تعليقٌ ورد

أهلا وسهلا بالأستاذ. د. سمير شابا

عَلَّقَ الأخ سمير على موضوع ” عيسى ونصارى”، المنشور بتأريخ 12/ 4، وكتب ما يلي :” هناك تناقضٌ بين قولك أنَّ اليهود إحتقروا الناصرة وبين قولكَ أنَّها معروفةٌ بثوارها ضد الرومان. في هذه الحالة يجب أن يفتخر بها اليهود لا أن يحتقروها. ألم يكونوا كلهم ضد الاحتلال الروماني؟ ألم يكونوا ينتظرون المسيح الذي يخلصُهم ويحررهم من الرومان ؟.

ثانيًا تقول النصارى من الناصرة ، وتارة تقول أنَّها من ( مَن نَصَّرَ المسيح) من أتباعه!! فأيُّهما أصَّح؟. هناك حقيقة يجب أن نعرفها. وهي أنه لوكانت النصارى من الناصرة، فالنسبة تكون ناصري وليس نصراني، وأتباع المسيح في الحالة يُسَّمون ناصريين وليس نصارى”.  ً

أعتقدُ أن الأخ سمير ينتظر جوابًا لمداخلته لإزالة ما أقلقه أو أُغمِضَ عليه.

1ـ التناقض :-

أعتقدُ لو أنّ الأخ سمير تمَعَّن في قولي لتبَدَّدَ عنده الظن بالتناقَض. فعن إحتقار الناصرة قلت بسبب :” سمعة أهلها المهووسين والعنيفين” كما أشار اليه الأنجيل عندما لاموا يسوع لأنه أجرى معجزات في كفرناحوم قبل الناصرة وأرادوا قتله وهو مواطنهم (لو4: 28-29). و أمَّا صفة “الخطأة والثوار ضد الرومان” فهي منسوبة الى الجليليين عامَّةً ومنهم الناصريين لأن الناصرة مدينة في الجليل. أخبرالأنجيل عن الجليليين الذين قتلهم بيلاطس في الهيكل ومزج دماءَهم بذبائحِهم فقال يسوع عنهم:” أ تظنون أنَّ أولئك الجليليين اكثر خطاة من سائر الجليليين..”؟ (لو13: 1-2). كما ذكر جملائيل بيهوذا الثائر الجليلي (أع5: 36-37). وجاء عنها ما ذكرته عن إحتقارها عند القادة والشعب عندما إستصغرَها الرسول نثنائيل أن تكون موطنًا للمسيح (يو1: 45-46)، وكذلك فعل القادة عند إنقسامهم حول مسيحانية يسوع فقالوا :” هل من الجليل يأتي المسيح” ؟ (يو7: 41).  والناصرة كمدينة في الجليل تتحمل سمعة المقاطعة قدحًا أو مدحًا. وأنا لم أستنبط من عندي شيئًا، ولا أوَّلتُ، إنما نقلت فقط شهادة التاريخ.

أمَّا عن إنتظار المسيح وتقدير حتى الناصرة من أجله فقد آنقلبت آلآية. يسوع لم يُحَّقق رغبة اليهود في قيادة الثورة ضد الاحتلال. أراد أن يُحرِرَّهم من الخطيئة ويُشِّع عليهم نور الحَّق (يو8: 32). وعندما أرادوا خطفه وإعلانه ملكًا إبتعد عنهم (يو6: 15)، ولمَّا إعترض بيلاطس على صلب ملكهم قالوا :” لا ملك لنا غير قيصر” (يو19: 15). لقد أعمى نفاقُهم وآراؤُهم عقولهم فلم يتعرفوا على المسيح بل رفضوه لأنهم لم يعرفوا أصلا حتى ولا الله (يو8: 19). بل هدَّدوا كل من يؤمن بيسوع أنَّه المسيح بطرده من المجمع (يو9: 22)، و آعتبروه ” جاهلاً للشريعة وملعونًا من الله ” (يو7: 47-49). فكيف لا يحتقرون يسوع ومدينته؟.

2ـ النصارى :-   

بخصوص النسبة الى مدينة الناصرة ، لم تبتدعها المسيحيةُ ولا قررها أديبٌ باللغة العربية. أنا أعطيت المعلومات التي سأل عنها صاحب السؤال من أين أتت. فذكرتُ أصلها الأول الكنابي عن ” يسوع الناصري” (لو18: 4-7)، وعن تلاميذه ” شيعة النصارى ” (أع24: 5) الى أن تغَلَّبَ اللقب ” المسيحي” في أنطاكيا.

وقبل الإسلام إنتشرت بدعة بآسم ” ناصريين ونصارى” لكنها إختفت. والأسلام هو الذي ثبَّتَ نعتَ ” النصارى” وكرَّسَه. ولو دقَقَّ الأخ سمير بما ذكرت لآ كتشفَ أنَّ لفظة ” نصَّر” أطلقت على الرسل والتلاميذ الأوائل فكانوا ” أنصار المسيح”، أي المؤَيِّدين له ولرسالته. أمَّا من آمن ببشارتهم وشهادتهم ( المسيحيون ) من العرب الرسوليين، غير أتباع البدعة المذكورة ، فمنذ البداية أطلقوا عليهم لفظة ” النصارى” وليس ” الأنصار”، بشهادة سورة البقرة وسورة أل عمران، كما أكَدت عليه الموسوعة الأسلامية ” الدرر السنية “. قالت :” النصارى كلمةٌ مشتقة من الناصرة قرية المسيح”. لقد ” أُطلقَ على أتباع النصرانية في القرآن الكريم ” نصارى”… وهم يُسَّمون أنفسَهم” مسيحيين “. ربما نقلوا لفظًا سابقًا عنهم وتعوَّدوا عليه ، أو لم يكن لهم متَضَّلِعٌ باللغة العربية ليصوغ النسبة الى الناصرة بشكل نَحَوي بليغ.

فما كتبته لستُ أنا أَدَّعيه بل بحثت عنه في التأريخ وقرأتُه للسائل الكريم عن مصدر ما سألَ عنه ، وأنَّ ذلك صيغةُ تصغيرٍ وتحقير إستعملها اليهود، وثبَّثها الإسلام ، بشهادة الموسوعة الإِسلامية ” الدرر السنية ” المذكورة أعلاه.