميـن.

“اليوم قودي إليّ نفوس من يكرّمون ويـمجدّون رحـمتي وأغمريهم فـى محيط رحمتي،هـذه النفوس شاركتني آلامـي ودخلت إلـى أعـماق روحي. إنهـا إنعكاس حيّ لقلبي الرحيـم. هذه النفوس سوف تشرق بضياء خاص فـى الحياة الآتيـة،وستنجو من نار جهنم،وسوف تحظى بحمايتي وخصوصاً عند ساعة الـموت..”.

“يـا يسوع الرحـيم، والذى قلبـه هو الحب بذاتـه، إقبل فى داخل قلبك ذو الرحـمة اللامتناهيـة نفوس من هم يكرّمون ويـمجدون بشكل خاص رحمتك الفائقة. هذه النفوس التى وُهبت القوة من الله،على الرغـم من الصِعاب والعراقيل، وواصلوا الجهاد بثقـة فى رحمتك وهم متحديـن بك. يـا يسوع، انهـم يحملون كل البشريـة معهـم، وهى واثقـة بأنهـا لن تُدان بشدة،لأن رحمتك يا سيدي تحتضنهـم حتى يرحلوا من هذه الحيـاة.

أيهـا الآب الأزلـي، أنظر بعين الرأفـة إلى النفوس التى تُكرّم وتعظّم صِفاتك العظمى ورحمتك التى لا تُوصف،ومن هم الآن داخل قلب إبنك الرحيـم،يسوع. هذه النفوس هـى إنجيل حي مُعاش،وأيديهـم مملوءة من أعـمال الرحـمة،وقلوبهـم تفيض بالفرح، وترنّم أنشودة مراحم الآب السماوي ذو العظمة غير الـمتناهيـة.

أرجو منك يـا إلهـي أن تظهر لها رحمتك بحسب رجاءهـا وثقتها التى وضعوهـا فيك،ليتم فيهـا وعد الـمسيح القائل: من ان النفوس التى تكرّم رحمتـه التى لا توصف سيدافع هو عنهـا كمجده الخاص وبخاصة عند ساعة الـموت. آمين.

“اليوم قودي إلـيّ النفوس الـمحبوسة فى الـمطهـر وأغمريها فى أعماق رحمتي، ودعـي تيّار دمـي يبرّد لفح اللهيب. كل تلك النفوس قد أحببتهـا،ولكنهـا تقوم بتنفيذ جزاء عدلي. بإستطاعتكِ أن تخففي عنها وذلك بأن تحضري كل الغفرانات من كنز كنيستي وتقدميها بالنيابة عنها. آه لو تعرفين مقدار العذاب الذى يعانونه لداومت دون إنقطاع تقديم الحسنات والصدقات الروحية لتدفعيها سداداً لديونهـم تجاه عدلـي..”.

“يـا يسوع الرحيم، يـا من قلتَ أنك تريد رحـمة،فهـا أنـا أحضر إلـى قلبك ذو الرحـمة اللامتناهيـة النفوس المتواجدة فى الـمَطهر والذين يوفون جزاء عدلك الإلهـي،فليكن مجرى الدم والـماء اللذان سالا من قلبك أن يُخمد ذاك اللهيب فى الـمطهر،حتى تـتمجد هناك قدرة رحمتك.

أيهـا الآب الأزلـي، أنظر بعين الرأفـة إلى تلك النفوس التى تعانـي فى الـمطهر،و التى تسكن فى قلب إبنك الحبيب يسوع. أترجّاك بإستحقاقات آلام إبنك الحبيب يسوع وبكل الـمرارة التى ملأت نفسه القدوسة،أظهر رحمتك نحو هذه النفوس والتى هى تحت الفحص أمام عدلك الإلهـي،وأنظر إليهـم من خلال جروحات إبنك الحبيب يسوع لأننـا نؤمـن بأنـه لا حدود لصلاحِك ومحبتك. آميـن.

“اليوم قودي إلـي نفوس من أصبحوا فاتريـن وأغمريهم فى عـمق رحمتـي، فهى تجرح قلبي وتؤلـمه،وبسببهـا شعرت بنفور هائل فـى بستان الزيتون،ولهذا طلبت قائلاً:”يا أبتاه أعبر عني هذه الكأس”. ان أخر خشبة خلاص لتلك النفوس هى اللجوء إلى رحمتـي. “يـا يسوع الـمُحب، أنت هو الحب بذاتـه،إقبل فى رحاب قلبك النفوس الفاترة لتسكن فيـه،وأشعلهـا بنار حبك الطاهر فهى مائتـة حتى تدب فيها الحياة. يـا يسوع الكثير التحنن اجذبهـا نحو حرارة حبك وإمنحها موهبة حبك الأقدس،لأنـه لا يوجد شيئ مستحيل لديك.

أيهـا الآب الأزلـي،أنظر بعين الرأفـة إلـى تلك النفوس الفاترة والتى هـى الآن فى قلب إبنك الحبيب يسوع. يا آب الـمراحم أرجوك بإستحقاقات آلام إبنك على الصليب ثلاثـة ساعات،دع تلك النفوس هى أيضاً تُـمجد عمق مراحـمك. آميـن.