أسبوع الآلام والسواد

أهلا وسهلا بالشماس ممتاز بحودي

سأل الأخ ممتاز يقول :” علمنا أنَّ الصومَ إنتهى في أحد السعانين، إذًا لماذا نصلي” حْوَرْثاه دْ نْقومْ شَبّبيرْ” ؟. لماذا لا نقولُ في القداس ( مِنْ كْيانْ إيثوثهْ ) في ” قدّيش ” بدَلاً من ” أوشعنا “؟. لماذا يُسَمَّى أسبوعَ آلآلام ؟ هل يعني هذا أنَّه نبقى نلبس الهرار باللون الأسود ؟. ولماذا نلبس الهُرّار باللون الأسود باقي أيام الأُسبوع ؟. وهل نلبسُ يوم خميس الفصح الهُرّار ياللون الأسود أم الأبيض، بدليل أنَّ الصوم قد إنتهى؟.   

حْـوَرْثَاه ، و أوشعنا !

أوشعنا مرتبطة بتمجيد الله. إنها هتافُ النصر. ولأجل إحتفالية دخول يسوع كملك مُنتصر الى أورشليم أُوقفَ إستعمالها من أول يوم صومه الأربعيني إلى إنتهائِه. ويُستعادُ إستعمالُه في القداس مع آلإحتفال بملوكية المسيح وفرحةِ السعانين ( إبتهجي يا بنتَ صهيون وآهتفي هوذا ملكك يأتيك عادلاً مخلِصًا وديعًا..زك9: 9)، ليكون أكثر جمالاً وجلالاً. ولما إستعادَوا الهُتافُ آلأصيل لم يبقَ معنًى للقولِ البديل ( من كيان إيثوثه ..).

أمَّا رفيقُ الطلبة أثناء الصوم ” حْوَرْثاه ” فشاءُ مُنَظمُ الطقس أنْ يُسْتَمَّرَ في تلاوتها مع صوم المؤمنين خلال الأيام التالية لصوم المسيح، حتى رمش القيامة. أنا أُخَّمنُ ليرتبطَ الصومان ببعضهما. أشار كتاب الصلاة الطقسية إلى وجوب التلاوة دون أن يوضِحَّ الهدف. وكثيرة فقراتُ الصلاة التي أُضيفت أثناء الصوم على الصلاة صباحًا ومساءًا، وقليلةٌ التي أُهمِلَتْ. ومع إنتهاء صوم المسيح أُستعيدت بعضُ المُهمَلَة وأُلغيَت بعضٌ من المُضافة، ومع نهاية صوم المؤمنين بعيد القيامة تسترجعُ الصلاةُ نظامها وفقراتها كما كانت خارجَ الصوم.    

أُسبوعُ آلآلام !

هذا تعريفٌ شعبيٌّ وليس تسميَةً كنسية رسمية. تميلُ الكنيسة بالحري إلى تسميتِه بـ” الأسبوع المُقَدَّس” ، بسبب الأعياد التي يُحتَفَلُ بها خلالَه : السعانين ، ملوكية يسوع ؛ الخميس، عيد الكهنوت ؛ الجمعة ، عيد الخلاص ؛ السبت عيد نور المعمودية وآلأحد ، القيامة عيد آلإنتصار وتجديد الأنسان، بثبوت لاهوتِ المسيح وإلَهيةِ تعليمِه وتنظيمه. و صِفة آلالام أُطلِقَت على الجمعةِ وحدَها. فدعاها كتابُ الصلاة ” جمعة الآلم “. أي تذكرُ الصلاةُ فيها ألم المسيح، رغم أنَّها تعتبرُ اليومَ عيدًا. إذ قالت الصلاة يوم الأربعاء :” يا آبنَ مريم ! تقوم كنيستُك في الحزن لأنَّ موتَكَ مُؤلمٌ. وتُقيمُ عيدًا لأَلمِكَ وذكرًا لصلبِكَ، عوض الشعبِ الذي ظلمَ مجدَكَ ..”. وقالت صلاة اليوم ، جمعة الألم :” تقيمُ الكنيسة بآهتمام ، سنةً بعدَ سنة، يا مُخَلِّصَّنا، ذكرًا مُقَدَّسًا لألمكَ الثمين ، فأَهِّلْها إلى عيدك الحقيقي ثماني الأيّام “.

