شجرة آلميلاد و بيض آلقيامة

أهلا وسهلا بآلأخت سميرة عوديش

كتبت آلأخت سميرة تسألُ عن : 1* تزيين شجرة آلعيد آلصغير، وما هو تفسيرها  ؛

2* عن أسباب تلوين آلبيض في عيد آلقيامة : قصَّتها ومصدرها ؛

شجرة آلميلاد

1* الشجرة دائمة آلخضرة Evergreen Tree

قبل أن تُنصب شجرة آلميلاد سبقها نصب آلشجرة دائمة آلخضرة في بلاد شمال أوربا وبآلأخص في آلبلدان آلأسكندينافية. حيث ينبت آلصنوبر ونوع من آلبلوط لا تسقط أوراقه ألخضراء سنويًا مثل بقية آلأشجار، فلا يتعرَى آلجذع وآلأغصان كلّيًا في آلشتاء آلقارص من جميع أوراقه. بل تتساقط آلأوراق عندما تشيخ وتنبت غيرها، فتبقى الشجرةُ خضراء بآستمرار. ورأوا فيها رمزًا للحياة آلدائمة فكرَّموا الشجرة آلخضراء. وتقليدًا لها تعَـوَّد آلأسكندنافيون على تزيين آلبيوت وآلأطفال بآلأخضر في رأس آلسنة، تيَّمُنًا بطول آلحياة ولإبعاد آلشر. ثم تحَوَّلوا إلى نصب ” شجرةً خضراء ” في آلبيوت. يُقال بأن الصينيين وآلمصريين آلقدامى أيضًا مارسوا هذه آلعادة. ومعروف ومُثَّبت بأنَّ الرومان زيَّنوا بيوتهم بآلأشجار آلخضراء إحتفالاً بآلآنقلاب آلشتوي (21 كانون آلأول). حتى مارسها بعضهم في شمال أفريقيا وتركيا بعد إيمانهم بآلمسيح، بشهادة ترتليانوس (155-222م) وآلقديس يوحنا فم آلذهب (347-407م).

2* شجرة آلميلاد Christmas Tree

يُعزى آلتحَّول من الشجرة الخضراء الى شجرة آلميلاد إلى القديس بونيفاسيوس الذي بشَّر ألمانيا. ففي سنة 723م لاحظ القديس تجمُعًّا وثنيًا للناس يرقصون حول شجرةٍ بلوط خضراء، وفي نيتِّهم ذبحُ طفل إِسمُه ثوور حسب معتقدهم. تناول بونيفاسيوس فأسًا ودعا بآسم يسوع وبضربةٍ واحدة أوقعَ آلشجرة أرضًا على دهشة آلحاضرين. وكان خلف الشجرة نبتةٌ صنوبر. فقال :” دعوا هذه الشجرة تكون رمزًا للإله آلحَّق. أوراقها خضراء دائمًا. ولن تموت. كانت أشواكها تتجه نحو آلسماء وتُشبه مُثَّلثًا يمكن أن يُمَّثل آلثالوث آلأقدس”. وهكذا تحَوَّلت الشجرة آلخضراء إلى شجرة آلميلاد، وتكوَّنت عادة نصب الشجرة في عصر آلنهضة آلأوربية تزامنًا مع آلحركة آللوثرية (القرن 16) في بدء آلشتاء، في آلساحات إلى أن أُقيمت في آلكنائس. أُقيمت سنة 1539م أول شجرة ميلاد في كاتدرائية ستراسبورغ آلألمانية. يقال بأن لوثر هو أول من علَّق الشموع على الشجرة، ثمَّ جعلها آلمُورافيون مُضاءة. ثمَّ أُضيفت في قمّة الشجرة نجمةٌ إشارةً الى نجمة بيت لحم، او ملاكٌ إشارة الى جبرائيل ملاكِ آلبشارة.

بالنسبة الى آلمسيحية رُبظت شجرة الميلاد آلخضراء بشجرة آلفردوس لمعرفة آلخيروآلشر. وهي رمز آلحياة آلأبدية. تُنصَبُ مبدئيًا يوم آلأحد آلأول للبشارة. وفي نهاية فترة آلبشارة تُزَّين الشجرة يوم عشية عيد آلميلاد، أي يوم 24 كانون الأول، المُكَّرَس لآسم آدم وحواء. تُزَّين بآلتفاح الأحمرإشارة الى خطيئتهما التي أزالها آلمسيح، وبآلشموع التي تشير الى أن آلمسيح نور آلعالم، وبالحلويات  مشيرةً إلى فرح آلميلاد، وبالنجمة أو آلملاك. وتبقى هكذا مدة إثنتي عشرة ليلةً، هي فترة آلميلاد، ثم تُرفع يوم 5 كانون الثاني مع بدء موسم آلدنح، أو في تقليد بعض آلبلدان يومَ 2 شباط ، عيد الشموع، وهو ختام موسم آلدنح. هذه آلمواسم آلمذكورة تتبع السنة آلطقسية في آلكنيسة آللاتينية المنتشرة في أوربا وآلغرب.

