ما هي وظـيفة الزائر الرسولي

أهلا وسهلا بالأخت نادين توما

كتبت نادين، وقبل تحرير سؤالها طلبت ألا تُفْهَم خطَئًا. فهي لا تقصد شخص الزائر الرسولي ، بل تريدُ معرفةَ هويتِه و وظيفته حتى قالت ” أنا أسألُ لكي أعرف دون تلقيح أو تجريح” ، فسألت :

1-   ما هي وظيفة الزائر الرسولي ؟

2-   ما معناها ؟ من وضعها ؟ ما فائدتها ؟

3-   ما هي واجبات من يتقلدها ؟

4-   هل يجب أن يكون مطرانًا أم ممكن أن يكون كاهنًا ؟

5-   كم زائر رسولي يمكن أن يتعيّن في المكان آلواحد ؟

6-   هل هذه الوظيفة تشبه وظيفة المطران ؟

7-   هل يجوز وجود مطران وزائر رسولي في ابرشية واحدة ؟

وأنهت كلامها بأنها لا ترى لهذه الوظيفة فائدة ” الّا إذا كان لها فوائد أخرى لا نراها نحن على أرض آلواقع “.

 1- هـويتها  !

يتطرقُ القانون الكنسي للكنائس الشرقية الى هذا الموضوع في القانون رقم 148. جاَءَ فيه ما يلي :

البند 1- للبطريرك الحَّقُ وعليه آلواجبُ بالنسبة الى المؤمنين القاطنين خارج حدود رقعة الكنيسة التي يرأسُها، أن يستعلم عنهم بالطريقة الملائمة، حتى بزائرٍ يُرسله بموافقةِ الكرسي الرسولي.

البند 2- ليذهب الزائر، قبل الشروع في مهمته ، ألى الأُسقف الأبرشي لهؤلاءِ المؤمنين و يُطلعه على رسائل تعيينه.

البند 3- ليُرسِل الزائرُ الى البطريرك تقريرًا عن الزيارة. ويمكن البطريرك، بعد مناقشة الأمر في سينودس الكنيسة البطريركية، أن يقترح الوسائل الملائمة على الكرسي الرسولي، ليُصارَ، في كل مكان من الأرض ، الى تأمين خير المؤمنين الروحي وإنمائه في الكنيسة التي يرأسُها، حتى بإنشاءِ رعايا أو نيابات أو أبرشيات.

بخصوص المؤمنين من كنيسةٍ بطريركيةٍ خارج الرقعة البطريركية جاء ما يلي :

ق. 916 ، بند 5:  في الأمكنة التي لم يُنشّأ فيها حتى ولا نيابة لمؤمني كنيسٍة مستقلَّة يكون الرئيسُ المحَّلي لكنسية مستقلة أخرى رئيسَهم حتى الكنيسة اللاتينية. وإِذا كان هناك عدَّة رؤساء محَلّيين، فيكون بمثابة رئيسهم الخاص من يُعَّينُه الكرسي الرسولي أو، إذا كان الأمرُ يعني مؤمني كنيسةٍ بطريركية، فيُعَّينُه البطريرك بموافقة الكرسي الرسولي.

  { بخصوص القوانين المذكورة أنظر : ” مجموعة قوانين الكنائس الشرقية، لسنة 1993 ” }

2- أبعادُها !

يستنتجُ السائلُ والقارئ الكُرَماء أبعاد هوية الوظيفة، أن الرؤساء يتابعون أوضاع أعضاء كنائسهم المنتشرين في العالم ليوفروا لهم كهنة واساقفة ليخدموهم حسب طقوسهم لئلا يتيهوا ويفقدوا إيمانهم. وكذلك إهتمام الكرسي الرسولي ( الفاتيكان ) بهؤلاء وتوفير حاجاتهم قدر الإمكان بالتحاور والتعاون مع البطاركة الذين يخُصُّهم الأمر. ولكي يكون كل شي بنظام ويُعطي ثمارًا ملموسة يرعى الأمرَ الفاتيكانُ نفسه. البطريرك يعَّين من يزور الجاليات ليقدم له تقريرًا عن وضع أبناء جاليته في أي بلدٍ أو قارة كانوا. يقترح اسمه على روما وبعد موافقة روما، وقبل بدء عمله، يتزود، من روما، بتوكيل رسمي بآسم البابا للقيام بعمله ، لأن البابا مسؤول الكنيسة الكاثوليكية في العالم وهو يرعى مصالح المؤمنين الكاثوليك في كل أقطار العالم. ولهذا سُميَّ المُعَّين لتلك الخدمة بـ ” الزائر الرسولي”.

3- مهمة الزائر !

يتجلَّى الزائر الرسولي أوضاع جاليته في المنطقة المخصَصَّة له ويتصل بالمسؤول الكنسي، المطران الرئيس المحلي، ويسَّجل موقفه من رعاية جاليته وآستعداده لخدمتها بكامل حاجاتها مع إبداء آرائه وعرض حاجات جاليته، ثم يقدم تقريرًا شاملا عن الوضع الراهن. حتى يقدم هذا التقرير يجب أن يزورها أولا بآستمرار، حسب المطلوب ( من هنا إسمه)، ويطلع على أوضاعها، الأيجابية والسلبية. ويسجل إن أمكن أسبابها ويقترح حلولا يراها أساسية أو ضرورية أو نافعة فقط لأداء أفضل خدمة. اما الشؤون الأدارية للجالية فالمسؤول الفعلي عنها هو المطران الرئيس المحلي.

