صور الرب يسوع المسيح

أهلا وسهلا بالأخ سخريا عيسى

كتب آلأخ سخريا يقول :” أسألُ عن صور الرب يسوع المسيح. من خلال التي تُنشر و مشاهدتي لتلك الصور أرى إختلافًا كبيرًا من حيثُ ملامح الوجه ، وحتى أثناَءَ تعذيبِه. علمًا توجد صُوَرُه، الموجودة في الكنيسة والكثير من البيوت، مطابقة مع بعضِها “. و ســألَ :   ” ما رأيُكم بها ؟ “.

صورة الرب يسوع !

لم يكن في زمن الرب يسوع المسيح، له المجد ، كامراتٌ لأخذ الصور. ولا يذكر الأنجيل أنْ رسَمَ أحدٌ أو نحتَ له صورة. تذكرُ مراحلُ درب الصليب أنَّ إمرأَةً مسحت وجه يسوع، على طريق الآلام، بمنديل. أمَّا الأنجيل فذكر أنَّ سمعان القيرواني ساعد يسوع على حمل الصليب، وأنَّ النساء اللواتي كن يتبعنه “كُنَّ ينحن عليه ويقرعن صدورهن” (لو23: 27)، لكنه لم يذكر خبر وارينا، لاسيما وأن يكون وجه يسوع قد إنطبع على منديلها. وحتى لو صحَّ ذلك فأين أصبحت؟ وكيف كانت؟ لا أحد يعلمُ يقينًا ذلك، ولا ذكرها التأريخ. ولا ننسى أنَّ رياضة درب الصليب ترتقي الى زمان القديس فرنسيس الأسيزي. فإذا لا صورة لنا عن يسوع، ولا أحد يقول أن الصور المتداولة هي حقيقية عن ملامح وجهه.

لقدد ظهر يسوع لقديسين وقدّيسات وصفوا ملامحه. لكنها تختلف من رؤيا لأخرى. تتفق كل واحدة منها مع مضمون الرسالة التي أبلغها لهم يسوع، أكثر من أن تتحِّدَ بينها، وكأن يسوع يُري عن نفسه صورةً حقيقية لتُرْسمَ وتُـنشر. كلُّ ما لدينا هو ما رسمه فنَّانون. ولم تطلبْ منهم الكنيسةُ ذلك، بل فعلوها من أنفسهم لتخليد ذكر حياة الرب يسوع، وللإبداع في الموهبة التي حباهم الله بها، وربما أيضًا لتقليد من سبقوهم في الفن وترك إرثٍ فني يُخَّلدُ الأيمان في أحداثه وفي حيويته. فكلُّ صور الرب يسوع هي لوحاتٌ لفنانين ، إمَّا مؤمنين ، للتعبير عن كنزهم الروحي وآفتخارهم بها. أو لوحات لمُلحدين يصبون من ورائِها تشويه صورة المسيح الرب. أو لمؤَّرخين إستعملوا فنهم مع فكرهم لترك تراثٍ يفتخرُ بها أبناؤُهم وأحفادُهم، وتتمتَّع الأنسانية بلوحاتِ الأيمان المُنعشة بأمجاد حياة المسيح الرب، أو المُحَّفزة  للغوص في أعماق الأيمان، في أبعاد أفراحه أو أحزانه.

لكل صورة خصوصيتها !

