كفن تورينو

أهلا وسهلا بالأخ سلام الحـداد.

كتبَ الأخ سلام يقول :” سؤالي عن كفن تورينو ، ما مدى حقيقتِه” ؟.

ما الكفن !

إنه قطعة قماش من كتان، طوله 4,4م وعرضه 1,1م، يحملُ صورة إنسان في حالة جام Negative image ، وصفها التاريخ بأنَّها صورة يسوع المسيح، وأنَّ القماش هو الكفن الذي لُفَّ به جسد يسوع بعد الصلب. ما يُمَّيزُ الصورة أنَّها من الوجه والظهر لرجل مُعَرًّى وذراعاه مطويتان على جسده الذي يحملُ آثار جلدٍ ودماءٍ على الوجه. محفوظٌ ، منذ سنة 1578م، في الكابلة الملكية في كاتدرائية مار يوحنا المعمدان في تورينو.

جاء في الأنجيل عن دفنة يسوع ما يلي :” أخذ يوسف جسد يسوع ولَفَّهُ في كفنٍ نظيف ” (متى27: 59). قال مرقس:” جاءَ يوسف الرامي، وكان من أعضاء مجلس اليهود البارزين … وآشترى كفَنًا .. وكَفَّنَه و وضعه في قبر محفورٍ في الصخر..” (مر15: 43-46). وقال لوقا :” وجاء يوسف .. وأنزلَه عن الصليب ولَفَّه في كفن من كتّان و وضعه في قبر محفور في الصخر، ما دفن فيه أحدٌ من قبلُ ..” (لو23: 50-53). وقال يوحنا :” وجاء يوسف الرامي، وكان تلميذًا ليسوع .. وجاء نيقوديمس ومعه خليطٌ من المُرِّ والعود.. فحملا جسد يسوع .. ولَفَّاهُ في كفنٍ على عادةِ اليهود في دفن موتاهم…” (يو19: 38-42). وعند القيامة قال :” دخل سمعان بطرس القبرَ ورأى الأكفانَ على الأرض والمنديلَ الذي كان على رأس يسوع ملفوفًا في مكان على حدة..” ( يو20: 6-7).    

هذا الكفن نسيه التأريخ أو أهمله ولا يبدو أن الرسل والمؤمنين الأوائل إهتموا به، إلا اللَّهم أن يكون يوسف الرامي قد إحتفظ به!. ولا هذا مذكورٌ ولا مُوَّثق. ظهرَ خبرُه منذ عام 1354م. وقع شكٌّ فيه. إذ إدَّعى أسقف تروي سنة 1398 في فرنسا، حيث آنتشر خبره، أنَّه عمل فنَّان قدير رسم الصورة على الكتان، وليس أصيلا. لكنه لم يقل هل قلَّد كفنًا قديمًا أم قام فقط بعمل فني وتعليمي. بعد سنتين سمح البابا كليمنضس السابع بتكريم الكفن ذاك لكنَّه رفضَ إعلانه كَفَنًا أصيلا للمسيح، بل هو تقليدٌ له. وفي سنة 1506 أعلن البابا يوليوس الثاني أنَّه كفنٌ أصيلٌ للمسيح وعليه سمح بتوقيره وإكرامه.

كيف وصل الكفن الى تورينو ؟

لا معلومة عن ذلك قبل القرن 14. إنَّما أكَّدَ عنه مؤَّرخون أنه كفن إحتفظ به الأباطرة البيزنطيون ثم إختفى عند سلب ونهب قسطنطينية سنة 1204م. توجد تقارير عديدة عن كفن يسوع وصور رأسه، دون ذكر مصدرها، تُكَرَّمُ في مناطق عديدة، ولكن دون وجود رابط موَّثَق بينها وبين كفن تورينو. أخبار الكفن معروفة منذ عام 1453. إنتقلت مُلكيَتُه سنة 1532م الى عائلة سافوي وتأذى من حريق شبَّ في قصرهم. نقلوه من شامبيري الى تورينو سنة 1578م. هناك بنوا له كابلة خاصَّة أودِعَوه فيها. عولج مكان الحريق في الكفن على دفعتين سنة 1694 و1868. بقي الكفن مُلكًا لآل سافوي الى سنة 1983 عندما قدَّمه أومْبِرتو الثاني السافويي هديةً للفاتيكان.

موقف الكنيسة الكاثوليكية !

رفضَ الفاتيكان منذ 1898 التأكيد رسميًا على أصالة الكفن. ثم سمح للعلماء أن يُجروا عليه بحوثًا من تصوير ودراسات علمية مباشرة على القماش. فخضع الكفن للتصوير ولأشعة الراديو كاربون وللأشعة فوق البنفسجية. وقد أعطت نتائج غير نهائية. فبينما على جسد المكفون أثار جلد وعلى وجهه آثارُ دماءٍ رفعوها عنه الكترونيًّا، ومواد القماش تتواجد في فلسطين كما في مناطق أخرى من الكرة الأرضية إلاّ إنَّ عمر القماش، حسب رأي العلماء وتقنياتهم، قُدِّرَ بـ ” لا أبعد من االقرن الثالث عشر الميلادي”. وللعلم لم تكن الكنيسة هي التي إختارت العلماء أو الفرقاء ولم تشرف على أبحاثهم، بل أتوا مندوبين عن مؤَّسَسّاتٍ خاصَّة لا علاقة لها بالأيمان. وأحيانًا شكَّت الكنيسة بآستنتاجاتهم غير المُقنعة.     

سنة 1936 قال البابا بيوس 12 عن الكفن أنَّه ذخيرةٌ مثل بقية الذخائر النفيسة. ودعاه البابا القديس يوحنا بولس 2، سنة 1998، ذخيرةً مُمَيَّزةً ومِرآةً للأنجيل. وقال :” ما دام الكفن ليسَ مادَّةً للأيمان فلا صلاحيةَ خاصَّة للكنيسةِ كي تُقَرِّرَ بشأن مثل هذه الأُمور. تدعُ الكنيسةُ المُهِمَّةَ على عاتق العلماء ليتابعوا البحثَ عن أمور متعَلِّقة بالقماش تنتظرُ أجوبةً مُقنِعة “. أمَّا البابا بندكتوس 16 فدعاه أيقونةً مرسومة بدم إنسانٍ جُلِدَ وكُلِّلَ بالشوك وصُلبَ وجُرحَ في جنبه اليمين. في حين قال عنه البابا فرنسيس منذُ سنة 2013 أنه ” أيقونةُ إنسان جُلدَ وصُلِب”. وفي سبت النور من نفس السنة عُرضَت صورُ الكفن على شاشات التلفزيون وفي المواقع الألكترونية.

فالكنيسة لا تُعلنُ عنه أنَّه حَقًّا كفن المسيح. وتقول ” إِنَّ هذا يعود الى عبادةِ المؤمن الفردية الى حين أن تُصدرَ إعلانًا آخر. لأنَّه لا علاقة لحقيقة الكفن أو عدم حقيقته بتعليم المسيح ولا بصِحَّةِ الموتِ والقيامة “. ولمَّا عُرضَ في 23/ 5/ 2010 لزيارة المؤمنين تقاطر عليه الزوّار أكثر من مليوني واحد.