الكاثوليك والزواج والطلاق لدى الأرثذوكس !

أهلا وسهلا بالأخ راغد كّـتولا.

لاحظ الأخ أبو سلام أنَّ الكنيسة الكاثوليكية تعترفُ بالزواج في الكنيسة الأرثذوكسية و ترفضُ الأعتراف بالطلاق في نفس الكنيسة. وقال ” عِلمًا أنها كنيسة رسولية “، أى لها صفة من صفات الكنيسة ” الواحدة والجامعة والمقدسة والرسولية “!. وآقترَحَ إِما أن تعترفَ بزواجها وطلاقها أو ترفضُ كليهما. ومُبَّررهُ أنَّ الكنيسة الأرثذوكسية هي نفسها تزَّوِجُ إثنين وتُطلقهما!.

تعترف الكاثوليكية بزواج كل الطوائف والأديان !

الكنيسة تقبل بالآخر المقابل كما هو ولا تفرض عليه عقيدتها. مع ذلك تعرضُ الحقيقة التي تملكها وتتمسَّكُ بها حتى لو ضربوا عنقها بالسيف. والزواجُ إحدى الحقائق التي لم تستنتجها عن طريق البحث الأيماني. بل إستلمته من الله الخالق. ولمَّا كان البشر قد حَّرفوا مبادئَه ، حتى موسى تمشيا مع ” قساوة قلب الأنسان “(متى19: 8) أعاده يسوع المسيح الى نقاوتِه الأولى وكَّلفَ الكنيسة بالدفاع عنه، فقال :” ما وحَّده الله لا يُفَّرقُه الأنسان”. ورفض الطلاقَ وتعدُّد الأزواج وكل شكل ينافي النظام الألهي المطبوع في الطبيعةِ نفسِها.

إنطلاقا من هذا التعليم تعترفُ الكنيسة بكل زواج يُعقدُ بين ” ذكر وأنثى” غير مرتبطين بوثاقٍ سابق، مبنيا على المعرفة والحب المتبادلين، في أية جماعة كانت كنسية أو مدنية. و في نفس الوقت ترفضُ الطلاقَ مهما كانت أسبابُه ومن أية جماعة صدر. ترفضُ الطلاقَ بناءًا على تعليم يسوع وليس إجتهادًا من نفسِها. لأنه إذا كان الله نفسُه قد جمع بين إثنين و وَّحَدَهما ، أى جعلَ منهما إنسانا واحدا كاملا، فأية سُلطةٍ تقدرُ أن تعارضَ الله وتتجاسرُ و تعصى أمرَه؟.

ويبطُلُ الزواج بغضَّ النظر عن من عقده وفي أيةِ كنيسة إذا خالفَ المباديء والشروط التي تضعها الكنيسة لتنظيم الزواج وفق المشيئة الألهية. خوَّل الرَّبُ الكنيسة أنْ تحُّلَ أو تربط (متى16: 18-19؛ 18:18) حسبما ترى الأمرَ يوافق مشيئة الله أم لا يوافق. وإذا لم يوافق فذاك يعني أنَّ الله لم يُوَّحد بين إثنين تزوجوا خلافا لأسس الزواج المسيحي. وسلطان الحل والربط ليس بيد أي كان. بل بيد الأسقف ، الذي يمارسُ هذا السلطان من خلال محكمةٍ كنسية تدرس الأمر حسب تعليم الأنجيل وقوانين الكنيسة.

