عيد الصعود

عــيد الصعــود 

للعلم :- أثناء صلاة رمش العيد يخرُجُ المُصَّلون، وهم يُرَّتلون ” لاخو مارا “، الى حوش الكنيسة ويُكَّملون الصلاة في الهواء الطلق. ويستمرون هكذا الى عَشِّية ” قوداش عىْـتا ” . الجَوُّ مُؤاتٍ. داخل الكنيسة حّارٌ، وفي الخارج َطيِّبٌ ولا تُمطِر. البناء عملُ الأنسانِ يُشبِهُ القبرَ. أمّا الفضاء فهو سماءُ اللهُ تسبحُ فيه الروح، والترتيلُ فيه يختلطُ مع أنغام الملائكة وتسابيحِهم. وفي المسيح إتَّحَدَ السماويون والأرضيون وأصبحوا، كما أشارت اليه تراتيلُ فترة القيامة، جوقًا واحِدًا لتمجيد الله. وآعتبارًا من اليوم أيًضًا والى قوداش عـىْتا تُرَّنمُ ترنيمة إضافية خاصّة بالفترة الصيفية قبل الأنجيل أو بعده بمثابة تقديمٍ له أوشرحٍ موجز.     

تتلى علينا اليوم القراءات :  أع1: 6-12  ؛   2مل2: 1-15  ؛  1طيم1: 18-2: 6 لو24: 44-53

القـراءة : أعمال 1 : 6 – 12 :– يُروَى لنا صعودُ يسوع الى السماء على مرأَى الرسل. لقد وعدَهم بإرسال الروح القُدُس، كما كَلَّفهم بأن يشهدوا له في كل أقطار العالم.

القـراءة البديلة : 2 ملوك 2 : 1 – 15 :– تُحَّدِثُنا القراءةُ عن إنتقال إيليا الى السماء في عربةٍ روحية، وعن حلولِ إليشاعُ مَحلّه ونيلِ روحَه.

الرسالة : 1 طيمثاوس 1 : 18 – 2 : 6 :– يحُثُّ بولسُ على الجهاد من أجل الأيمان والضمير الصالِح والصلاة لأجل كلِّ الناس. ثمَّ يٌبدي تعليماتٍ لآداب المرأة.

الأنجـيل : لوقا 24 : 44 – 53 :– يظهرُ يسوع لتلاميذه ويشرح لهم ضرورة ما حدثَ له. ثمَّ يُقيمُهم شهودًا له في العالم، ويعِدُهم بإِرسالِ الروح القدس لهم.

لِنَقْرَأْ كلامَ الله بشوقٍ و وقـار

الصلاة الطقسية

قالتْ إحدى الطلبات :”بصعوده رفعَ المسيحُ طبيعَـتَـنا فوقَ الرئاسات والسلاطين، وسَلَّطها على كلِّ ما في السماء وما في الأرض”. هكذا قال مار بولس (أف1: 20-21). هكذا قالت أيضًا صلاةُ سابوع القيامة. المجدَ والحقوق التي نالها يسوع بقيامته لم تكن لنَفْسِه فقط. فهو كأُقنوم الكلمة إِلَهٌ مُمَّجَد منذ الأزل ” من قَبْلِ أن يكون العالم ” (يو17: 5). وصورتُه التي رسمها في الأنسان كانت مجيدة. سَلَّطها الله على كل الكائنات (تك1: 28). لكن الأنسان سقط عن مجده بالخطيئة، فآستعبَده ابليس، ولم يقدر أن يتحَرَّرَ ويستعيد مجده. المسيحُ بموته المأساي كفَّر عنه، وكسر سلطان ابليس، وأعاده الى كرامته. بل أضافَ عليها ما لم يكن في حساب ابليس، وآرتعدتْ فرائصُه عندما حدثَ، أنَّ الأنسان (الطبيعة البشرية) ينالُ شرفًا أسمى. فالأنسان أصبح بشخص المسيح ” سَيِّدًا في الدهر الآتي ايضًا، إذ جعل الله كلَّ شيءٍ تحتَ قدميه ” (أف1: 21-22)، لا فقط الأرض. وكمَّلها أنه فتح الطريق أمام كلِّ إبنٍ لله أن يشتركَ مع المسيح في مجد الله. أي أن يكونوا حيثُ هو المسيح ومعه يُصبحون واحدًا مع الآب (يو17: 21-23).

