الأحد الأول لأيليا

للعلم : يجب دومًا أن يُصَّلى هذا الأحد قبل عيد الصليب، لأنه به يبدأ سابوع إيليا/الصليب. فإذا حدث و وقع بعد 14/ 9 أيلول، يُدمجُ الأحد السابع للصيف مع السادس للصيف، و يُصَّلى عوضَه هذا الأحد ، حِفاظًا على نظام تسلسل الآحاد بشكل سليم.

تتلى علينا اليوم القراءات  :  اش31: 1-9؛ تث6: 5-7: 6 2تس1: 1-7؛ لو19: 1-10

القـراءة : إشَعْيا 31 : 1 – 9 :–  يتظاهرُ اليهود بالحكمة في طلب النجدة من مصر، وهذه تشَجِّعُها. لكنَّ اللهَ يُكَّذبُ الطرفين، ثم يدعو إلى إتّباع الحَّق وسماعه.

القـراءة البديلة : تثنية 6 : 5 – 7 : 6 :–  تُذَكِّرُ بخروج بني إسرائيل من مصر بمعجزة وبكيفَ قاد الله مسيرتهم في البرّية. إنَّه شعبٌ خاصٌّ بالله إختارَه  ليُقَّدِسَه فيعكسَ صورة أعماله ويكون آيةً تنيرُ الأمم.

الرسالة : 2 تسالونيقي 1 : 1 – 7 :–  يمدح بولس إيمان التسالونيقيين الذي ينمو و محَبَّتهم التي تزداد فيفتخر بصمودهم في الأيمان رغم الأضطهاد والشدائد، و يُؤَّكدُ لهم أنَّ عدالة الله تجازيهم بمجد ملكوته، ومُضطَهِديهم بالضيق.

الأنجيل : لوقا 19 : 1 – 10 :– يُسَجِّلُ الأنجيل مواقف يسوع الأنسانية منها زيارة زكَّا العَشّار رغم تذَمُّر اليهود وإنتقادهم له، ويُؤَّكد أنَّه جاءَ ليُخَّلصَ الهالكين.

إِغسِلْني بدموع التـوبة !

نحن الآن في زمن التوبة، طقسيًا وإيمانيًّا. زمن المسيح هو زمن توبة الأنسان عن الشر وعودته الى صداقة الله :” توبوا فقد إقترب ملكوت الله “(متى4: 17). وزمن الكنيسة أيضًا، إذ تُذَّكرُ فترة الصيف أنَّ ” الله رؤوف ورحوم وغافر الذنوب ” فتدعو المؤمن الى التوبة وتُحَّرضُه عليها وتُشير إليه كيف يتوب: ” أعطني يا رب مجالاً للتوبة لأقَّللَ من ذنوبي”، فـ ” آغسِلني يا رب بدموع توبتي وآمنحني بمراحمك ونعمتك غفران الذنوب. وبآنسحاقي إِغفِرْ ذنوبي. أنت يا رب مخَّلصي وكثير المراحم، فآرحمني”؛ ” يا نفسُ التي عَتِقت في الإثم، إِنهضي وتَجَّددي بالتوبة. وآستعملي الدواءَ بالألم والدموع. وأَجبري كسر صورتك التي سقطت .. يا مَن نمتِ في الإثم قومي وآنفضي نعاسَكِ وأسرعي في التوبة وتضَّرعي، لعلَّ العادلَ يرضى عن دموعِكِ”. والتوبة تكون بالإعتراف بالخطايا وكشفها للكنيسة كما تُكشَفُ الأوجاع للطبيب لتصف مثله الدواءَ للخاطئين. فتقول الكنيسة :” فوَّض الرَّبُ دواءَ التوبة إلى أطِّباءَ مهَرَة هم كهنة الكنيسة. فمن جرحَه إبليس بأوجاع الإثم، ليأتِ ويكشِفْ قروحَه لتلاميذ الطبيب الحكيم، وهم يُشفونَه بالدواء الروحي”.