كما لاحظنا قامت عادة نصب شجرة آلميلاد في آلقرنين الـ 15 و16 الميلاديين على يد اللوثريين البروتستانت، في آلساحات وآلبيوت وآلكنائس. وبعد الإصلاح آللوثري إحتفظت العوائل من آلطبقة الراقية بـ ” الشجرة آلخضراء”. بالمقابل أقامت الكنائس آلكاثوليكية مغارة المذود. ثم آنتهى هذا آلتَبايُن رويدًا رويدًا في آلقرنين الـ 18 و19 حيث يقيم الفريقان   في آنٍ واحد الشجرة وآلمغارة الميلاديين. ولم ينصب آلفاتيكان شجرة آلميلاد في ساحة آلقديس بطرس إلاّ بدءًا من سنة 1982م. لقد تغيرت زينة الشجرة فتحول التفاح الى كريات حمراء، وآلشموع الى آلنشرة الكهربائية … وغيرها، لأنَّها ليست عقيدة إيمانية بل وسيلة إيضاح لزرع أحداثِ ميلاد يسوع وقِيَمَها في ذاكرة آلمؤمنين منذ صغرهم. وآلوسائل تتبع ظرف الزمان وآلمكان ولاسيَّما حاجة آلأنسان.

بيض آلقــيامة          

البيضُ كائنٌ وآلقيامةُ حدّثُ. يُشبهُ آلبيضُ قبرًا مقفولاً يحوي في داخله كائنًا حيًّا. وآلقيامةُ هي ما جرى لمَيِّتٍ قُبرَ وفي آليوم آلثالث قام منه حَيًّا. وهذا آلميِّت هو يسوع آلمسيح إبن آلله آلحي. لم يكن موته طبيعيًا، بل بسبب العذابات آلقاسية آلتي تحمَّلها من جلد وتكليل بآلشوك وحمل صليب ثقيل وتسمير عليه. لقد سُفِكَ دمُه وجرى على كلِّ جسمه وصبغه بآلأحمر. لم يكن أحدٌ يُفكِّرْ أنه قادرٌ أن يقف مرَّةً أخرى على رجليه. حتى ولا تلاميذه. ولم يُصَّدقوا أنه هو لمَّا رأوه حيًّا سليمًا وأبهى من آلأول. فصبغ آلمسيحيون البيض بآلأحمر في عيد آلقيامة رمزًا إلى قيامة آلمسيح بعد صلبه وسفكِ دمه فديةً عنهم.

يعودُ تقليدُ تلوين بيض آلقيامة إلى مسيحيّي ما بين آلنهرين، ومنه إنتشر في أوربا الشرقية  وحتى سيبريا عن طريق آلكنائس آلأرثذوكسية، وفي أوربا آلغربية عن طريق آلكاثوليك و آلبروتستانت. أمَّا آلأقباط في مصر فآستعملوا هذا آلتقليد منذ القرن الميلادي الخامس. كما كان تقليدًا عامًّا أن يتبادل أفرادُ آلأسرة صباح عيد آلقيامة إهداء آلبيض آلملوَّن فيقول مُهدي آلبيض ” قام آلمسيح” ويجاوبُ مستلمُها ” حقًّا قام “. وقبل أكل بيض آلعيد على آلغداء كان يأخذ كلُّ واحد بيضَةً ويتبارز كل إثنين في كسر بيض آلاخر. وآلبيض الذي يبقى سالمًا في آلأخير يُعتبرُ بركةً وحظًّا سعيدًا. ومنها إنتشرت لعبة آلبيض بين آلمسيحيّين، والتي ما تزال حية وتمارَس في أيّامنا.

من أين أتت، وما قصَّتها ؟

ذهب آلبعضُ الى تفسير إختيار آلبيض وتلوينه بسبب منع أكله في آلصوم السابق للعيد. يدّعي ذلك نصٌّ أوربي من آلقرن 15. ويقول بأن آلقصور الملكية مارست عادة حفظ بيض آلصوم وتلوينه في آلقيامة قبل إنتشاره لدى آلبورجوازيين ثم عامة آلعوائل. وقالت معلومة أخرى بأنَّ آلبيضَ يرمز عادةً إلى الخصوبة وآلإنبعاث. وغيرها بأن ظهر إستعمالها دليلا

على آلقيامة أولاً في إيران في تقليد عيد نوروز. لأنَّ للبيض رمزًا ثلاثيًا تبعًا لأجزائه آلثلاثة :”قشرة آلغلاف، البياض، الصفار”، وهو غذاءٌ حي. بينما تُؤَّكدُ آلأكتشافات آلأثرية أنَّ آلمصريين وآلنهرينيين وآلكريتيين ربطوا آلبيض آلأحمر، في قبور آلملوك، بآلموت وآلإنبعاث. فقد عثروا على بيض أو رسوم بيض آلنعامة، بالذهب وآلفضة، تعود الى 5000 سنة، في قبور السومريين آلقدامى وآلمصريين.

على أية حال ومهما كانت الأسباب آلبعيدة ، او متى بدأ إستعمال آلبيض آلملون بآلأحمر في عيد آلقيامة، فالمسيحية إستعملت ذلك ليس بعيدًا من بداياتها، وعلى آلأغلب بعد توَّقف  آلأضطهادات آلبدائية آلكبرى ضدَّها، لمَّا إستطاع آلمسيحيون آلتعبير عن إيمانهم وآلأحتفال بأعيادهم وأفراحهم بحُرّية. خاصَّة وأن عيد القيامة يُعتبر عيد آلخيرات آلروحية آلأبدية التي نلناها بجاه دم آلمسيح، وموته وقيامته التي ترمز اليها آلبيضة آلملونة بآلأحمر. وفي عيد آلقيامة يحمل آلمؤمنون، في آلغرب، سلَّة فيها مواد غذائية عديدة ومختلفة  ليباركها آلمحتفلُ بآلقداس. و نصٌّ، في آلقداس آللاتيني، من سنة 1610 يُؤَّكدُ على صلاة خاصّة على آلبيض . يبدو أن آلأمر كان كذلك في آلشرق أيضًا إلى أن حلَّت محلهه زيارة آلكاهن للبيوت يوم آ’لعيد ليباركها كلَّها بما فيها.