صدقـة بتوزيع اللحم !

أهلا وسهلا بالأخت ندى عبدالأحد هرمزياني

شاهدت الأخت ندى عوائل تذبحُ خروفا وتوزعُ لحمه على الجيران والأقارب بآسم قربانٍ لإبعاد البلايا والنكبات. فتساءلت :

# هل هذا صحيحٌ ، في حين أنَّ من يُوَّزعه لا يؤمن بـكذا نذر ؟

## ويقومُ ذلك الشخص بمساعدة الفقـراء خِفــية ً ؟

النذر والقربان !

النذر شيء والقربان شيء مختلف. كلاهما يقومان على الأستغناء عن مالٍ أو مقتنىً والتضحيةِ به على غير الحاجة الزمنية الخاصّة. ولكن الأسلوبَ والهدفَ قد يختلفان. لقد درج في العهد القديم وعَّلمَ موسى الشعب تقديم القرابين ليُكَّفرَ عن خطاياه أو ليمجد الله على عطاياه ويحمده. لأنَّ الحياة من الله وإذا إستفرط بها أحد وأخطأ فيصلحُ حاله ، و” يشتري جهاده لأنَّ الزمن سَّيِءٌ ” (أف5: 16). أما النذر فهو الأقرارُ على أداء عمل روحي أو سلوك سبيل مُعَّين أو الأستغناء عن مال أو التوقف عن عمل سيَّيء محبة بالله وتكريما له، إما حمدًا على نعمةٍ حصل عليها المرء أو طلبا من الله لينعم عليه بنعمة تريحه وتخدمه، أو درءًا لخطر يهدده.

قربان يوزع على الجيران والأقارب !

إنها عادة قديمة ترتقي ربما الى عهد الفقر والفاقة. لم يكن تناول اللحم أمرا إعتياديا لضعف الأمكانية الأقتصادية. كان طعام الناس أبسط. وكان عندما يملك أحدٌ مالا يشتري به لحما يُشاركُ جيرانه وأقاربه بنعمته إنطلاقا من الوصية ” أحبب خير قريبك كنفسك”. هكذا كان المسيحيون الأوائل يتقاسمون الطعام وكان كل شيء بينهم مشتركا(أع2: 44-45؛ 4: 32). ثم تطورت الفكرة لتقتصر على مساعدة المحتاجين. فكان من له مطلب عند الرب يوزع اللحم على الفقراء عوض توزيع المال حامدا شاكرا أو سائلا ومتوسلا. فيكون توزيع اللحم إذن سبيلا من سبل إعطاء “الصدقة “. وقد قلَّت هذه العادة إنما ليست ممارستها أمرًا غريبًا أو خاطِئا ما دام تتم على أساس الأيمان والمحبة وبروح المساعدة. يقول يسوع ” وكلُ من سقى أحد هؤلاء الصغار ولو كأسَ ماءٍ بارد، لأنه تلميذ، فأجره لن يضيع” (متى10: 42).

يوزع لحمًا ولا يؤمن بقيمة فعله !

هذا مخيفٌ وأمرٌ خطير. لأنَّ المعروف عن الأنسان المؤمن بكفاءاته أنه سَيدُ أقوالِه وأفعاله. لماذا يفعلُ وكيف يفعلُ بما لا يؤمن به؟؟. إنه تعارضٌ سافر. قد يدُّلُ تصرف مشابه على الأزدواجية ، والأخطر على فقدان الشخصية والسيطرة على الأفعال. لابد لكل فعل من علة وهدف. فما هو مبررُ هذا الأنسان ليتصرف خلافا لقناعته؟. وما دام ليس مقتنعا بما يفعله فهو إما يكذب على نفسه أو يمَّثلُ على غيره. وفي كلتا الحالتين لا قيمة لعمل من هذا النوع. هذا النوع من الأفعال يسميه الفلاسفة وعلماء النفس بـ ” حكة اللحية”. أى لا تصدرُ لا من العقل ولا من الأرادة ولا بدافع ايماني ولذا لا جزاء لكذا فعل ولا عقاب.

فهو ليس صدقة لأن الرب يقول لتكن صدقتك في الخفية. ليس معقولا لأنه لا يصدر من العقل. ولا هو إرادي ما دام لا يؤمن به. إنه فعلُ مضيعة الوقت وهدرالأموال وإعلامٍ غشّاش.

القس بـول ربــان