لم يُفصح السائل الكريم ماذا يعني أو يفهم بـ” الرسولية”؟. كل كنيسة تسمي نفسها ” رسولية ومقدسة و أرثذوكسية (أى مستقيمة الأيمان) وجامعة( كاثوليكية) و واحدة “. ولكن هل توفر كل الكنائس كل هذه الصفات؟. و “رسولية ” تعني فقط أنَّ كهنوتها يتسلسل من الرسل ، و أيضا إيمانها يستند على شهادة الرسل. وشهادة الرسل يضمنها تصديقُ بطرس رئيس الرسل الذي أكَّدَ بأنَّ ” الرب أختارَه ، على علم التلاميذ، أنْ من فمه يسمع العالم الحقيقة ويؤمنوا ” (أع15: 7). هذا يوحنا يصل القبر أولا لكنه لا يدخله بل ينتظر وصول بطرس ودخوله أولا ليكون بطرس أول من يُعاين القبرفارغا ويشهد بذلك للعالم (يو20: 5). ولم يعترض أحدٌ على أولية رئيس الكنيسة وعصمته التي وعده بها الرب (متى16: 18؛ لو23: 32). بل منذ البداية إحترم الرسلُ هذا النظام، وإذا وقع بينهم خلافٌ إحتكموا الى رئيس الكنيسة بطرس أو خلفائه. وعليه إذا لم تخضع اليوم كنيسة لسلطة بطرس فهل تقدر أن تضمن الحَّقيقة؟ وهل تقدر أن تقول بأنها تتبع إيمان الرسل؟؟. وإذا لم تضمن الحقيقة فهل صحيحٌ أنَّ تعليمها مستقيم ؟. أنا لا أدين هنا ولا أحكم. أتساءَلُ فقط. ويوحنا الرسول يقول :” لا تركنوا الى كل روح. بل إختبروا الأرواح لتروا هل هي من الله “؟ (1يو4: 1). لسنا نحن البشر من يقَّررُ أين الحق، بل كنيسةُ المسيح هي تقرر، وعلينا نحن أن نسمع منها ونتقيد بتعليماتها ، لا أن نناقشَها أو نعارضَها.

المحكمة الروحية الأرثذوكسية !

لست أدري مدى صلاحية من يقومون بقرار الفصل بين الأزواج وعلى أى أساس. لكنه معروفٌ أن تسهيلات ومحسوبيات كثيرة تتداخل في القرارات الكنسية مما يقللُ ثقة المقابل. فالكنيسة الكاثوليكية تريد أن تتأكدَ من أنَّ الفصل بين الأزواج ليس طلاقا ، وأنه نتيجة عدم توحيد الله لأولئك الأزواج ، اى أن زواجَهم باطل بسبب غش فيه أو نقص عندما تمَّ عقدُه. لا تريدُ الكاثوليكية أن تعمل من جديد مثل موسى فترضخ لضغط بعض الناس عديمي الأيمان او قساة القلب فتعترفَ بأى فصل كان. خاصة وإذا كان أحد الزوجين منتميا الى الكاثوليكية، أو أحد المفصولين ينوي الزواج من كاثوليكي. لا تريد الكاثوليكية توريط أبنائها. أما إذا كان الزوجان أُرثذوكسيين أو يعقد المفصولون زواجا ثانيا مع شريك جديد أرثذوكسي المذهب فلا تتدخل الكاثوليكية. لأنَّ كلَّ شيءٍ يتم بين شركاء أرثذوكسيين وداخل كنيستهم وحسب نظامها.

ليس كلُ واحد يفهم الزواج !

هذا كان جواب يسوع للرسل الذين إعترضوا على تعـليم يسوع وإلغائِه الطلاق أو الفصل العشوائي ” لأي سبب كان”. ومشيئة الله لا تتغَّيرَ لأنَّ قلبَ الأنسان قاسٍ. يريدُ الله أن يفهمَ الناس ماذا يعني الزواج وأن يتزوجوا عن معرفة وحب متبادلين مثل ” آدم وحواء” اللذين بزواجهما إستعادا وحدة إنسانيتهما وصارا ” واحدا كاملا ” وليس جزءين فقط مشدودين الى بعضهما. يجب أن يفهما ويعيشا إكتمال شخصيتهما وهويتهما عبر الزواج ولا يفرطان به.

ولهذا أضاف الرب :” لا يفهم الناس كلهم هذا الكلام إلا من أعطيَ له “(متى19: 11). ومن لم يُعطَ له عبثا يحاولُ أن يعيشَ مع من لمْ يُعطَ لها أو لمْ تُعطَ له. وهذا هو ما تدعوه الكنيسة الكاثوليكية بـ ” بُطلان الزواج “، وتمارسُه عندما يتأكد لديها ، بعد فحص دقيق وصلاة ، أنَّ الزوجين لم يُوَّحدْهما الله فتخلي سبيلهما ليعقدا زواجًا جديدا صحيحا.

القس بـول ربــان