الأحد السابع للقيامة

تتلى علينا اليوم القراءات  :  أع 1: 15-26؛ اش6: 1-13؛ في1: 27-2: 5 مر16: 14-20

القـراءة : أعمال 1 : 15 – 26 :– إختارَ الرسل مَتّيا بديلاً عن يهوذا ليكون رسولاً ويشهدَ معهم لأنَّه تابعَ معهم يسوع من عماده وإلى قيامتِه فصعودِه.

القـراءة البديلة : إشَعيا 6 : 1 – 13 :– رأى إِشَعْيا اللهَ في رؤيا والملائكةُ تُمَّجِدُه و تُنشِدُ : قدوسٌ. يُطَهِّرُ الملاكُ النبِيَّ ويُرسَلُه الى الشعب ليُوقِظَهُ على آثامِهِ.

الرسالة : فيلبي 1 : 27 – 2 : 5 :– يدعو بولسُ الى الجهاد لأجل الأيمان بقبولِ التألُمَ من أجلِ المسيح وتبَّني أخلاقِه مع الحفاظِ على وحدةِ المؤمنين.

الأنجـيل : مرقس 16 : 14 – 20 :– يُخبرُ عن ترائي يسوع بعدَ قيامتِه، عن وصِّيةِ الرب بتبشير العالم وصعودِه، وعن متابعةِ الرسل مُهِمَّةَ يسوع الخلاصية.

 لِنَقْرَأْ كلامَ الله بخشوع ٍ وآنتباه

الصلاة الطقسية

تدور صلاة اليوم كلُّها في فَلَك صعود رَبِّنا يسوع المسيح الى السماء. على أنَّه رَيَّحَ الكونَ وأبهَجَ الخلائق كلَّها بالمجد الذي ناله بعد قيامته وإنهائِه مهِمَّةَ الفداء ومصالحة الأنسان مع الله ومع الخليقة كلِّها بعدَ أن عُزلَ عنها بسبب تمَرُّدِه على الله. ولاسيما بعودة الأنسان الى مجدِه الأول بسيادة الكون بآسم الله، نائِبًا عنه. حتى قالت عنه ترنيمة المذبح :” رَبُّنا المسيح مَلَكَ وكُرِّمَ . تفرحُ الأرضُ كلُّها. فطبيعة بني آدم المُهانة يُكَّرمُها الروحانيون. لتفرح طبيعتنا الضعيفة بآبنِ جنسنا الذي أصبح ملِكًا وصعدَ بالمجد الى السماء”.   

الترانيم

1+ ترنيمة الرمش :” زادَ اللهُ الكلمة، الكاملُ في وجودِه، رأفَتَه تِجاهَ ضُعفِنا فآتَخَّذَ طبيعَتَنا و

     وَحَّدَها بأُقنومِ لاهوتِه * وتحَمَّلَ ألمَ الصلب لكي يُحيِيَ بموتِه جِنسَنا. وصعدَ فجلسَ في

     السماء فوقَ الرئاساتِ والسلاطين. كما أَخطَأْنا في آدم الأول تبَرَّرْنا في آدم الثاني. و

     من يقدرُ أن يصِفَ جيلَه المجيد؟ * هكذا نُسَّبِحُ. وآمَنَّا عن معرفة. ونعترفُ بالعجَب كما

     تعَلَّمنا حَّقًا* وحتى لو جاءَنا ملاكٌ من السماء وقال لنا، وغَّيرَ لنا في بشارتِه، خلافًا لما

     بُشِّرْنا به : لا ننكُرُ ناسوتَه ولا نُؤَّلِمُ لاهوتَه “*.

2+ ترنيمة السهرة :” عندما صعدتَ بالمجد إلى السماء عند أبيكَ، سألَتْ قُـوَّاتُ العُلى من

     الملائكة بآنذهال : مَن أينَ هو هذا الملكُ المُبَّجَل؟. رآوكَ يا مُخَّلِصَنا ومُحيينا أنَّكَ رئيسُ

     جنسِنا فآنذهلوا بك وتحَّيروا بخوفٍ ورعدة للأمر الغريب. عندئذ تساَءَلوا كثيرًا عن

     صعودِكَ. وعن نزولك غير المُفَسَّر. ليس لأنه أخليتَ ذاتَك، تغَيَّرتَ أو إبتعَدْتَ عن

     أبيك. ولا أيضًا لأنَّك إتَّخذْتَ جسدًا من البتول، عملتَ إضافةً وقربتَها للثالوث.{بل} لأنَّ

     سِرَّ مراحمِكَ عظيمٌ يا رَبَّ الكل. لك المجد “*.

3+ ردّات مزمور : ” فتح الأمرُ بابًا جديدًا للملك الجديد : لم تطأْهُ رِجلُ الناس بالدخول *

     هو وحدَه داسَ طريقَ ملكوت السماء : ودخل ليَكهن في قدس الأقداس كرئيس أحـبار”*

4+ ترنيمة الأنجيل :” سافر الى بلدٍ بعيد ملكٌ مِنَّا ليتَوَّلى المُلكَ. وركب على أجنحة الريح.   

