الشهر المريمي

قـرّائي الأعِّــزاء 

لقد وجَهَّ قداسة البابا فرنسيس في 25 نيسان 2020 رسالة الى كافة المؤمنين يدعوهم إلى أدَّاء التكريم الواجب لأمنا السماوية، فلا يتخَلَّف جيلُنا عن تطويبها وتهنئتها بمجدِها المُكلَّلة سُلطانةً للسماءِ والأرض، بجانب إبنها الذي نال هذا السلطان، لأنَّها إشتركت في خلاصنا وأدت مع إبنها دورها في سماع كلام الله ومحَّبته مع محبة الأنسان وخدمته. وقد طلبت مريم تلاوةَ مسبحتها، في ظهوراتها في لورد سنة 1858م وفاتيما سنة 1917م، وألَّحت على تلاوتها في الكنائس وفي البيوت. وآنتشرت تلاوةُ الورديةِ من ذلك الوقت في العوائل. وبمناسبة يوبيل الخلاص سنة 2000م ذكَّر البابا القديس يوحنا بولس الثاني بها وأضاف إلى أقسام الفرح والحزن والمجد قسم النور مع خمسة أسرار: عماد يسوع، معجزة قانا، نشر ملكوت الله على الأرض، تجَّلي يسوع، وتأسيس سر الأوخارستيا.

قال البابا فرنسيس :” تعَوَّدْنا على تلاوة الوردية في البيت مع أفراد العائلة. وقيودُ العزلة المفروضة عَلَّمتنا العودة الى قيمة البُعدِ المنزلي من وجهة نظر روحية” ، وأيضًا ثقافية ، التي إفتقدَها الكثيرون منا وكُدنا أن نُبعدَها عن جدول المشاغل اليومية الرئيسية. كاد كلُّ فردٍ في عوائلنا يُصبحُ قائمًا بذاتِه، حتى الأطفال، يهتَّم بنفسِه فقط ولا يهُّمه كثيرًا غيرُه فلا يبالي بالباقين. تلاوة الوردية معًا هي دواءُ كسر عزلة الأنانية واللامبالاة، ونيل رضى الله. وهو أمرٌ طبيعي أن تلتجيءَ الأسرةُ كلُّها مجتمعةً إلى أمها السماوية كما يلجأُ الأطفالُ إلى أمهاتهم ويهرعون اليهن في فرحهم وألمهم وحاجتهم.

وقد حرَّرَ البابا صلاتين لتُـتلى يوميا في نهاية الوردية، و وعد :” سأتلوهما بنفسي في شهر أيَّار، مُتَّحِدًا روحيًا معكم “، وأضاف :” سأُصَّلي من أجلِكم، وخاصَّةً من أجل المتألمين ، و أنتم ، من فضلِكم ، صَّلوا من أجلي.. “.  إليكم فيما يلي تلك الصلاتين :–

الأولى

يا مريم ، أنتِ تُنيرين دائمًا دروبَنا، كعلامةِ خلاصٍ ورجاء. إننا نُودِعُ أَنفُسَنا بين يدَيْكِ ، يا شِفاءَ المرضى، يا من شاركتِ يسوعَ في آلامِه تحتَ الصليب، وظلَّ إيمانُكِ ثابتًا. يا خلاصَ شعبِ روما، أنتِ تعرفين ما نحتاجُ إليهِ. ونحن واثقون أنَّك ستُساعِدينَنا، كما في قانا الجليل، كي يعودَ الفرحُ والعيدُ ، بعد فترةِ المحنةِ هذه. يا أُّمَّ المحَّبةِ الألهية، ساعِدينا لكي نقبَلَ إرادةَ الآب، ونعملَ بما يقولُه لنا يسوع، الذي أخذ على عاتِقِه معاناتِنا، وحملَ عَنَّا آلامَنا، ليقودَنا، عِبرَ الصليب، إلى فرح القيامة. آمين

تحتَ سِترِ حمايتِك نلتجِيءُ، يا والدةَ اللهِ القدّيسة. فلا تغفلي عن طلباتِنا في إحتياجاتِنا إليكِ. لكن نجِّينا من جميع المخاطِر على الدوام، أيَّتُها العذراءُ المجيدة المُبارَكة. “

