الأحد الثالث لايليا

تتلى علينا اليوم القراءات : اش32: 1-8   ؛   تث7: 12-26  ؛   في1: 12-21 متى13: 24-30

القـراءة : إشَعيا 32 : 1 – 8 :– يسودُ العدلُ والبر لفترةٍ فيرتاحُ الشعبُ ويتمَّجَد. ثمَّ  جاءَ الدمارُ، وعقيبَه السلام والرخاء. إنَّه رمزُ زمن المسيح.

القـراءة البديلة : تثنية 7 : 12 – 26 :– بين اللهِ وشعبِه عهدٌ، قِوامُه : اللهُ يُحبُّ الشعبَ ويَحفظُه ويُباركُه ويُنصِرُه ، والشعبُ يحفظُ وصاياهُ ويتَّكلُ عليه.

الرسالة : فيلبي 1 : 12 – 21 :– سجنُ بولسَ وقيودُه لم تُعِقْ البشارة بل زادتها قُـوَّةً ونجاحًا، لأنَّها شجَّعت المؤمنين أنفسَهم على التبشير. 

الأنجـيل : متى 13 : 24 – 30 :– مثلُ الزؤان : الحَّقُ والبر من الله. أمَّا الضلالُ و الشَّر فعملُ ابليس وأعوانه أعداءِ الله. أمَّا الأيمانُ فكالخميرةِ ينتشر.

 لِنَقْرَأْ كلامَ الله بآنتباهٍ وآحترام

الصلاة الطقسية

تمَرَّدَ ابليسُ رئيسُ الشياطين على الله وأرادَ أن يُنافسَ اللهَ في السيادة. لما فشلَ قرَّرَ مُحاربةَ مملكة الله ويُفشلَ حكمة الله وخُطَّتَه في أن يُوكلَ اللهُ الأنسانَ على سيادة الكون وكلِّ الكائنات (تك1: 28). لم يرعوِ ابليس ولم يتُبْ. بل تمادى في غَيِّهِ فأبى أن يخضعَ لله، وآستمَرَّ في محاربة الله بإثارة الأنسان على التمرّد على الله مُغريًا إيّاه بفرح الحُرّية ومجدِ الأستقلال عن الله. حَرَّضَ الأنسان على عدم طاعة الله مُبرِزًا له نعيمَ التمَتُّع بالشهوات وملَّذاتِها. ولما توَّرطَ الأنسان وسقطَ في حبائل فَّخ ابليس وخسر إمتيازَه ، رحمه الله بسبب عوده الغَّض و عدم خبرته بالشَّر، وبالخداع والدجل فالتجربة، فتجَسَّدَ وأنقذ الأنسان من ورطته وحرَّره من تسَّلط الشَّر عليه وآستلم سيادة الكون وفتح أمامه آفاق العمل لقيادةِ الكون الى كمالهِ.

سيأتي المسيح من جديد في النهاية ليُحاسبَ الأنسان، فردًا وجملةً، على ما فعلوه لأَداء هذه المهمة التي كُلِّفوا بها. في هذه الأثناء يعمل الأنسان مع المسيح وابليس يُحاربه ويصُدُّه عن الطاعة له. وسيدين المسيح الأنسان على أمانته للرسالة أو خيانته. وكي لا يُدان بالخيانة بل يُمدَحَ و يُكَرَّمَ على الأمانة تحاولُ الكنيسة عبر طقوسها أن تُذَكِّرَ المؤمن وتشُّدَ إزرَه ليقاوم إغراءات ابليس فيثبتَ على الحق ويُثمرَ بتفاعله مع إرادة المسيح رأسِه ويُقَدِّمَ نتائجَ تُرضي الله و تريحُه فيتَمَّجد مع الله في ملكوته. فقبل مجيء المسيح الثاني تقودُ الكنيسة معركة الحَّق والبِّر وتواكبُ جهاد المؤمنين فتسندهم ليصمدوا وينتصروا في معركتهم. قد يُجرَحُ المُجاهد فيسقط لكن باب التوبة مفتوح أمامه ليستعيد عافيته فيقوم ويواصل نضاله. فالله عطوفٌ و رحوم وقدير على شَّل محاربة العدو وشفاء جروح الخاطئين. وقد أمَّن حضوره بقربه. و وفَّرَ له سلاح المقاومة بتغذيته من جسده ودمه ضَّاخًا فيه بآستمرار حياته الألهية.     

التراميم

1+ ترنيمة الرمش :” فَصَّلتني عنك ملذّاتُ العالم الزائل، وبها نصب لي المُتمَّردُ فِخاخًا و

     صادني، كي لا أُرضيَك يا رب. ولمَّا أطلتُ قليلا ومضى العالم مع شهواته أدركني

     الندم والألم. لأني رأيتُ أن رجاء حياتي قد بطُلَ وأن ليس لي ملاذٌ غيرك يا رب.