وعلى هذا الوعد إستند بولس في رجائِه على نيل إكليل المجد الذي ينتظِرُه هو وكلُّ مؤمن بالمسيح (2طيم4: 8). إفتخر ابليس بذكائه وقُـوَّته، وآزدرى الأنسان، وها هو الآن تحت أقدام الأنسان. رفض ابليسُ تكريم الأنسان، فجاءَ الأمير السماوي وصار إبنًا للأنسان ونال المُلكَ فقتلَ عدُّوَه ابليس (لو19: 12-15 و27). ” مُبارَكٌ وقارُكَ في بلدك أَيُّها الملكُ يا من عُدْتَ بآنتصار”. والمثل يقولُ :” أُنظر النهاية. هنيئًا لمن يضحكُ في الأخير!”.

الترانيم

1+ ترنيمة المزمور السايق :” صعِدَ يسوعُ مُخّلِصُ الكل بمجدٍ الى السماء، أعلى من كلِّ

     الرؤساء والسلاطين وقُـوّاتِ العُلى الرفيعي المقام. وفّرَحَ بصعودِه الملائكةَ وجِنسَ بني

     البشر. لأنَّ الرَبَّ المسيح ملكَ رئيسًا لجنسِنا إلى أبد الآبدين “*.

2+ ترنيمة الرمش :” يا رب، كَرَّمتَ في البدءِ، بحُبِّكَ، طبيعَتنا بصورتك الحيَّة وشِبْهِكَ. و

     إذْ أسقَطَنَا العَدُوُّ بحَسَدِه من مجدِنا أرسَلتَ إبنَك، وبميلادِه أعادَ جنسَا من الضلالِ.

     وبعمادِه الطاهر إستحَّقَ لنا ذخيرةَ البنين. وبألمِهِ وموتِه أنقَذَنا من عبوديةِ الخطيئة. و

     بقيامتِه نَصَّرَنا. وبصعودِه مَجَّـدَنا عن جنبِه “*.

3+ ترنيمة السهرة ܫܲܒܲܚ. :” إلى خيمة الحَّق التي نصبَها الله في أورشليم العُليا رُفِعَ

     مُخَّلِصُنا، ليُبَّجَل عن اليمين ويُقبَلَ عند الآبِ المسجودِ له مثل قربان عِوضَ جميعِنا،

     ليُحَرِّرَ جنسَ المائتين “*.

4+ ترنيمة المدراش :” حمدًا للظافر الذي إنتصرَ ونَصَّرَ الجميع. وآرتقى السماء بمجد*

     أُخِذَ رئيسُ أحبارٍ من المائتين بدافع السلام، فدخل ليكهن في الخيمةِ الألهية من أجل

     رعِيَّتِه. وآستَحَّقَ، بدمه الشخصي، أن يدخُلَ قدسَ الأقداس الأَعلى من القدس الأرضي.

     دخل ورآهُ الخفيُّ، و نالَ الخلاصَ للأبد “*.

5+ ترنيمة الأنجيل :” صعِد إلى سموات السموات العالية رئيسٌ أخذَهُ منا كلمةُ الآب الوحيد

     مُزَيَّحًا على مركبةِ الكاروبيم راسمًا الطريقَ لجنسِنا* ألقى سلامًا في العُلى والأسفل و

     أبهَجهم في يوم صعودِه. دخلَ ليكهن في قدس الأقداس الألهي لأجل خلاِصِنا، وجلسَ

     على عرشِ الملكوت ، عن يمين الآب الذي أرسَلَه. ومعه عَظَّمَ فأَقامَنا عن يمينِه كما

     هو مكتوب* سَبِّحوهُ وآشكُروهُ بتقوى ومحَّبة، من أجل هذه النعمة : لأنَّه هو الرأسُ و

     جسدُ الكنيسة المُقدَّسة. تَضَّرَعوا إليه وآسألوهُ أنْ يرحَمَنا “*.