الثانية             

في ظِلِّ حمايَـتِـكِ نلتجيءُ يا والدة الله القدّيسة ” في هذه المأساةِ الحالية ، والتي غمرَتِ العالمَ كُلَّهُ بالمعاناةِ والقلق، نلتجيءُ إليكِ ، يا أُمَّ اللهِ و أُمَّنا، ونعتصمُ في ظِلِّ حمايتِك.  يا مريمُ البتول، إِنعَطفي نحوَنا بنظرِكِ الرحيم في وباءِ فايروس كورونا هذا. أُعْضُدي وعَّزي التائهين والباكين على موتاهم أحِّبائِهم، والذين دُفِنوا أحيانًا بطريقةٍ تَزيدُ من ألألمِ في النفس. وأغيثي الذين يشعرون بالأسى أمام مرضاهم، وهم لا يستطيعون البقاءَ بقُرْبِهم خوفًا من نقل العَدوى لهم. وآمنحي الثقةَ  لمن يعتريهم القلقُ بشأنِ المستقبَل الغامض بسبب عواقب هذا الوضع على الأقتصاد والعمل. يا أُمَّ اللهِ وأُمَّنا ، إلتمِسي من الله ، أبِ الرحمةْ، أن تنتهيَ هذه المحنةُ الصعبة وأن يلوحَ أمامَنا أُفُقُ الرجاءِ و السلام. وكما صنعتِ في قانا الجليل، تشَّفعي من أجلِنا لدى إبنِكِ الألهي، وآطلُبي منه أن يُعَّزيَ عائلاتِ المرضى والضحايا وأن يفتَحَ قلوبَهم لتمتليءَ بالثقة. إحْمي الأطباء و المُمَّرضين  والعاملين في مجال الرعاية الصِحِّية، والمتَطَّوعين الذين هم في الطليعة في هذه الحالة الطارئة، ويُعَّرضون حياتهم للخطر من أجل إنقاذِ حياةِ الآخرين. رافقي جُهدَهم البُطولي وأعطيهم القُوَّة والصلاح والصِحَّة. كوني مع الذين يساعدون المرضى ليلاً ونهارًا ، ومع الكهنة الذين يُحاولون ، بعنايةٍ راعوية وآلتزامٍ إنجيلي ، أن يُساعدوا الجميع و يُسانِدوهم . أيَّتُها العذراءُ القدّيسة، أنيري عقولَ رجال ونساءِ العلم، حتى يجدوا الحلولَ المناسبة للتغَّلبِ على هذا الفايروس، وآعضُدي قادةَ الدول، حتى يعملوا بحكمةٍ وآهتمام و سخاء، فيساعدوا الذين يفتقرون إلى ما هو ضروريٌ للعيش، ويُخَّطِطوا ببصيرةٍ وروح ِ تضامُنٍ لأيجادِ حلولٍ إجتماعية وآقتصادِية.  يا مريمُ الكُّليَةُ القداسة ، أَلْهِمي الضمائِرَ كيما يتِّمَ توجيهُ المبالِغ الكبيرة، التي تُستَخْدَم اليوم في زيادةِ وإتقان التسَّلُح، الى تعزيز الدراساتِ المناسِبة لمنع حدوثِ كوارثَ مماثلةٍ في المستقبل.  أَيَّتُها الأُمُّ الحبيبة، نَمِّي في العالم الشعورَ بالإنتماءِ إلى عائلةٍ كبيرةٍ واحدة، مع الوعيِ بالرابطِ الذي يُوَّحدُ الجميع، لأنَّه بروح الأُخُوَّةِ والتضامن يُمكننا أن نتغَّلبَ على العديد من أشكالِ الفقر وحالاتِ البؤس. ثَبِّتي المؤمنينَ في إيمانِهم. إِمْنحي المُثابرةَ على الخدمة ، والثباتَ في الصلاة.  يا مريم يا مُعَّزية الحزانى، ضُّمي إِليكِ جميعَ أبنائِكِ المُعَذَّبين. أُطلبي إلى الله أنْ ينظُرَ إلينا ويَمُدَّ يدَه القديرةَ كي يُحَرِّرَنا من هذا الوباء المُرَوِّع، حتى تعودَ الحياةُ الى مسيرتِه الطبيعية، ونعودَ الى الطُمَأْنينة.

إنَّنا نتَوَكَّلُ عليكِ ، يا من تنيرين دربَنا كعلامةِ خلاصٍ ورجاء. يا شفوقة ، يا رؤوفة ، يا مريمُ البتولُ الحُلوة اللذيذة .  آمين