ففائدة خدمة ” الزيارة الرسولية ” أن لا تُهمَل الجاليات المهاجرة من بلدها الأصلي و المستقرة في بلد ليس لرئاسته الكنسية الأصلية ( الطقسية لا الأيمانية ) وجود ولا كيانٌ رسمي لمتابعة خدمتهم كما في أوطانهم. فتتعاون الكنيسة المحلية والأصلية في مواصلة خدمة الجالية فلا يشعر أبناؤها، قدر المستطاع، لا بالغربة ولا بالإهمال ولا تنقصهم الخدمة الكهنوتية والراعوية. هكذا يُنَسِّق الزائر بين الحاجة والخدمة الفعلية.

4- مطران أم كاهن !

ليست الدرجة الكهنوتية أهم شيء في الزائر. بل المؤهلات وإمكانية تأدية الخدمة بشكل يجعل الرئاسات الكنسية من الطرفين ، الأصلي والمحلي، في تناغم وآتفاق في خدمة الجالية. وقد تعاقب الزوار الرسوليون بين أسافقة وكهنة. يتعّينُ الزائر لمدة محددة، أعتقد ثلاث سنوات، يمكن تجديدها لفترات متتالية، أو تغيير الزائر لأسباب فنية أو خاصَّة.

5- عدد الزوار الرسوليين !

زائر رسولي واحد لنفس البلد، ولنفس الجالية، وفي نفس الوقت. أما إذا تعددت الجاليات، كما هو الوضع الحالي، نظرا لآختلاف الجاليات من طقس ليترجي إلى آخر وآختلاف رئاساتها البطريركية، فيحُقُّ لكل جالية من كنيسة مختلفة أن تتمتع بخدمة زائر خاص. وعندها قد تتقاطع خدمة زوّار عديدين في نفس البلد، إنما من كنائس مختلفة.

6- بين وظيفة الزائر والمطران !

ليست الزيارة الرسولية درجة كهنوتية، بل منصَبًا خدميًا مؤقتًا يزول مع تعيين مطران خاص من نفس طقس الجالية تابع مباشرة لبطريركيته. أما المطران ( أو الأسقف) فهو يمتاز بكمال الكهنوت، أي أعلى درجة فيه، وله صلاحية وتقرير شؤون الرعية بنفسه دون تدخل السلطة المحلية في خدمته. بل يسود بينهما تعاون وتآخي، والإستفادة من الخبرات المتبادلة بين الطرفين لخير الكنيسة الجامعة. أن تكون له ابرشية يرعاها بوعي المسؤولية المطلقة ، كما هو حال أبرشيات كنيسته في البلد الأصلي. طبعًا بآلإضافة إليها مراعاة شؤون البلد و أنظمته حيث يخدم. إذا كان زائرٌ رسولي مرسومًا أُسقفًا فذلك لا يُغَّيُر النظام. لا يوجد زائرٌ حيث توجد ابرشية لها مطران. بالمقابل قد يُؤدي مطران ابرشية ثابتة خدمةَ الزيارة في بلاد الآنتشار إضافةً إلى ابرشيته دون أن يتصَرَّفَ في البلد الأخير كآلأسقف ( مطران) أي كالرئيس المحلي. بل يتفاعل مع توجيهات الأسقف الرئيس المحلي في الشؤون الإدارية.

7- زائر ومطران ابرشي !

بناءًا على ما تقدَّم ليس ممكنًا وجودُ معًا، في نفس الوقت، مطران ابرشي وزائر رسولي لنفس المكان، ومن نفس الطقس. إنه شيءٌ متناقض. لأنَّ خدمة الزائر قامت بسبب عدم وجود ابرشية خاصة يديرها مطرانٌ بسلطة أصيلة، غير منتدبة. وعند قيام آلأبرشية تنتفي الحاجة للزيارة.

أخيرًا

لم ترَ السائلة الكريمة فائدة في وظيفة الزائر الرسولي. لكنها قد تُغَّيرُ رأيَها بعد هذه المطالعة. فائدة الزيارة هي أول حجر لبناء صرح الأبرشية. وتساعد على تعويد المهاجرين على التكّيف مع الوضع الجديد والإستفادة من الرئاسة الكنسية المحلية من جهة، ومن آخرى فتح آفاق الكنيسة المحلية على تراث الكنائس القادمة التي ليست لا ذليلة ولا فقيرة في علمها  و تراثها آلأخلاقي والراعوي. إنها مدعوة الى أن تتناغم وتتفاعل مع غنى الكنيسة المحلية، وأن تُغنيها بدورها بما لديها من قيم وآداب. فالطقوسُ تتمَيَّز عن بعضها إلا إنها لا تتعارض، بل تتكامل. فكل كنيسة خاصّة وردة وخبرة تشكل مع ورود وخبرات الكنائس الأخرى حديقة مزهوة بجمال فعل الروح القدس على يد الناس. و وجود الزائر الرسولي دليلٌ على أن الرئاسة الكنيسة لم تنسَ أبناءَها المشَّردين في كل العالم، ولا تهمل خدمتهم. وهو حافزٌ للتفاعل معه بثقة ورجاء لبناء حياة مسيحية أفضل من التي عشناها في بلداننا ، نظرًا للأمكانيات المتاحة لنا ، ورغم كثرة أشواك الإلحاد والفساد هنا. هـذه ثروة آلعالم والحُّرية، أمَّا غنى المسيح وكنيسته فيفوق كل سلطان وشر.