أسـاقفة ، صليبُهم في جيب سترتهم !

أهلا وسهلا بالأخت دميانا مؤيد كالا.

في ملتقى شبابي قام نقاش حول صورة نُشرت لأساقفة عديدين يتوشحون الزي المدني مع “الياخة ” البيضاء وتبدو زناجيل الصلبان كلها أما الصلبان فتُخَّمَن كلها داخل جيب القميص أو السترة. فتأثرت الأخت دميانا وقالت :” لِمَ الخجلُ من صليبهم “؟. وأضافت :

### أتمنى تفسيرَ هذا الشيء !

إياكم ورياءُ الفرّيسيين ! لو12: 1

يبدو في إحدى الصور وكأنَّ الأسقف يخرج من لقاء عمل ، ندوة أو مؤتمرأو مقابلة، تحاوره سيدة. والبقية تجميع صور تجمعُ بينها لقطة ” الصليب في الجيب”. ربما أيضا تلك الصور أُلتُقِطتْ في مناسبة خاصة لمْ يُرد الأساقفة أنَّ يُرَّكزَ المقابل على صليبه بقدر ما أن يتواصل فكريا مع حامل الصليب ويتفاعل مع حياته أو حديثه. وأقصدُ أننا لا نقدر أن نتأكد من الحقيقة بتجميع صور لا ندري لا مصدرها ولا سبب نشرها بهذا الشكل. ولذا لا يحُّقُ لنا أن نحكم و نفَّسرَتصَّرف الغير. ومن جهة ثانية قال الرب :” لا تدينوا “(متى7: 1)، ولام بشدّة الفريسيين لأنهم يحكمون على غيرهم (يو8: 7و15). فإذن لا نعرفُ لماذا أخفى الأساقفة صلبانهم في جيوبهم. وإن كنا لا نعرفُ كيف ندّعي أنهم يخجلون بصلبانهم؟.

أعرفُ أساقفة وكرادلة أخفوا صلبانهم هكذا في جيوبهم، أثناء سفرهم ، حتى لا يجلبوا إنتباه الآخرين ولا يُثيروا عاطفة غيرهم أو إستياءَهم ، فلا يتعاملوا معهم تبعا لوظيفتهم ، بصفتهم أساقفًة ، بقدر ما يتعاملوا معهم كـانه ” انسان”. فهو إنسانٌ مثلهم يسافر معهم وليس أثناء إلقاءِ محاضرة دينية، ولا يقيم صلاة أو مراسيم دينية حتى يُظهرَعلامة درجته الكهنوتية. وأعرف غيرهم أخفوا صلبانهم أثناء جلسة عمل حتى لا ينشغلوا بصلبانهم بل يتابعوا المناقشات و الحوار الدائر ويكون حضورهم فاعلا. وربما أخفى غيرهم صلبانهم من باب التواضع حتى لا يُجَّرَب بالأفتخار بأسقفيته فلا يريدُ أن يُثبت الصليب على صدره ” ليراه الناس”، ولا أنْ يُعَّدلَ وضعه كلَّ كم دقيقة، كما يفعل بعضهم!، وكأنه يُريد جلب إنتباه الحاضرين. وربما أيضا أخفاه البعضُ بمجَّرد أنَّ ذلك أصبحَ ” موضة” يُقلدون بها من سبقهم وفعلوا ذلك من باب حب التغيير.

أما أن يكونوا يستحيون به فالله وحدَه يعلم ويحكمُ على نيَّة كل واحد وعلى الهدف الذي بسببه يتصرفُ بعض الأساقفة هكذا. أما نحن فلا ندين أحدا بل نحترمُ كهنوتهم لا بسبب وعندما تُزَّينُ صلبانُهم صدورَهم ، بل للكرامة الألهية التي أولاهم الله لخدمةِ الأنسانية. وحتى لو كانت نياتهم، لاسمح الله، غير سليمة يبقى الله وحده هو الحكم و القاضي. ليتَ الكنيسة أبطلت هذه الرموز التي لم تتوارثها من الرسل بل هي وليدة فكر الأنسان وقد لا ترتقي الى أبعد من القرن الثامن الميلادي!. كان الأساقفة يلبسون صلبانا ضمن بدلة القداس. ثم تحَّولت الى الصدور لتمييزهم من غيرهم لاسيما من الكهنة.

القس بـول ربــان