توبوا الى الله !

ليست التوبة حصرًا على العهد الجديد. بل هي، بعد خطيئة الإنسان، شغلَ الله الشاغل لكي يُعيده الى جادة الصواب فيتحرر من قيد ابليس ويسمع كلام الله فلا يخسر خيراته ومجده. منذ البداية نبَّه الله قايين الى الشر المتَرَّبِصِ به ولا يسمع الى دغدغات ابليس (تك4: 7). و يوم كَوَّن الله شعبَه الخاص ذكَّرَ أنه وحده إلَهٌ خالقٌ ومُخَّلصٌ وأن ابليس كاذب ومكَّارٌ خَدّاع فلا يثقوا بإيحاءاتِه :” أنا الرَّبُ إلَهُك..فلا يكن لكَ آلِهةٌ غيري” (خر20: 2-3)، لا كائنٌ ولا مالٌ ولا منصبٌ ولا شهوة، مُذَكِّرًا إيَّاهُ بأن العهد مع أبِ الشعب وأساسِه، إبراهيمَ، كان أن يكون مُلكًا لله ويحفظ كلامه. ثم طلب أن يتمَثَّل به فيكون قدّيسًا (أح19: 2)، أي لا يتنَّجسَ بأتّباع إيحاءات ابليس الجسدية والزمنية. وبكلمة أخرى أن يُغَّير سلوكه المادي المحض ليستقبل أنوار الروح. ففتح أمامه باب رحمته (خر20: 6) مؤَّكدا له دعوته الى التوبة (حز18: 23). فيذكرالكتاب عبرالأجيال أنَّ الله” صالحٌ ورحمتَه الى الأبد (مز118: 1). حتى اشعيا النبي دعا الشعب الى الثقة برحمة الله والتوبة فالطاعة لله فقال :” توبوا الى الله، لأنَّ في التوبة والطاعة خلاصَكم “(اش31: 6؛ 30: 15).

إذهب ولا تخطأ !

وعلى مر الأجيال قبل الله توبة الخاطئين. قبل يوسف توبة إخوته (تك50: 19-20) لأنَّ كلَّ شيءٍ تم بإرادة الله. وآسترحمه داود (مز51) فغفر له وثبَّت مُلكه للأبد بشخص المسيح (2 صم7: 13). فعل كذلك يونان فرحمه وأنقذه (يوف2). ويسوع غفر للآمرأة الخاطئة التائبة (لو7: 48) المجدلية التي أخرج منها سبعة شياطين (لو8: 2)، وكذلك لزَّكا العَّشار (لو19: 9)، وغفر لكسيح كفرناحوم (مر2: 5)، وللمرأة الزانية ودعاها الى التوبة وتغيير السلوك (يو8: 11). وغفر لصالبيه، ومن خلالهم لجميع البشرالذين أخطأوا في آدم (رم5: 12-14)

مُغَّلِبًا رحمَتَه على عدلِه (لو23: 34).

وعلى خُطى يسوع وسلوكه تدعو المسيحية الى التوبة لا الى العقاب، وتَسْتعملُ دواءَ الرحمة دون أن تُهملَ العدالة. فليست الصلوات والطقوس الكنسية، حتى عبادة القداس، إلّا دعوةً الى التوبة وإرشادًا فوسيلة لتحقيقها بأفضل طريقة، وتقديم الغذاء الروحي والدواء الألهي لسند مسيرة التغيير فالتشَّبه بالله وللوقاية من الضعفِ فالعودة ثانيةً الى الشر. ولمَّا ينشغلُ الناس كثيرًا بأمور الحياة الزمنية تقرعُ الكنيسة جرس الإنذار وتُذَّكرُ بإرشادِ الرب : إلى الأنتباه الدائم والجهاد المتواصل : ” إِسْهَروا وصَّلوا ، لئلا تقعوا في التجربة “.