بين التجـربة والأختبـار !

أهلا وسهلا بالأخ يوسف ن. بيتر

سألَ الأخ يوسف عما يلي :

@ ما الفرقُ بين التجربة والأختبار ؟

@@ والخطايا تقع ضمن أيةِ خانة ؟ تجارب أو إختبارات ؟ أم لا علاقة لها بهم ؟

@@@ أيّ منهم يقع بسـماح من الله ؟

الله لا يُجَّربُ أحَدًا بل الشهوة ! يع1: 13-14

تحَدَّثَ الكتاب عن التجربة : ربطها مع ” ضيقةٍ شديدة ” (2كور8: 3)، وساواها مع الفخ (1طيم 2: 9) ومع المِحنة (يع1: 2). فالتجربة ترُّنُ هنا صدًى سلبيًا. تكشفُ عن نيَّةٍ سيّئة لدى الذي يُجَّرِبُ. تُشبه التجربة هنا الفخَّ الذي ينصبُه الصيَّاد ليوقع بفريسةٍ. أو بكمين يُقيمُه أحدٌ ليوقع فيه عدُّوًا يريد التخَّلصَ منه. وحَذَّرَ منها الرب يسوع بقوله :” صَلوا لكي لا تدخلوا في التجربة “(مر14: 38). وحتى إحدى طلبات الصلاة الربية تقول :” ولا تُدخِلنا في التجربة، بل نَجِّنا من الشرير” (متى6: 13). وكما نلاحظ هناك ربط التجربة بالشّرير. فالتجربَة عملٌ سَّيِئ لا تصدرُ من الله ولا من إنسانٍ مستقيم النيّة.

إمتحنَ اللهُ ابراهيم ! تك22: 1

لما طلبَ الله من ابراهيم أن يُقَّدمَ ابنَه اسحق ذبيحةً له قال الكتاب ” إمتحن اللهُ “. ولم يقل ” جَرَّبَ”. إنَّ طلاب المدارس تُجرى لهم في نهاية كل سنة ” إمتحان ” بغية تقييم مستواهم من المعرفة. ليس هدف الأمتحان نصبُ كمين للطلاب للأيقاع بهم. فالأمتحان” إختبارٌ” لمعرفة ما في داخل الآخر. ولمَّا لم يتَرَّدَد ابراهيم بل إستعَّدَ لذبح اسحق وإحراقِه قربانًا لله منعه من ذلك قائلا:” الآن عرفتُ أنَّكَ تخافُ الله، وما بخلتَ علَّيَ بآبنك وحيدِكَ”(تك22: 12). نجحتَ في الأمتحان. وربما كان ذلك أيضا رمزًا لما سيجري على إبن الله الوحيد ويقبل بذبيحته الدموية (متى 21: 37-39)، بسبب عظمة حبه للبشر وإنقاذًا لهم (يو15: 13). وقد أكد مار بطرس أنَّ ” إيمانكم يُمتحنُ كما تمتحن النارُ الذهبَ “(1بط1: 7). ويُؤَّيدُ الكلامَ نفسَه مار بولس ايضا في قوله :” النار تكشفُ وتمتحنُ قيمة عمل كل واحد. فمن بقيَ عمله نال أجرَه. ومن إحترقَ عملُه خسرَ أجرَه” (1كور3: 13-15). والأمتحان والأختبار مترادفان. فالأختبارُ له صورة إيجابية تبني الأنسان إذ تكشفُ باطنه. إنه فحصٌ من أجل العلاج لا بهدف الأساءة.

الخطايا : هي تجربة أم إختبار ؟

قلنا أن للتجربة وجهٌ سلبيٌ بينما للأختبار وجهٌ ايجابي. الله لا يجرب بل يمتحن. أما الشرير، ابليس فلا يفحصُ الناس بل يُجّربُهم فيوقع بهم في الشر. فليست التجربة شريرة ولا الأختبار صالحًا، بل الإمتحان بنيةٍ مستقيمة من قبل إنسان صالح يُدعى إختبارًا. بينما يُدعى الأمتحان بنية شريرة من قبل إنسان شرير تجربة. هكذا قال الكتاب :” الشهوةُ تمتحنُ الأنسانَ حين تُغويه وتُغريه. والشهوةُ إذا حبلَت ولدتِ الخطيئة “. إذن الخطايا تدخل خانة التجربة عندما يتبعُ المرءُ إغراءاتِها الفاسدة.

اَّيًا منها يسمح بها الله ؟

يسمحُ الله بكليهما. سمح الله للشيطان أنْ يُجَّربَ أيوب في ماله ثم في صحته (أي1: 12؛ 2: 6). وآمتحن الله بنفسه إيمان ابراهيم، وسمح لشاول الملك ان يغارَ من داود ويضمرَ له الشَّر (1صم18: 9)، ” فآعترى شاولَ روحٌ شرير من عند الرب “(1صم19: 9)، ويمتحن بذلك إيمان داود فلا يرفع السيف على ملِكٍ مسحه الرب بل عفا داود عمن كان يُطارده ليقتله (1صم24: 4-13). كما سمحَ يسوع ليهوذا أن يتبعَ الشهوة التي جَرَّبَته (يو13: 27)، في حين إمتحن محبة بطرس أمام رفاقِه، بعد النكران، ليختبرَه ويُعطي له فرصة التحرر من عقدةِ النكران (يو21: 15-17). الأمتحان أو الأختبار ليس خطيرًا. والسماحُ به إعطاءُ فرصةٍ للمُمتَحَن أن يُثَّبتَ جدارَتَه وبراءَته وإيمانه. لهذا فالله نفسُه يمتحن أحيانًا وفاءَ البشر له. الأخطرُ هو التجربة لأنها تصدرُ من الشّرير الذي ينوي سوءًا لمن يُجَّرَبُه. ويسمح له الله إكرامًا لحرية الأنسان وحَّقِهِ في تحديد سلوكِه وتقرير مصيرِه. لو لم يسمح الله أنْ يُجَرَّبَ الأنسان فيقدر أن يختار بين الخير والشر لما عاشَ الأنسانُ كرامتَه. إذا لم يتواجه الأنسان مع الشر لا يستطيع أن يختارَ الخير. كرامة الأنسان أنه عاقل وحُر. وإذا لم يمارسهما فقد كرامتَه. وإذا فقد كرامته فقد حياته إذ لا قيمة لحياتِه بدونها.

القس بـول ربــان