     إِلتفِتْ إِلَيَّ بكثرة رحمتِك وآرحمني بنعمتِك فأنتشِلْني من ذنوبي كما إعتَدْتَ يا راحم

     البشر. رَبِّي تعَطَّف عليَّ “*.

2+ تسبحة السهرة :” البعضُ يخنقُهم غنى العالم وملَذّاتُه: وغيرُه يسأل صدقةً كحسنَة ولا

     تُعطى له * البعضُ يمزجون له الخمرَ في الكأس وينشُدُ أن كفى : وغيرُه يطلبُ قطرةً

     لعطشِه ولا أحدَ يُرَّطبُ * كم واحد عظُمَ وآقتنى درجة الرئاسة : ولم يستحقوا أن يكونوا

     خُدّامًا لخُدّام الخَدَم * وكم عاش في البحبوحة وصِحَّةِ الجسد : ولم يكن يجب أن تشرقَ

     الشمسُ على حياتِهم “*.

3+ ترنيمة الأنجيل :” أيُّها الفَلّاحُ الصالح الذي جاءَ ليقلعَ الزؤان، الذي زرعه الشّرير في

     حقل بني آدم. هَبْنا بحنانكَ أن نكون حنطةً مختارة وندخلَ معك مخزن الملكوت “*.

4+ ترنيمة لمجلس الأثنين :” أيُّها المسيح. إنَّ العدو يتطَّلعُ الى أعضائي ليُحاربَ شريعَتَكَ.

     يُقلقُني أحيانًا بنظرة العين. وأخرى يزعجني بسمع الآذن. وأحيانًا أيضًا بشفاهٍ مريبة

     يجعلني في حِقدٍ كبير. لكنَّك أنت يا مُحِّبَ البشر إدفع عني عدُّوي، بقوَّتكَ الجبّارة و

     المنيعة. وآرحمني “*.  

5+ ترنيمة القداس :” كُلُّنا نحنُ الذين دُعينا للتنَّعم بالأسرار المجيدة والألهية نشكرُ سَيِّدَ الكل

     ونسجدُ له بتقوى ومَحَّبة. وبموَّدةٍ وإيمان نأخُذُ جسَدَ الأبنِ المسيح الذي ذُبحَ من أجل

     حياتِنا. فطَهَّرَ ذنوبَنا، وصالحَ أباهُ معنا بسفكِ دمِه، وها هوالآن يُزَّيَح على المذبح، وعن

     يمين الآب الذي أرسَله. وبينما هو واحدٌ ولا يتجَزَّأُ يُذبحُ يوميًا، في العلى وفي الكنيسة،

     عوضَ ذنوبنا دون أن يتألَّم. هَلُّموا نتقَرَّب بنقاوةٍ إلى ذبيحةِ جسدهِ المُقَدِّس الكل. و إليهِ  

     نصرُخ كلُّنا معًا، ونقول : المجدُ لك “*.

التعليم    

يستمرُّ ابليس في زرعَ الزؤان بتشويه العقيدة ونبذ القِيَم الروحية الألهية. ولا يتوقف عن أيِّ سوءٍ، حتى الجريمة، في إستغلال الأنسان لمحاربة مملكة الله. والمسيح يقلعُ زؤانًا بعدَ آخر وشوكًا بعدَ شوكٍ حتى يُصَّفي مملكته من كل شَّر وفساد. عمل يسوع ذلك بنفسِه فآستأصل الجذعَ لكنَّ الفروع ما تزالُ تقاوم وتُخَّرب. وقد ينبهرُ بها مؤمنون كثيرون وينخدع لأنَّهم لم يهضموا كلام الملكوت ولم يفهموه بل إستسلموا ” لهموم الدنيا ومحَّبة الغنى وما يخنقُ الثمرَ فيه “(متى13: 22). وشهدت ترنيمة السهرة على ذلك إِذ تطَّرقت الى التباين الكبير في السلوك بين المؤمنين، والفارق الخطير بين من يسمع كلام الله ومن يتبع مباديء العالم في الأخلاق الزمنية، ناسين أنهم ليسوا من العالم بل في العالم ليُقَدِّسوه بسيرتهم الفاضلة شهادةً لحقيقةِ المسيح. قد يقولُ معترضٌ:” أين الضمير؟. أين عدالة الله” ؟. أمَّا الضميرُ فعند حرّية  الأنسان. الحياة فرصةٌ لتقديس الذات وبناءِ ملكوت الله والحُرّيةُ سِلاحُها فالطوبى لمن ينجحُ عند المحاسبة ولا يخسرُ الرهان. أمَّا العدالة فيُعطي الله فرصة التوبة حتى آخر نفس من الحياة، ثم يُحاسبُ حسابًا دقيقًا من تبع ابليس فخدم الجسد والعالم والكبرياء.