ما رمــز ليــلة ” الحِـنَّة ” ؟

أهلا وسهلا بالأخ لورانس بطرس.

سمع الأخ لورانس عن ليلة الحنة أقاويل متضاربة ، بعضها مثيرة، فأحب أن يعرف مدى ارتباطها بالأيمان المسيحي ، فســأل :

# الى ماذا ترمز ليلة الحنة في الزواج المسيحي ؟

## هل هي عادة مسيحية ولها رمز ديني ؟

### هل مطلوب من المسيحي أن يفعـله ؟

#### هل هو مذكور في الكتاب المقدس ؟

علاقة ليلة الحنة بالأيمان المسيحي !

لا توجد أية علاقة ، لا من قريب ولا من بعيد ، للأيمان المسيحي بليلة الحِنة. لم يأتِ ذكرها في الكتاب المقدس. ولا تتطرَّقُ إليها الكتبُ الطقسية الخاصة بمراسيم الزواج. ولم تخَّصص الكنيسة صلاة لتبريك الحنة مثلا أو تقديس الصبغ بالحنة كما فعلت لأمور أخرى منها مثلا صلاة لتكريس جهاز العروس ، من ملابس وحلى وحتى غرفة النوم ، وتدعى” خدرا “! ، رمزًا الى السماء بيت السعادة الأبدية الحقة.

وليست رتبة ” الحنة ” عادة مسيحية ، وليس لها رمز ديني. لقد ورثها المسيحيون من عادات وتقاليد الشعوب القديمة التي إنتسبوا اليها من قبل ظهور المسيحية ، فآستمروا في ممارستها بعد إيمانهم بالمسيح ، لأنهم لم يروا فيها شيئا مخالفا لأيمانهم الجديد. ولم تمنع الكنيسة أبناءَها من التواصل مع العادة القديمة الأصيلة لأنها لم تجد فيها شيئا يُعارضُ تعليمها. بل ربما كانت تلك الرتبة ترمز الى معانٍ سامية فقدتها الأجيال المعاصرة لعدم إستلامها ، من الأجيال السابقة ، ما تشير اليه ليلة الحنة.

على أية حال ليست العادة المسيحية إستلهاما من عادة إسلامية. لأن المسيحية سبقت الأسلام 600 ستمائة سنة. والشعوب الشرقية السابقة للمسيحية عرفت هذه العادة ومنها توارثتها المسيحية. وقد تكون المسيحية أورثتها بدورها الى الشعوب اللاحقة التي إستوطنت المنطقة وسيطرت عليها.

هل لرتبة الحنة رمـز ٌ ؟

هناك روايات ، أسطورية أكثر من تأريخية، تعزو الى ليلة الحنة رمزا محَّددا. تقول إحداها بأنَّ ” أنس وبال” إلهة الخصوبة والحرب كانت، قبل دخولها أية معركة، تـصبغ يديها بالحنة. إكتفت الرواية بهذا القدر من تفسير. ولم تقل هل كانت تشير، بذلك، الى الدماء التي ستسفكها أم الى أن يحفظها القدر من سفك دمها ، أو الى الصمود في الحرب وعدم الخوف !.

أما أسطورة ثانية ، مصدرها بلاد مصر، فتقول : حاول إله الشر أن يقتل الملك أوزيريس طمعا بالملك. فمزَّق جسمه وقطَّعه 14 أربعة عشر جزءًا وَّزعها على ولايات مصر. فقامت إيزيس ، زوجة أوزيريس، وجمَّعت أشلاء زوجها كلها من كل أنحاء مصر. وكلما جمعت قطعة كانت يدها تمتليء دما. ولما جمَّعت كل القطع رأت يدها قد إحمَّرت. ورأى المصريون ذلك رمز ًا ” لــوفاء الزوجة “. وصارت من بعدها تتحمَّر العرائس ليلة الزواج بالحِنة علامة لوفائهن لأزوجهن.

بالأضافة الى هذا إرتبطت رتبة الحنة، في كل البلدان، بلبس الملابس الفولكلورية المزركشة والزاهية ، تصدي لها الزغاريد والأغاني والرقص معَّبرة عن الفرح والأبتهاج. وتقوم رتبة الحنة على صبغ اليدين والرجلين للعروس مع يدي العريس أيضا حسب بعض التقاليد ، و منها لدى المسيحيين. ويرتقي هذا التقليد الى الشعوب الهندية ، وتمارسه أغلب الشعوب التي تحتفل بليلة الحنـة.

بيت القصيد هو تزيين العروس وتجميلها لأبراز جمالها ومفاتنها والأحتفال بأوقات سعادة وهناء ، لأن العرس مبعث فخر وفرح وسرور.

هل مطلوب من المسيحي أن يحتفل بالحنـة ؟

لا هو مفروضٌ على المسيحيين ولا هو ممنوع أن يحتفلوا برتـبة الحنة. ما دام ليس من الأيمان فهو غير مطلوب. وما دام لا يُعارضُ الأيمان فهو غير ممنـوع. أصبحت تلك الرتبة تراثا عالميا شعبيا بين الشعوب الهندو أوربية والسامية التي تنتمي حضاراتها الى ما قبل المسيح. قوام الرتبة الفرح والأبتهاج. أما ما يُضاف الى ذلك فيبقى مسؤولية من ينادي بها. إذا رأى فيها الناس رمزًا للوفاء بين الزوجين ، مثل الحلقات، فخيرا يفعلون. وإذا رأوا فيها أفعالا سحرية بمضامين فاسدة فبئس من يحتفل بها. الحنة نبتة تنفع الأنسان. ربما تستعمل في صنع بعض الأدوية. وآستعمالها في العرس لإفاضة البهجة والفرح أمر ممدوح. وحتى لو كان استعمالها للزينة فقط فهي أفضل من مساحيق كثيرة تشَّوه جسد الأنسان وتزيغ فكره نحو الفساد. يتعَّلق الأمر بنية الأنسان وإرادته في آستعمال ما خلقه الله لخدمته وراحته.

القس بـول ربــان