     وآحتفى به السماويون. وفتح أبوابَ الجَلَـدْ المُغلقة من الأزل. ودخل وملك في بلدٍ بدون

     فـزع “*.

التعليم     

تحَدَّثت ترنيمة الأنجيل عن صعود يسوع، ومَثَّلته بالسَفَر على أجنحة الريح الى بلد السماء ، البعيد عنا ، ليستلم مُلكَ الكون ويُمارسَ سيادته على الخليقةِ كلِّها. وأشار مرقس بأنَّ ذلك تَمَّ  فعلاً بالصعود قائلا: ” رُفِعَ الى السماء وجلسَ عن يمين الله ” (مر16: 19). كانت السماءُ ، جَنَّةُ الله ، مُقـفَلةً بوجه البشر الخاطئين ، يحرُسُ ” الكاروبيم .. الطريق {إليها} الى شجرة الحياة ” (تك 3: 24). وقد وصل الأنسان المسيح الى شجرة الحياة وآرتقاها على الصليب وقطف ثمرتها واكل فشُفيَ الناسوتُ من لدغة الخطيئة وآستعاد الحياة لكل الناس.

وتحَدَّث لوقا عن السَفَر الأول، نزولا من السماء، عند تجَّسُدِ المسيح ليُجاهدَ فيُحاربَ الشّريرَ الذي خطف الأنسان، لِيُحَرِّرَه من عبودِيتِه. جاءَ الى بيتِه وشعبِه، ليَستعيدَ مُلْكَه :” جاءَ الى خاصّتِه وخاصَّتُه لم تقبلْهُ “(يو1: 11). حاول هيرودُس أن يقتله ويتخَلَّصَ منه (متى2: 16) ، ورفضَه الشيوخُ و رؤساءُ الكهنة :” قال لهم بيلاطس: ها هو ملكُكم! .. أجابوا: أُصْلُبْهُ .. لا ملِكَ علينا إلا قيصر” (يو19: 14-15)، وكانوا قد سبقوا فقرروا قتلَه (يو11: 53) و حتى قتل لعازر الشاهد بقيامته على لاهوت يسوع ومسيحانيتِه (يو12: 10-11). وحرَّضوا الشعبَ أيضًا ليَرفُضَه : ” أَطلِقْ بَرأَّبا .. أمَّا يسوع فآصلُبْهُ ” (متى27: 20-23). كرَّهُوهُ في عين شعبِه ليقول: ” لا نريدُ هذا الرجل أن يملك علينا”. لكن يسوع المسيح” توَّلى المُلكَ.. و قتل أعداءَه ” (لو19: 12 -15 و 27). لم يقتُلْهم بسيف الدم ، بل جَرَّدَهم عن إمتيازهم ،  كونهم شعبَ الله، وسَحَبَ المُلْكَ عنهم ونبذَهم وتبَّني شعبًا يُثمرُ (متى21: 43)، أي جميعَ أولئِك الذين آمنوا به وقبلوهُ، بل أحبوه ليكونوا أبناء الله (يو1: 12). أمَّا من رفَضَه فآستلمَهم ” أبوهم الكَذَّابُ وأبو الكذِب، الذي فّضَلوهُ فتبعوا رغباتِه ” (يو8: 44-47).      

ليس ليسوع أعداءُ بين الناس. كلُّهم يُحِبُّهم ويريدُ خلاصَهم ولأجل ذلك مات مَصلوبًا (يو12: 47). أعداؤُه الذين غلبَهم، كما قالت الصلاة، هم ” إثنان أَشِّداء : الشيطان والموت المُفْسِد”. الأول يُشَّوه الحَّق ويستعمل الكذب والدجل ويَصُّدُ الناس عن مجد الملكوت بتحريضهم على التمَرُّد على الله ليخسروا حياة الراحة والمجد الأبدية. والثاني الخطيئة ـ التمَرُّد على الله الخالق ـ و بالنتيجة الهلاك، أي الموت الروحي. يسوع أطاع الله وسلك طريق الحق والبر فأحَّبَ وخدمَ وقَبِـلَ ذبيحةَ الألم والموت رفضًا للخطأ والفساد، وفِداءًا عن الناس. ومن يسيرُ في دربه مُتحدَّيًا الشِّرَ والشِّرير يُغّلِبُهم أيضًا على العدُوَّين. فدعت الصلاة المؤمنين الى الإعترافِ بيسوع المسيح رَبًّا وملكًا (أع2: 36) وإلى تمجيدِه قائلةً :” لك يركعُ، أيُّها المسيحُ مُخَّلِصُنا، ولك يسجُدُ كلُّ ما في السماء وما على الأرض”.