سرّ الزواج

تكوين الرجل والمرأة وفروقُهما تكاملٌ عجيب، يكمن في صفاتهما الجسدية والنفسية والروحية. سرّ عظيم يحقق الأنا، ولما تكون الانا باتجاه ال” نحن” سوف تتوطد العلاقة ويسهل التعاون وتتم الوحدة. حقيقة انتروبولوجية – اجتماعية وثيولوجية- لاهوتية: سرّ مقدس يرسم مسيرة الشركة التي هي انعكاس لسرّ الله المحبّة. عاملان فاعلان، الاختلاف والتكافؤ، فلا بدّ من ثنائية لكي تتحقق الوحدة، وذلك بفضل الانفتاح والنزوع الى التكامل الذي يحرر الفرد من انانيته وانغلاقه وجموده ومحدوديته. انه تكامل خصب خصوصا اذا كان واعيًا. وديمومة الحب والامانة على العهد أقوى من كل شيء. يقول شربنتيه: ” الانسان صلاة حب. لا يمكن ان تكون صورة الله المحبة فردا متوحدّا، بل هما زوجان، رجل وامرأة، يحب الواحد الاخر ويثمر حبهما حياةً. علينا ان ننتظر الوحي الذي اتى به المسيح لنكتشف كل ما توحيه هذه الصورة من سرّ الله. الزوجان هما سرُّ ذلك الاله الثالوث” ( دليل الى قراءة الكتاب المقدس، بيروت 1982 ص37). هذا تصميم الهي خلق ادم ثم حواء من أحد اضلاعه, أي من هذا الجزء القريب من قلبه. وهنا اكتملت انسانية الانسان ووحدته مما جعل ادم يقفز قائلاً: “هذا لحم من لحمي وعظم من عظامي” ( تكوين 2-24).

سمّي هذا السرّ أكليلا بسبب الاكاليل التي توضع على رأس العروسين وبركة بسبب الصلوات التي تتلى على رأسهما، وزيجة بسبب اقترانهما في رباط مقدس أسسه الخالق عندما قال: ” أنموا واكثروا واملأوا الارض” ( تكوين 1/82).
في البدايات كان الزواج يُعد عقدا اجتماعيا طبيعيا ووسيلة لاستمرار البشرية، وفي نطاق خاص لاستمرار العشيرة وتقويتها بأفراد جدد ومن هنا تعدد الزوجات لانجاب اكبر عدد من الاطفال للعمل في الفلاحة والرعاية وللدفاع عن القبيلة وخصوصا كان الاطفال يموتون لفقدان الرعاية الصحية، لكن المسيح اعاده الى التصميم الالهي الاول ( مرقس 1-/ 6-9) وعد الكنيسة سرا من اسرارها.
اذن الزواج سر مقدس يرتبط به ويتحد الرجل والمرأة اتحادا مقدسا بنعمة الروح القدس للحصول على اطفال ونعمة خاصة لتربيتهم تربية انسانية ومسيحية سليمة. وشبهه الرسول بولس هذا الارتباط الوجداني باتحاد المسيح والكنيسة (افسس 5/ 22-32).. هناك صلاة قديمة تقول: ” يشبه الختن وهو في خدره شجرة الحياة في الفردوس، ثمارها تغذي وتشفي، والعروس تشبه كأس ذهب خالص، تفيض حليبا وتقطر عسلا، ليت الثالوث الاقدس يجعل من خدرهما مسكنا له “(ساكو رتبة التكليل، بغداد 2000 ص68).

سابقا كان يتم الزواج في تقليد كنيسة المشرق على مرحلتين: خطوبة وهي العقد الرسمي، والتكليل والزفة، هو احتفال بانتقال الفتاة الى بيت زوجها بحضور الكاهن لبركة الملابس والتيجان وبركة الكاس والخاتم والصليب وغرفة العروسين ” الخدر” وبركة القريب والقريبة.
كانت سيدة وقورة تحمل الخاتم الى الفتاة المعينة، وإذا قبلته يتم تبادل اليد اليمنى بين الوكيلين او الوالدين رمزا للعهد وتلبسه بحضور الاهل والاقرباء والشهود. والفتاة هي وحدها تلبس الخاتم رمز الارتباط والوحدة.

في الطقس الكلداني القديم كان يوضع الصليب الــذي تلبسه العروسة في كأس خمر مباركة مع قليل من حنانا – تراب الشهداء – ويشرب منها العروسان تعبيراً عن استعدادهما للتضحية بالذات الواحد في سبيل الأخر والانتماء الروحي إلى كنيسة الشهداء.

 

البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو