إنجيل عيد الصليب !

أهلا وسهلا بالأخ متي إسماعيل

حضر الأخ متي قداس عيد الصليب وسمع الأنجيل وكان، حسبما إدّعاه، يوحنا 3: 13-17. وقد تعَّودَ أن يسمع نصَّ تلميذي عمّاوس في لوقا 24: 13-53، فسأل : لماذا الاختلاف في القراءات الطقسية ؟

يبدو أن الأخ متي إشترك، يوم عيد الصليب، في القداس اللاتيني حيث يُقرأ فعلا نص لقاء يسوع ونيقوديمس وليس نص لقاء يسوع بتلميذين من تلاميذه الأثنين وسبعين، مساء القيامة ، على طريق عماوس كما إعتاد أن يسمعه عندما يحضر القداس حسب الطقس الكلداني. أو ربما حضر القداس الكلداني، في رعية لاتينية وأستعمل الكاهن الكلداني، لسبب أو آخر، القراءات اللاتينية المُخَّصصة لذلك اليوم. المهم ليس هذا الأختلافُ فوضويًا بل هو تنظيمٌ طقسي خاص بكل كنيسة. يبدو من التقليد بأن الأجيال المسيحية الأولى إستعملت بنوع مُمَّيز إنجيل متى. ولازال أكثر إستعمالا من الأناجيل الأخرى. يعتقد البعض بسبب غزارة مادَّتِه. وغيرُهم بسبب تركيزه على ربط حياة يسوع بنبوءات العهد القديم. وغيرهم لأنَّ متى، وإن كان انجيله مَكتوبًا في نصِّه اليوناني الحالي بعد مرقس ولوقا، إلا إنه سبقهم في كتابة مختصر حياة يسوع، أقواله وأعماله، إستعملها الرسل للبشارة وهي الفصول السبعة الأولى زائدًا فصل المعجزات(8) و فصل الأمثلة (13)، ويُدعى عادة بـ ” متى الآرامي”. ثم نظَّمها جزءًا من الأنجيل اليوناني. وآستمَرَّت الأجيال التالية قراءَته وهو معروف أكثر في الأوساط الفلسطينية، وخاصَّة وأن إنجيل يوحنا لم يكن قد كتبَ حتى ولا مرقس ولوقا عندما بدأ إضطهاد المسيحيين منذ سنة 64/65م في روما.

رغم ذلك، ولمَّا إستتَّبَ الأمن وتنعمت الكنيسة بالسلام ( بعد سنة 313م) وكانت الأناجيل كلها قد كتبت باليونانية، وبدأت الكنيسة تنظمُ صلاتها وعبادتها، وكانت قد إنتشرت في آسيا وأوربا و أفريقيا وكَوَّنت لنفسها أنظمةً خاصَّة بكل منطقة، بعد كلِّ هذا لمْ ترَ الكنيسة حاجةً إلى توحيد كل الطقوس البدائية وإذابتِها في طقس واحد، بل ألهمها الروح القدس أن تُحافظَ كلُّ كنيسة محلية على ترتيبها للعبادة، لتتلوَّن العبادة وتعكسَ مواهب الروح لكل الشعوب، و ركَّزت بالمقابل على وحدة الأيمان وآستقامتِه في تلك الطقوس. وعليه إختلف نظام السنة الطقسية في كل كنيسة محلية لآشعاع الأيمان الواحد، تتغَّذى منه كلُّ الشعوب. وآختارت كلُّ كنيسة النصوصَ الكتابية { القراءات } من العهدين حسبما تتلاءمُ مع الفكرة الطقسية والتعليم المُراد إيصاله الى المؤمنين بالأرتباط مع الزمن والأحتفال الطقسيين. و عليه إختلفت القراءات والصلوات من طقس الى آخر رغم التأثر البادي لآرتبط كلها بمثال أو نموذج أصلي (أع2: 42) تمَّ استعماله مبنيا على الأيمان والتبشير به، ثم طوَّرته الكنائس المحلية ليتوالم مع الأنسان الذي يستعمله وبيئته وثقافته ليُثمر في بناء نموذج حياة المسيح في نفوس جميع المؤمنين. :- يمكن الأطلاع على المقال ” موضوع قراءات القداس” المنشور في الفيس بوك يوم 2018.8.8

القس بـول ربــان