التعليم              

قالت ترنيمة للمجلس ما يلي :” المجدُ للموجود الأزلي، الله الذي خلقَ كلّ شي، إذْ هَيَّأَ لنا بنعمته وحكمته عالمَين : هذا الذي هنا لتدريبـنا، والمُزمع للحياة الأبدية. وبالمسيح الذي تألَّم من أجلنا صارت طريقُه نهجًا لأنَّه قامَ من القبر وصعِد الى السماء”. قبل موته وقيامته أخبرنا يسوع عن المجد المزمع، وبسيرته سلك بنفسِه الطريق الذي قادَه إليه. وبرفضِه الخطأ و الشَّرْ وموتِه شهادة للحق ثبَّتَ قولَه إذ تمَجَّدَ بقيامته ونالَ ما من أجله ارسَله الآب. لقد نجحَ و نجحَ معه مشروعُ الخلاص. إستعاد الأنسان حرّيته وكرامته ويقدر أن يسلك طريق المجد ، مع المسيح، بالعيش في الحَّقِ والمَحَّبة ، نابِذًا العنفَ والحقدَ والدجل والخباثة والكبرياء التي هي من سيرة ابليس. هذا ما أكَّدتْه الملائكة لتلاميذ المسيح، يوم صعودِه، كما أكَّدتْ ترنيمةٌ أخرى ضمان تمجيد الأنسان :” هذا يسوع الذي صعد مزمعٌ أن يأتيَ بالمجد ويُصعِدَكم معه الى السماء ” (أع1: 11).

صعد يسوع وسيأتي بجسد مُمَّجد. وهذا يعني كما قالت الصلاة أنَّ ناسوتَ المسيح لن ينتهي بل يُحافظُ عليه في حالة المَجد. وهذا دليلٌ وضمان أن الآنسان أيضًا عندما يموت سيقتني جسَدًا مُشابِهًا مُمَّجدًا. وهذا ما أخبرنا به مار بولس بقوله :” يُدفنُ جسمُنا بشريًا ويقومُ جسمًا روحانيًا ـ < مثل يسوع > ـ . وإذا كان هناك جسمٌ بشري، فهناكَ أيصًا جسمٌ روحاني … و مثلما لبسنا صورة الأرضي ، فكذلك نلبسُ صورة السماوي” (1كور15: 44-49).

وهذا كلُّه مبعَثُ فرح للأنسان المؤمن، وآفتخارلاسيما للأعتراف بجميل الله العظيم لنا و فضله علينا. وهذا يدفعنا الى تمجيد الله وتسبيحه ورفع الحمد والشكر له بلا آنقطاع على نعمته ورحمته التي لا توصف. وحتى نقدر أن نتشَبَّه بالمسيح في كلِّ سلوك، وعدنا فارسَل لنا الروح القدس ، الله الروح المعين والمُرشد (يو16: 7-13) لنتغَّلب على الصعوبات و نقتحم قلاعَ الشر والفساد وننشر لواء الصليب : لواء الحب والغفران والخدمة.

لنرفع مع الكنيسة صلاتنا الى الله بحب وثقة بنوية قائلين :” أيُّها الرَبُّ يسوعُ مخَّلِصُنا ، مبارَكٌ صعودُك . فقد صعدت بالمجد وأصعدتَ معك شعبَك بمجد الى عند آبيك. لك يجبُ الشكر والسجود لأنَّك أنقذتنا من أعدائِنا. لك المجد “. ونختم صلاتنا مع الكنيسة أيضًا و نقول :” مُبارَكٌ صعودُك. مجيدٌ تكريمُك. أيُّها الأبنُ الذي خلَّصنا بنزولِه. وعظَّمَ جنسَنا بصعودِه. و وعدنا صادقًا أنَّه مزمعٌ أن يأتيَ كما أتى ويُنقِذَنا من الموت فنملكَ معه في الملكوت، ونُمَّجدَه طولَ الأيّام “.