خصوصية الصورة تأتي من خصوصية موهبة الفَّنان نفسِه. وبما أنَّ لكل فَنَّان شخصيته الفردانية يتمَيَّزُ بها عن غيره، كذلك لوحاته تحملُ طابعًا خاصًّا يُقَدِّم للمشاهد فكرَةً خاصَّة. فمثلا يختلفُ عن غيره تمثال مايكل أنجلو لمريم العذراء وهي تحملُ يسوع بعد إنزاله من الصليب، بسبب الفكرة والأيمان الذي عبَّر الفنان عنهما في عمله. فيسوعُ رجلٌ كاملُ يقرُبُ الأربعين سنةً، بينما مريم أمُّه التي تحتضنه لا تتعَدَّى السادسة عشرة من عمرها. أمرٌ غير منطقي بشريًا. لكن الفنَّ لا يُعَّبرُ حسب المنطق عمَّا يراه، بل ينظر إلى أعمق، الى الروح التي تنعشُ اللوحة. فأراد مايكل أنجلو أن يعَّبر للبسطاء ما آكتشفه الروحيون وهو أنَّ ألم المخاض وحتى الصلب لم ” يُشَّوِه ” شباب روح مريم العذراء في فكرها وقلبها. أيمانها ، حياتها غَّضة و طرية ، لأنَّ الربَّ كان معها ، والخطيئة لم تلمسها، فحافظت على جمال نفسها صورة لله حَـيَّةً ناصعة. كذلك لوحتها وهي واقفة تحت الصليب لا تبكي ولا تلطم كعادة النساء. إن كان أحدٌ يستحِقُّ البكاء على شبابه فهو يسوع. وإن كان أحدٌ مثالاً في العزاء بالله، في عمل الفداء، فهي مريم.    

كذلك في لوحات عشاء الفصح الأخير ليسوع ، تجد عشرات الأنواع منها مختلفة في الملامح. مع أنَّه نفسُ الحدث الواحد. رسم البعضُ يهوذا الأسخريوطي وحده يواجه البقية ليشير الى عزلته الأيمانية ، في حين رسمه غيره ، مثل ليوناردو دافنجي، مع الآخرين وبيده كيس المال ليشير الى مهمته كأمين صندوق ولتعلُّقِه به الى حد بَيْع سيِّدِه لأجل المال.

في حين ركَّز غيُرهم على بساطة التلاميذ وعلى آندهاشهم بما يجري. فلكل صورة إذا أبعادُها الخاصَّة ، إيمانيًا وفنّيًا. ويعود إبراز ذلك على عمق تفكير الفنَّان وعلى قَّوة مهارته في التعبير عن أفكاره في الملامح التي يخُّطُها بأصابعه، مُعطيًا للصورة بذلك بُعدًا خاصًّا يُمَيِّزُها عن غبرها، ويرتاحُ إليها مشاهدوها ويُقَدِرونها أكثر من غيرها. و كما إختلف الفَنَّانون في الذوق واللون إختلف مثلهم المشاهدون. ولا جدال، يقولُ المثل، على الألوان والأذواق. تلك أيضًا موهبةٌ من الله تتبع إختلاف المواهب والطاقات.

نشر الصور المختلفة ، النشاز !!

ليست كلُّ الألوان والأذواق بَنَّاءَة، كانت صورَ الرب يسوع والقدّيسين أو صورَ الإرهاب والعُـري، وغيرها. هذا صحيحٌ. ولكنَّ ليست قيمتها بنشرها، بل لأنَّها دليل الشَّر أو التدَّني الخلقي. إنَّها تكشفُ ما في ذهن راسميها وقلبهم من أفكار سوداء ونيَّاتٍ ملتوية. وتكشفُ هوية الذين يتبنونها، ويمكن أخذ الحذر منهم. لا يُعطيها المؤمن بالرب قيمةً، لأنَّها لا تقدر أن تسيءَ بذاتها. بل وجود الشر والدنيء يدفع الى التفكير في البر والخير الأسمى. أ لم يسمح الرب بالشر ليُخرج منه منفعةً للمؤمنين؟. فالشر والخير، عن طريق الصورة، ميزانٌ وضوءٌ ليختار كلُّ واحد طريقه. والأنسانُ حُرٌّ في عمل الخير أوالشر، وأن ينشرَ ما هو وما له.

هذا من جهة. ومن أخرى قد يرى البعض لوحًة غير سليمة بينما يُقَدِّسُها غيرُه. فالحكمة ليست في تتطابُقِ الصور، بل في تأثيرها على النفس وبناءِ إيمانها، وفي إختيار أجودها وأغناها بالأيمان والأخلاق السليمة، حسب تقدير المسؤول، لعرضها في آلأماكن العامة، وترك الحرية للأفراد، مثل الله، في إختيارهم الخاص. ليست الصور كنزًا بذاتها، بل هي وسيلة إيضاح مُساعدة لإنعاش الأيمان.