غابت هذه التعاليم السليمة عن عامَّة الناس فآستسلموا إلى عاطفةِ الألم والبُكاء، حتى جعلوا ، بتراتيلهم، يسوع ومريم يندبان حظهما ويتلوَّعان!!. مع انَّ يسوع نهى حتى النساء اللواتي تبعنه على طريق آلامه أن يبكينَ عليه :” لا تبكوا عليَّ..”. أمَّا نحن فلا فقط نبكي ولكن جعلنا يسوع ومريم أيضًا يبكيان ، ونفتخرُ بواعظٍ أبكانا، أو أنَّنا بوعظنا أبكينا المؤمنين، لأنهم تألَّموا على المسيح، وبالتالي سَمُّوا الأسبوع كلَّه ” أسبوع الآلام “! (!!) يكثرُ فيه الحديثُ عن الحزن والألم ، ويندرُ عن الفرح بالخلاص ؟.

لبس الهُرّار الأسود !  

تراثٌ ورثناهُ مِمَّن سبقونا، والذين بدورهم إستلهموهُ من الغريب، ولم يستنبطوهُ. إنَّه أثرُ ثمين لِمَا كان يجري في الإرسالياتِ اللاتينية في الشرق. كانوا يُغَطون، خلال أسبوع الآلام ، لوحات الكنيسة وتماثيلها وحتى صليب المذبح بقماشٍ أسود، حُزنًا على يسوع. و كانوا يرفعون تلك الأغطية مساء سبت النور، عند إعلان خبر القيامة. وكانوا يستعملون بدلات وهرارات سوداء أثناء الخدمة الكهنوتية والمراسيم الطقسية ، أيضًا في مراسيم الدفن أو الجنانيز. وقَلَّدَتها كنائِسُنا بدون إعتبار تراثها وطقسها الخاص. ليست الطامة الكبرى هنا. بل منذ حوالي ستين سنةً غيَّرت الكنيسة اللاتينية هذه العادة وبَدَّلت الأسود بالبنفسجي، و ألغت تغطية الكنيسة حزنًا على المسيح. فالأسود رمز الحزن بسبب عدم الأيمان بالقيامة والحياة الأبدية، ودليلٌ على اليأس والظلمة. أمَّا كنائِسُنا فظلت بعضُ الرعايا مُتعَّلقة بالأسود بحِجَّةِ أنه لون الإحترام في الطبقات ألراقية. وجاراهم خَدمُ البِـيَعْ. أمَّا الصلاة الطقسية فبريئةٌ من فِريةِ رعاية الأسود. ذُكرَت كلُّ الألوان في البدلات الكهنوتية المستعمَلة في الأزمنة القديمة إلى حدود قبل 300 سنة، ما عدا اللون الأسود.      

وإذا كان خميسُ الفصح عيدًا بل حتى جمعة الآلام فما المُبَّرر وأين المنطق في لبس الأسود ؟. وحتى في بقية أيام الأسبوع؟. وإنْ دلَّ لبسُ الأسود على شيء فهو يدُّلُ على فقرنا بالأيمان وجهلنا للطقوس الدينية، أو ليترجية المراسيم الدينية. وقد حَدَّد المجمع البطريركي اللون الأبيض لأعياد الميلاد والدنح والقيامة. أما غيرُها فلم يفرض حتى ولا اللون البنفسجي البديل للأسود. كلُّ ما يجري هو إمَّا التمَسُّكُ بالقديم أو تقليدُ الغير، وليس أبَدًا عن بادرة منظمة أو قرار رئاسي. وفي هذه الحالة يبقى سَيِّدَ الموقفِ الأُسقفُ المحَّلي، وإلاهُ فقانون الغاب.