تحريفُ الحقيقة ، هل يُقلقنا ؟

مَرَّ علينا أسبوعٌ مُقلقٌ ومُستَفِز لمشاعِرِنا عندما اطلعتنا الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي على خبرٍ” مُحَّرَفٍ” لفلم عن حياة البابا فرنسيس ونسبت إليه قولاً مخالِفًا للأيمان المسيحي يُجيزُ زواجَ المثليين. وقد أصدَتْ له بآرتياح وتشجيع جهاتٌ تبحثُ، ليلَ نهار، في كيف تفسِدُ تعاليم المسيحية في عين القراء والسامعين، مسيحيين أو غير مسيحيين، وهي تضمرُ تشويه المسيحية، وبالتالي إبعاد الناس عن الأيمان بالمسيح. وآنبرت لها أقلامٌ مؤمنة ، على بساطة ثقافتها الأيمانية أو عن تضَلُّعِها بهذه الثقافة، فرَدَّت بقُـوَّة لإخراس الألسنة المعتدية وإنارة قراء الفيس بوك والمواقع العديدة الأخرى. وقد أخذ الحماسُ بعضَهم إلى حَدِّ التطرَّف في الكلام أو الوقوف على هاوية السقوط في الخطأ.

أدينُ مُحَّوري الحقيقة ومُفسديها لا لأنَّهم يغلبون المسيح أوكنيسته. لأنهم ببساطة لا يقدرون. فالمسيح نُور الحق لن تُشّوِهَهُ غيومُ الشر ولا تحجبُه ستائرُ الظلام، وعلى كنيسته ” لن تقوى أبوابُ الجحيم “(متى16: 18). أدينُهم لأنَّهم يعرفون حقيقة المسيح ولا يتحَّملونه لأنه يوخزُ ضمائرَهم ويوَّبخُ نيَّاتهم ويفضحُ أفعالهم السَّيئة، لذا يرفضون نوره (يو3: 19-20)، بل  و يُحاربونه. وإذ لا يقدرون عليه يُحاربونه في أتباعه (اع 9: 4) الذين يتواجدُ فيهم (يو17: 23) ، لعّلهم يُخفون أشِعَّةَ الشمس بالغربال!. سيندمون. ولكن لاتَ ساعةَ مَندَمِ ! !

أفرحُ أيضًا بنباهة المؤمنين وغيرتهم على إيمانِهم والرَدِّ على مغالطات المُسيئين لاسيما بالتذكير بنصوص الكتاب المقدس وبتعاليم الكنيسة المستندة إليه، كما فعل الكهنة وبعض العلمانيين. إنَّما لا بإظهار إمتعاضٍ مُهين، ولا بقلقٍ مُبين، ولاسيما برغبة الثأر على إهانةٍ مقصودة. بل بمحبةِ من يريدُ ان يُنَّورَ طريقَ الحق فالخلاص أمام الجهلة أو المارقين. قال المسيح له المجد :” إن كانوا قد إضطهدوني فسوف يضطهدونكم “(يو15: 20). وعرفَ المسيحيون من أول عهدهم الإضطهاد :” ضَجَّت الأمم وسعَت الشعوبُ إلى الباطل. قام ملوكُ الأرض، وتحالفَ الرؤساءُ جميعًا على الرَبِّ وعلى مسيحه “. وآستمَّرَتْ محاربةُ المسيح في إخوتِه المسيحيين على مرَّ العصور. فبماذا رَدُّوا عليهم؟ لم يقلقوا. لم يُسْتَفَّزوا. لم يتعَكَّرْ مِزاجُهم. بل فعلوا ما فعل مسيحيو الجيل الأول، فصَّلوا معهم:” أُنظرِ الآن رَبَّنا إلى وعيدِهم، وأَتِحْ لعبيدِكَ أن يُعلنوا كلامَه برباطةِ جأش. وآبسُط يدكَ لتأتيَ بالشفاءِ والآياتِ و الأعاجيب بآسم فتاك القدوس يسوع “(أع4: 25-30).

وحالُ عصرنا ليس لا أقلَّ ولا أفضلَ مما سبق. الكنيسة رافقت اولادها وشجَّعتهم على السير في نفس الدرب : الأنتباه إلى ما يدور حولهم، ضبط النفس، ومواصلة مسيرة الأيمان دون قلق، دون إستفزاز، ودون إستثقال ما يؤلمهم، بل الإلتجاء الى الصلاة وطلب معونة الله حتى لا يتخاذلوا بل يصمدوا ويُضاعفوا البشارة بالمسيح بمثلِ حياتهم ونور تعاليمهم البنّاءة. لنفعلْ مثلهم.

أسوقُ فيما يلي بعضَ صلوات الكنيسة يتلوها الكاهنُ يوميًا في صلاة الصبح الفرضية. يمكن للمسيحي أن يرفعَها الى الله كلَّ ما شاءَ أو إحتاج.

 

ترتيلة  ܥܵܠܲܡ   من صلاة ܡܵܘܬܒܼܵܐ  :  

 

+ اللَّهُمَ يا رحمان ، حُن على شعبِكَ ، ولا تدَعْ ميراثَكَ للومِ الشعوبِ وهُزْئِهم. أُنظر من عُليائكَ وآحسبِ الظلمَ الذي يقعُ علينا من أعدائِك. وِلْتُشْرقْ سريعًا نعمتُكَ علينا، حتى لا تقولَ الأممُ : ” أينَ إلَـهُهم “*

+ اللهم يا رحمان، إحفظْ عبيدَك ممن يكرهوننا بلا سبب. ويريدون أن يخطفوا مِنَّـا ما لا يملكون. كَثِّرْ عدلَكَ على يدِنا، ليرى مُبغِضونا فيخجلوا. وحَوِّطنا بسور إهتمامك حتى نحتميَ به ونشكرَ نعمتَك *

+ يا رَبَّنا يسوع، هَدِّئْ ، بصلاةِ والدتِك مريم العذراء، العالمَ المُضطَرِبَ كلَّه بالآثام ، وأَبْطِل الحروبَ والخصومات من الأرض. و وَفِّقْ بين الكهنة والقادة، ليحتفِلوا ، بمحَّبةٍ و وِئام ، بذكرى والدتِك مدى الأيام *

+ يا ربَنّا يسوع ، ليَتضَّرعْ من أجلِنا عندك الأبرارُ الذين أرضوكَ، والأنبياء، والشهداء و الملافنة في كلِّ الأصقاع، لترحَمنا جميعَنا. وأَهِّلنا لأن نشكرَك معهم، يومَ تجازيهم أُجرَةَ أعمالِهم *

+ يا شفيعَنا ( … ) القدّيس البار، يا مَن أتمَمْتَ شوطَك بآنتصار، وعملتَ في كرم المسيح ، فنِلْتَ أَجرَك، عن تعبِك، دينارَ النعيم السماوي. لتكن صلواتُك معنا جميعًا، فنستَحّقَ أن نرثَ الملكوتَ معكَ *

 ”  يا  رب إسمع صلاتنا  .  ولتدخل طلبتنا أمامك “